19.43°القدس
18.91°رام الله
18.3°الخليل
19.56°غزة
19.43° القدس
رام الله18.91°
الخليل18.3°
غزة19.56°
الثلاثاء 16 ابريل 2024
4.7جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.02يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.7
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.02
دولار أمريكي3.77
محمد ياسين

محمد ياسين

لماذا اغتيال نزار بنات جريمة فاصلة؟!

مازال الشارع الفلسطيني تحت وقع صدمة جريمة اغتيال المعارض السياسي نزار بنات، إذ أنها تأتي بعد أيام قليلة من كشف فضيحة لقاح كورونا منتهي الصلاحية، وكأن السلطة تحولت إلى مشروع فساد وإمعان في قهر وقتل المواطن الفلسطيني سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وبات الشغل الشاغل لقادتها التربح من مواقعهم القيادية واستثمارها لتحقيق مصالحهم الشخصية دون أدنى اعتبار لمصلحة المواطن الفلسطيني الذي بات يدفع فاتورة باهظة لوجود السلطة التي كان ينبغي عليها أن تعزز صموده وتحمي حقوقه الدستورية.

 

إن منبع الصدمة والذهول من جريمة اغتيال الناشط نزار بنات أنها تمثل فض للعقد الاجتماعي بين المجتمع والسلطة، باعتبار أن وجود أي سلطة مبرره الأساسي حماية المجتمع ورعاية مصالحه وصيانة حقوق أفراده الدستورية النابعة من مبادئ حقوق الإنسان، وفي المقدمة منها الحق في الحياة وحق حرية الرأي والتعبير، وكلا الحقين تم هضمهم بجريمة اغتيال بنات، إذ سطت السلطة عبر أجهزتها الأمنية على حقه في الحياة وكبتت حقه في حرية الرأي والتعبير، محاولة بذلك إرهاب وردع الأصوات المعارضة، وبالتالي تخلت السلطة عن دورها بحماية المجتمع ورعاية مصالح أفراده، وآثرت تهديد أمن واستقرار المجتمع والمس بسلامة أفراده، الأمر الذي يستدعي موقفاً صارماً من الشعب الفلسطيني.  

 

ومن نافلة القول أن السلطة مخولة باستخدام القوة الجبرية، لكن وفق القانون وفي إطاره فقط، وعدا ذلك، أي استخدام للقوة يدخل في سياق البلطجة والعربدة التي تنتمي لسلوك عصابات الإجرام، وبالتالي فإن جريمة اغتيال المعارض السياسي نزار بنات تدخل في إطار العمل الإجرامي، ولا تمت للقانون بصلة، إذ أقدمت قوة أمنية -بعد التنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي كون منزل الضحية في منطقة ضمن سيطرته الأمنية- على اقتحام منزل الناشط بنات في وقت متأخر من الليل، وأوسعته ضرباً، واقتادته إلى جهة مجهولة، ثم أعلنت وفاته بعد أقل من ساعة، موجهة بذلك طعنة نجلاء في قلب الشعب الفلسطيني الذي يتطلع لسلطة تحميه لا تغدر به.

 

كما أن جريمة اغتيال المعارض السياسي نزار بنات تجدد غصة الشارع الفلسطيني بالانقلاب على خيار صندوق الاقتراع الذي حال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس دون توجه المواطنين إليه خلال شهر مايو الماضي، متذرعًا برفض الاحتلال الإسرائيلي السماح بإجراء الانتخابات في مدينة القدس المحتلة، مع أن الأمور أوضح من الشمس في رابعة النهار، إذ إنه مجرد هروب من فوز محقق بدت مؤشراته وإرهاصاته قوية لخصمه السياسي، فجريمة الاغتيال تظهر مدى هشاشة وضعف السلطة التي باتت تخشى الكلمة الحرة، وتسعى كما الأنظمة المستبدة لكتم الأصوات المعارضة، وما ذلك إلا مؤشر على مدى حاجة الشعب الفلسطيني لقيادة قوية قادرة على حمايته ورعاية مصالحه وقيادته نحو بر الأمان.

 

ومن المؤسف حقاً أن واقع الحال في الضفة الغربية يشير أننا أمام إمارة ظلامية بمعنى الكلمة، فلا صوت يعلو فوق صوت الرئيس والرئيس فقط، ومن يعارض أو يخالف فلا مكان له بالضفة سوى السجن أو القبر أو القهر بالفصل من الوظيفة والحرمان من الراتب، وبكل الأحوال، فلم يناضل الشعب الفلسطيني على مدار عقود طويلة من أجل سلطة تذله، ولم يقدم آلاف الشهداء والجرحى والأسرى من أجل سلطة ينخرها الفساد من رأسها حتى أخمص قدميها.

 

لا ينبغي أن تمر جريمة اغتيال الناشط نزار بنات دون محاسبة لكل من تورط فيها، واتخاذ عقوبات رادعة بحقهم، وإلا فإن مرورها مرور الكرام لا يعني سوى توحش مرتكبيها لاقتراف غيرها، وبالتالي ينبغي انتظار الجريمة المقبلة، الأمر الذي من شأنه قيادة المجتمع الفلسطيني نحو مربع التيه والخوف، وتشويه الحلم الوطني بالحرية والاستقلال والعيش بكرامة بعيداً عن بطش الاحتلال واغتصابه لحقوق الشعب الفلسطيني، لاسيما أن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند.

المصدر / المصدر: فلسطين الآن