لم تعش كرة السلة الفلسطينية خيبة أمل منذ 7 أعوام كما عاشتها خلال الأيام القليلة الماضية، بعد فشل المنتخب الوطني في التأهل لكأس الأمم الأسيوية، بعد الخسارة في الملحق الأسيوي أمام المنتخب الهندي والمنتخب السعودي.
ورغم التحضيرات الكبيرة والمعسكرات الداخلية والخارجية للمنتخب، إلا أن المنتخب الوطني أخفق في التأهل، في ظل حالة متردية وأوضاع صعبة يعشيها الاتحاد الفلسطيني لكرة السلة، بعدما سيطرت ديكتاتورية إبراهيم حبش على أرجاء وعناصر الاتحاد سواء في الضفة أو غزة.
وبدأ التراجع والانهيار واضحاً في المنتخب الوطني منذ بداية التصفيات، حيث لم يظهر المنتخب بالشكل المطلوب منه كما ظهر في عهدي خضر دياب وخضر عبارة، اللذان ساهما بشكل كبير في تطوير المنتخب، وقدم أداءً مميزاً خاصة في كأس الأمم الأسيوية عام 2015.
وشهد فشل المنتخب بالتأهل لكأس الأمم الأسيوية، غضب واسع من الرياضيين والمتابعين لكرة السلة، محملين الاتحاد برأس هرمه إبراهيم حبش المسؤولية عن هذا الفشل الذريع.
ويعود الإقصاء الذي تعرض له المنتخب الوطني لعدة أسباب مهمة، نستعرضها لكم في وكالة "فلسطين الآن" في سياق التقرير التالي.
ضعف الاتحاد وضعف التواصل المستمر
واعتبر المدير الفني لنادي شباب البريج أن فشل تأهل المنتخب يعود إلى أسباب عديدة، وأبرزها، الاستعداد الضعيف ومواجهه فرق ضعيفة قبل خوض غمار التصفيات المؤهلة لأمم آسيا، إضافة لعدم استدعاء وغياب بعض اللاعبين المؤثرين الذين كانوا لهم دور بارز في تفوق المنتخب في الأعوام الماضية.
وأضاف الصوص في حديثه لـ"فلسطين الآن"، أن أبرز الأسباب أيضاً، هو عدم إعطاء الفرصة لبعض اللاعبين المتواجدين في المنتخب وعدم اشراكهم الوقت الكافي في المباريات، وفقدان الروح القتالية وعدم إعطاء فانيلة المنتخب حقها، إضافة إلى تواجد معظم لاعبي المنتخب في الدوري المحلى الأمر الذي أدى لضعف مستواهم، وظهور بمستوى ضعيف مع المنتخب.
وأكد الصوص أن ما أوصل المنتخب الوطني لهذه الحالة، هو المدرب السابق كافتر، مبيناً أن المدرب يجب أن يتوفر لديه كافة الأدوات والخامات المميزة، إضافة لتوفر بيئة عمل مريحة وإعطاءه كافة الصلاحيات لإبراز طاقاته مع المنتخب، مبيناً أن تواجد المدرب الصربي الحالي أو مدرب محلي آخر، لما وصل المنتخب للملحق، وتأهل مباشرة من التصفيات المباشرة.
وعن دور الاتحاد ورئيسه في تحمل الفشل، أكد الصوص أن الاتحاد الفلسطيني بشكل عام يمثل الكل الفلسطيني، لكن تواجدنا في بلد محتل ووطناً مقسم، أدى إلى ضعف الاتحاد وضعف التواصل المستمر بين أركان المنظومة السلوية، لكن هذا الامر لا يمنع أن يكون جميع أفراد المنظومة السلوية على دراية كاملة بما يدور في الخفاء والعلن بكل شيء يخص كرة السلة الفلسطينية، متمنياً من أعضاء الاتحاد بغزة الاستفاقة من نومهم العميق ومراجعة حساباتهم في المرحلة القادمة، لأن التاريخ لن يرحم أحد.
أما بخصوص حرمان لاعبي قطاع غزة من المشاركة مع المنتخب، فأشار الصوص إلى أن أعضاء الاتحاد في غزة هم السبب الرئيسي في عدم استدعائهم، مبيناً أنهم يساندون ويؤيدون هذه الفكرة، وليس فقط على صعيد اللاعبين، بل على صعيد الإداريين والمدربين، مؤكداً أن غزة يتواجد بها ألمع النجوم التي تستحق تمثيل المنتخب، إضافة لتواجد مدربين وإداريين قادرين على تحمل المسؤولية، متسآئلاً، لماذا لا يتم استدعاء عدد من اللاعبين للمعسكر التحضيري واختيار الأفضل منهم؟
ولفت الصوص إلى أنه يجب مراجعة الأسباب والتعلم من الأخطاء لعد تكرارها وأن تشكل لجان تحقيق لمحاسبة كل من كان له سبب في وصول منتخبا إلى هذه الحالة، خاصة في ظل الغياب الكبير الذي سيغيبه المنتخب عن الساحة الأسيوية والعالمية في الفترة القادمة.
وعلى صعيد الحلول التي جيب أن يتم إيجادها وتطبيها بعد فشل المنتخب في التأهل، فأوضح الصوص، أنه لدينا الوقت الكافي لإعادة ترتيب الأوراق وإعادة الحسابات للنهوض من جديد وتكوين جيل قوى قادر على إعادة هيبة المنتخب ووضعه في مساره الصحيح، مبيناً أن المنتخب يمثل جميع أطياف الوطن.
