بتنا معتادين على هذا. فالحدث الذي كان يجر عناوين رئيسة ومداولات أصبح اليوم شيئاً لا يؤبه له – رياضي من دولة عربية ينسحب من المعركة ضد "إسرائيل". سنقول إن عالم الرياضة الإسرائيلي لا يدخل في صدمة تامة عندما أعلن فتحي نورين الجزائري قبل بضعة أيام، بعد قرعة المعارك، بأنه يرفض تنافسه ضد طوهر بوتبول في مباراة الجودو الأولمبية في طوكيو. ولكن ما حصل هذه المرة يعد ارتفاعاً في درجة الوقاحة، وعلى اللجنة الأولمبية أن ترد بما يتناسب مع ذلك – لأنهم يجعلون منها أضحوكة.
في الماضي كان المقاطعون يكبدون أنفسهم بإنتاج مسرحية كاملة، فقد كانوا يتظاهرون بالإصابات كي يقدموا العذر المزعوم بانسحابهم من المعركة، وليس التغيب التام بل افتعال حادثة. أما نورين فرفع المستوى وبصق على وجه الرياضي، عندما تبين له أن الفوز في الجولة الأولى سيرتب له لقاء مع بوتبول، أعلن على الملأ بأنه لن يتنافس، وأضاف في مقابلة مع التلفزيون الجزائري، مفتخراً: “لا أريد ليديّ أن تتسخا به”. ولخص مدربه الأمر ببساطة: “لم يكن لنا حظ في القرعة، فحصلنا على خصم إسرائيلي، فاضطررنا إلى الانسحاب”.
من الصعب أن نفهم كيف وصلنا إلى واقع مسموح فيه الحديث بهذا الشكل دون خجل. فاللجنة الأولمبية تتنكر للسياسة وتحافظ على خط متصلب في الموضوع – بما في ذلك تقييد التعبير السياسي في أثناء المباريات – فكيف يحتمل أن تكرر هذه الحالات نفسها؟ العقوبة التي تلقاها نورين ومدربه كانت الإبعاد عن القرية الأولمبية – ولكنها نكتة؛ كون قوانين كورونا تقرر بأن الرياضي ملزم بمغادرة اليابان في غضون ثلاثة أيام من انتهاء مباراته، ونورين كان حزم حقائبه.
الخطوة المتطرفة نتيجة واضحة لموجة التحريض ضد إسرائيل في العالم. فنورين لم يكلف نفسه عناء تمويه السبب الحقيقي، بل عظمه.
ولتـأكيد الإساءة، جاء محمد عبد الرسول -في الواقع لم يأتِ- لاعب الجودو السوداني، وحظي بفوز فني على نورين المنسحب. ولكنه لم يظهر هو أيضاً في المعركة المخطط لها مقابل بوتبول. بخلاف الجزائري، لم يتبجح على الملأ بخطوته ولم يقدم مبرراً.
ولكن لحظة، ألَسنا في تطبيع مع السودانيين؟ لو سمحتم، كل علاقات السلام الباردة هذه سبق أن أثبتت بأنها لا يمكنها أن تغير الواقع، مثلما في حالة الرياضي المصري الذي رفض مصافحة اوري ساسون الإسرائيلي في أولمبيادة ريو 2016. إذن هناك كل أنواع الاتفاقات والبنود والبنود الفرعية وحبر الطابعة. أما على الأرض، أي على المنصة الأبرز التي تفحص فيها العلاقات الإنسانية، فيثبت رياضيو هذه الدول أنهم لا يعتبرون إسرائيل موجودة.
وهذا يجب أن ينتهي. سبق أن عاقب اتحاد الجودو العالمي الاتحاد الإيراني بتجميد طويل بسبب حالة مشابهة، والآن حان دور اللجنة الأولمبية. بعد أن أصلح رئيس اللجنة توماس باخ، الظلم التاريخي وأضاف دقيقة صمت لشهداء ميونخ في الاحتفال الافتتاحي، حان الوقت لإنهاء هذه الحقارة: المقاطعة تساوي التجميد الدائم للرياضي، وتحذيراً من أن تؤدي خطوة مشابهة إلى إبعاد كل بعثة الدولة في المرة المقبلة.