قالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، اليوم الجمعة، إن القاهرة تعمل على محاصرة وفرض شروط على قوى المقاومة المتواجدة في مصر من خلال بوابتي الإعمار والعمل الوطني.
ونقلت الصحيفة عن مصادر خاصة، قولها، "القاهرة تحاول تمديد فترة وجود القيادات الفلسطينية في العاصمة المصرية، مع رفع مستوى الاتصالات التي يقودها رئيس المخابرات المصرية، الوزير عباس كامل، ومساعده الجديد «اللواء عمر»، بالإضافة إلى مسؤول ملفّ غزة أحمد عبد الخالق".
ووفق المصادر فإن مُمثّلي قوى المقاومة لمسوا أن هناك رغبة دولية في التعاون مع عواصم عربية تضمّ القاهرة، باستخدام ملفّ الإعمار في سياق تثبيت هدنة سياسية ــــ عسكرية طويلة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي. وذلك من خلال طرح ثلاثة عناوين تمّ وضعها في مسار موازٍ لمهمّة أخرى تضغط القاهرة لإنجازها، وتتعلّق بملفّ تبادل الأسرى والمعتقلين بين المقاومة وسلطات العدو.
وضمت العناوين الثلاثة:
الأول: ضرورة المباشرة بتفاوض فلسطيني ــــ فلسطيني برعاية مصرية، وصولاً إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولّى الإشراف على عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة، ومعالجة ملفّات اقتصادية ومعيشية في بقية المناطق الفلسطينية.
الثاني: معالجة كيفية إدارة المؤسسات الرسمية في قطاع غزة بعد إعادة ربطها بقرار مركزي في رئاسة الحكومة في رام الله، بما في ذلك البحث في ملفّ الأجهزة الأمنية والعسكرية.
الثالث: إعادة البحث في ملفّ الانتخابات التشريعية وفق آليات لا تفرض حصولها سريعاً أو ربطها بما يجري في القدس، وتأجيل البحث في إعادة تشكيل «منظّمة التحرير الفلسطينية» في هذه المرحلة.
وبحسب المصادر، فإن خلفية المبادرة المصرية تتّصل بكلام وصل إلى القيادات الفلسطينية، يحاكي آخر نُقل إلى جهات فلسطينية غداة وقف إطلاق النار في أيار الماضي، عن استراتيجية جديدة تعمل عليها الدوائر الغربية، وتقوم على «رشوة» الغزيين بمشروع إعمار ضخم، لكن يحتاج إلى عشر سنوات على الأقلّ، وأن يتمّ ذلك بإشراف إقليمي ودولي، وبالتعاون مع سلطة رسمية معترَف بها دولياً، على أن يترافق مع إقرار ولو ضمني بهدنة طويلة مع الاحتلال.
وأشارت المصادر إلى أن هذه الفكرة ترافقت مع رسائل معلَنة، وأخرى بواسطة أطراف عربية وإقليمية، بينها قطر وتركيا، إلى القيادات الفلسطينية، حول استعداد أوروبا لفتح قناة تواصل غير مباشرة مع حركة «حماس». لكن الواضح أن هذه القناة مشروطة بموافقة الحركة على برنامج الحلّ الحكومي والهدنة الطويلة. وهو ما لم تُجِب عنه «حماس»، بخلاف ما أعلنته سابقاً من أن ملفّ إعادة الإعمار هو ملفّ إنساني لا علاقة له بأيّ ظرف آخر، وأن وقف إطلاق النار لا يخصّ قطاع غزة، بل يخصّ هدف الجولة الأخيرة من المواجهة مع الاحتلال من أجل حماية القدس وسكّانها ومقدّساتها، وأن معالجة الملفّ الفلسطيني الداخلي لا تتمّ إلّا من خلال إعادة بناء «منظّمة التحرير» أو الذهاب إلى إطار آخر.
وبشأن الاتصالات الجارية في القاهرة، أشارت المصادر إلى أن فصائل المقاومة لا ترحّب بفكرة الحكومة، انطلاقاً من رفضها ربط الإعمار بأيّ تنازل سياسي، وأن هذه الفكرة لا يمكن أن تعوّض ضرورة إعادة تشكيل السلطة من خلال الانتخابات النيابية، وأن الحكومة مؤسسة تنفيذية لا يمكن أن تحلّ مكان «منظّمة التحرير» كإطار يعالج القضايا الاستراتيجية للشعب الفلسطيني.
وقالت المصادر إن قيادتَي «حماس» و»الجهاد الإسلامي» أبلغتا الوسيط المصري أنه إذا كانت الجهات المانحة تحتاج إلى سلطة مستقلّة للإشراف والتعاون في ملفّ الإعمار، فإنهما ترحّبان بتشكيل هيئة وطنية فلسطينية عليا للإعمار يشارك فيها كلّ المعنيّين بالملف، من دون ربطه بأيّ أجندة سياسية، مشدّدتَين على أن قوى المقاومة ليست معنيّة بالتعامل مع أيّ مساعدة مخصّصة للإعمار، وهي لا تحتاج إليها في برامج ترميم وتطوير قدراتها العسكرية.