فرِحت الشعوب العربية بسقوط حكم نتنياهو قبل مدة، وربطت بين سقوط نتنياهو وسقوط القدرة الإسرائيلية على تركيع قطاع غزة، وأثر ذلك في النظام العربي عامة، وفي أنظمة التطبيع خاصة، فقد عد البعض سقوط نتنياهو سقوطاً لحلفائه المطبعين.
من حق الشعوب العربية الفرح لغياب نتنياهو عن المشهد السياسي الإسرائيلي، ولكن على الجميع أن يكون حذراً بتقديراته، فنتنياهو مجرد قائد، له سياسته المميزة، وأطماعه الواسعة، وعدوانه الظاهر، ولكنه أحد أفراد المؤسسة الحاكمة في دولة معادية، ومحكوم لقرارات المؤسسة الأمنية والسياسية التي تلتم جلساتها بشكل منتظم، وعلى رئيس الوزراء أن يستمع لكل الآراء، وأن يأخذ في قراره برأي الأغلبية، فلا تفرد بالقرار داخل المؤسسة.
لقد رفض قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية مغامرة نتنياهو سنة 2011، حين حاول مهاجمة إيران، فأجبروه على التراجع، والالتزام برأي المؤسسة الأمنية، وكذلك رفض قادة الأجهزة الأمنية مغامرة نتنياهو سنة 2019 حين ظن أن شن حرب على غزة، سيرفع من أسهمه الانتخابية، وتراجع نتنياهو في شهر مارس من هذا العام عن قراره رفض طلب الأردن زيادة كمية المياه التي يحتاج إليها الشعب الأردني، فكان اعتراض جهاز الموساد بمنزلة صفعة لقرار رئيس الوزراء نتنياهو، وتم تزويد الأردن بالماء، خشية من غضب الشعب الأردني، الذي لا تقوى أجهزة الأمن الإسرائيلي على احتماله، فجاء رئيس الوزراء الحالي بسياسة جديدة تجاه الأردن، وأجرى أول اتصال هاتفي مع الملك عبد الله الثاني.
سقوط نتنياهو شكل فرحاً لبعض الإسرائيليين من منطلقات حزبية وحتى شخصية، أما بالنسبة لنا نحن العرب، فلا فرق لدينا بين هذا الإرهابي المدعو بنيامين نتنياهو، والإرهابي نفتالي بينيت، فكلاهما قاتل إرهابي، وكلهم يتفاخر بعدائه للعرب، وقد أظهر زعيم حزب يمينا المتطرف نفتالي بينيت عداءً غير مسبوق للعرب، فوصف القضية الفلسطينية بالشظية في المؤخرة، وتفاخر بأنه قتل بيده مجموعة من العرب، وقد أصر في آخر لقاء له مع القناة 13 على مواصلة الاستيطان، والاستعداد للمزيد من الحروب على غزة، ومهاجمة لبنان، ومواصلة تقديم كل أشكال الدعم للمستوطنين، والتضييق على حياة الفلسطينيين، فكان أول قرارات الحكومة الحالية اقتطاع أكثر من 500 مليون شيكل من أموال المقاصة الخاصة بالسلطة الفلسطينية.
من حق الشعوب العربية أن تفرح للحالة السياسية التي وصل إليها الكيان الصهيوني، حالة الانفلات والتشرذم وانعدام الثقة، هذا الوضع الداخلي الإسرائيلي يؤشر على تجاوز دولة العدو مرحلة العلو في البنيان، ودخولها مرحلة انحطاط الكيان، وهذا هو مستند الفرح العربي، وهذا هو منطلق التحرك العربي الهادف إلى استثمار حالة الانقسام الإسرائيلي بالدعوة إلى تكاتف كل القوى الثورية في بلاد العرب، وتوحدها خلف رجال المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وتقديم كل أشكال الدعم لها، والعمل على أن تكون القوى الثورية العربية هي منطلق الفعل المقاوم في المرحلة القادمة من الصراع، ليكون الهدف الذي تلتقي عليه كل طلائع الأمة هو القضاء دولة العدو الإسرائيلي، الدولة التي أتقنت فن التآمر على الشعوب العربية في المشرق والمغرب.