كشف فيلم “حرب الأبراج” زيف الرواية الإسرائيلية الخاصة بالحرب الأخيرة على غزة، وأثبت عبر شهادات لمختصين عسكريين أن منطقة الرمال المستهدفة لم تكن تحوي ثكنات عسكرية كما زعمت "إسرائيل".
وقد رصد الفيلم، الذي بث على شاشة الجزيرة مساء اليوم الأحد (2021/6/13)، خريطة قصف الأبراج المدنية في غزة خلال الحرب الأخيرة 2021، وتسويتها بالأرض، وبحث في الأسباب الكامنة وراء استهدافها مع عرض مزاعم الاحتلال الإسرائيلي، التي ارتكز عليها في قصف ونسف الأبراج الأربعة؛ وهي (الجلاء، الشروق، الجوهرة، هنادي).
كما بين الفيلم رأي الخبراء العسكريين والحقوقيين في حقيقة هذه المزاعم، ومدى مصداقيتها على الأرض بالأدلة والشواهد، كما تتبع نتائج تحقيق المرصد الأورومتوسطي بشأن طبيعة الأهداف التي حوتها هذه الأبراج.
وكانت "إسرائيل" قد شنت في 11 مايو/أيار 2021 عملية عسكرية ضد قطاع غزة أسمتها "حارس الأسوار"، وقد سبقها أسابيع من التصعيد، واستفزازات ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية، ومحاولات اقتحام الصهاينة للحرم القدسي تحت حماية جنود الاحتلال.
وعرض "حرب الأبراج" شهادة لمقرر الأمم المتحدة السابق لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، ريتشارد فولك، الذي أكد فيها أن "إسرائيل" قامت بعدة استفزازات شملت عملية إخلاء لحي الشيخ جراح.
وأشار المسؤول الأممي السابق عن تنظيم مظاهرات يمينية بحماية إسرائيلية، أطلقت فيها هتافات منادية بالموت للعرب؛ مما قاد لمواجهات مع الفلسطينيين، "ثم اقتحام قوات الأمن الإسرائيلية المسجد الأقصى ومحيطه أواخر شهر رمضان لوقف العبادة فيه، معتبرا أن هذا السياق يبين إذا كان ما قامت به إسرائيل انتهاكا كاملا للقانون الدولي".
وكانت إسرائيل قد قامت خلال عدوانها على غزة، بتدمير الأبراج الموجودة بحي الرمال، أحد أكثر الأماكن حيوية في مدينة غزة. وفيه أهم المراكز التجارية ومقار المؤسسات الإعلامية والمنظمات الدولية، ولا يضم أي مقار عسكرية بسبب طبيعته السكانية المأهولة والتجارية، وبعده عن الحدود مع إسرائيل.
ومن جهته، اعتبر فولك أن "إسرائيل" طالما قدمت عملياتها العسكرية على أنها الأكثر أخلاقية؛ لكن بالبحث في حقيقة عملياتها يتبين أنها دعاية مصممة لإقناع العالم بشيء غير صحيح من خلال عكس الحقائق، مشيرا إلى أنه في معظم الأحيان لم تقم إسرائيل بإنذار السكان، وقامت بحملات عشوائية أوقعت عددا كبيرا من المدنيين.
بدوره، أشار رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، إلى أن حي الرمال في قطاع غزة يقطنه حوالي نصف مليون مواطن، وهو بعيد عن أي مخاطر عسكرية.
وأضاف أن "إسرائيل" لديها القدرة العسكرية على تحديد أهدافها بدقة، وكان بإمكانها التوجيه بدقة إلى أهدافها العسكرية المزعومة؛ لكنها لم تقم بذلك لأنها كانت تهدف إلى التدمير الكلي للأبراج.
وقال الصحفي والباحث المتخصص بالشؤون العسكرية للشرق الأوسط، جون إلمر، إن كتائب القسام وسرايا القدس يمتلكون شبكة أنفاق تحت قطاع غزة، وهذا يمنحهم القدرة على إبقاء عملياتهم العسكرية منفصلة تماما عن أكبر حي مدني في قطاع غزة، وهو الأقل منفعة لهم عسكريا.
أما المحامي الإسرائيلي المتخصص بقوانين الحروب، ميخائيل سفارد، شدد على أن الهدف من الهجمات الإسرائيلية، كان -على الأرجح- استعراضا للقوة بهدف تخويف سكان غزة، ولذلك يعتبر الهجوم غير قانوني وغير مشروع، وقد يرقى إلى أن يكون جريمة حرب.
وكان الجيش الإسرائيلي قد قدم مبررا لهجماته على الأبراج؛ لكونها تضم مكاتب استخباراتية لحركة "حماس"، وبهذا الصدد، أشار سفارد إلى مبدأ التناسب في قوانين الحرب الدولية، حيث لا يكفي أن يكون الهدف مشروعا لاستهدافه؛ لأنه إذا كانت النتيجة المتوقعة وقوع أضرار للمدنيين تفوق الميزة العسكرية يصبح الهجوم غير قانوني.