وشدد الصوص على أن يجب إعطاء جميع اللاعبين المميزين حقهم في تمثيل المنتخب، إضافة لتكوين جهاز فني قوي سواء كان المدرب أجنبي أم محلي، إضافة لإعطاء غزة حقها في تمثيل المنتخب على جميع الأصعدة، من لاعبين ومدربين وإداريين، والعمل على وضع التسهيلات لتواجد الجهاز الفني في غزة.
كما طالب الصوص بالعمل على استكشاف الطيور المهاجرة خارج الوطن، مبيناً أن فلسطين ولادة في جميع المجالات، إضافة لعمل الاتحاد على مساعدة بعض اللاعبين للاحتراف في دول مستواها الفني أعلى لاكتسابهم الخبرات التي تساعد كرة السلة الفلسطينية بشكل صحيح.
المدرب الأجنبي ودوره السلبي
بدوره اعتبر المحلل الرياضي في كرة السلة الفلسطينية محمد علي الخطيب، أن أبرز أسباب فشل المنتخب في التأهل لكأس الأمم الأسيوية، هو عدم الحيادية والموضوعية في الاختيار من الأساس، وتحكم شخص ما في اختيار عناصر المنتخب، إضافة لغياب لاعبين أساسيين وعدم التحضير الجيد، وعدم التناغم بين العناصر الأساسية والاحتياط من جهة، وعدم دراية مدرب المنتخب باللاعبين، الأمر الذي أوصلنا لهذه المرحلة من الفشل.
وأكد الخطيب في حديثه لـ"فلسطين الآن"، أن المدرب الأجنبي كان له دور سلبي بارز في فشل المنتخب، إذ أن اختياراته لعناصر المنتخب جاءت بدون موضوعية أو بالأحرى، هو ليس من اختار المنتخب، وتم توجيهه لاختيارات اللاعبين، وعدم دراسته بشكل جيد للمنتخبات المنافسة.
كما أكد الخطيب، أن من علامات فشل المدرب الأجنبي، هو الاستهتار الذي حدث في مباراة الهند، حيث كان واضحاً أن المدرب لم يجيد قيادة المباراة رغم تقدم منتخبنا وخسارته في الرمق الأخير، مبيناً أن الخسارة جاءت بعد مجاملة بعض اللاعبين وظلم آخرين، إضافة أن هناك أحد الأشخاص كان يدير المباراة من خلف الستار.
واعتبر الخطيب أن حبش لا تقع عليه مسؤولية كاملة في فشل المنتخب، مبيناً أن الفشل يقع على من رضي أن يكون مجهولاً ومجرد رقم يسمع ويطيع، فمن الطبيعي أن يكون رئيس الاتحاد بيده كل السلطات، وهو يمنح الإذن أو ما شابه، لتكون النتيجة أن أغلب أعضاء الاتحاد ليسوا بعلم ما يجري داخل أروقة الاتحاد.
أما بشأن عدم مشاركة لاعبي غزة مع المنتخب، فأكد الخطيب أن هذا الأمر غريب جداً، مبيناً أن قطاع غزى لا يعلم شيء بخصوص المنتخب من ناحية اللاعبين الذين يتم استدعائهم على استحياء، حيث أمضوا لا يشاركون إذا تم استدعائهم.
وأضاف: "كما أننا لا نرى مدربين أو مساعدين من غزة إضافة إلى عدم تجديد الشارة الدولية للحكام وعدم ترشيح حكام جدد والحجج كثيرة".
وحمّل الخطيب مسؤولية هذه القضة لأعضاء الاتحاد في غزة، مبيناً أنه يتوجب عليهم التصدي لهذه المواقف، وأن تكون شخصيتهم حاضرة ولهم موقف مسؤول من الظلم الواقع، مشيراً إلى أنه لن نرى أي شيء، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
وعن التداعيات التي سيسبها فشل المنتخب بالتأهل، فأكد الخطيب أن المنتخب الآن سيتراجع في التصنيف الدولي، إضافة لغياب مشاركة المنتخب في المناسبات القادمة لمدة طويلة، وانخفاض مستوى تمثيل التحكيم السلوي في المسابقات الأسيوية، إضافة لعدم خروج حكام لتجديد الشارة الدولية، إضافة إلى خسارة لاعبين جيدين واعتذارهم عن الانضمام لصفوف المنتخب.
وأضاف: "أصبحنا نبحث عن أسباب الفشل و نجدها ولكن لا يتم علاجها ولوعدنا إلى لوائح اللعبة نجد أن أهم البنود هو نشر وتطوير اللعبة ولكن ما نراه هو العكس فإن اللعبة قلت تدريجيا ولم نعد نرى سرية رام الله أحد أقطاب اللعبة وتراجع مستواها ونادي قلنديا وغيرها".
وتابع: "الاتحاد أصبح بشكل مصغر عبارة عن لجنة مسابقات تنظم البطولة هذه أو غيرها ولم نرى خبراء كرة سلة يتم استقطابهم وعقد دورات ولم نعد نرى دوري الناشئين الذي يتم في مدة لا تتجاوز اقل من شهر وغاب دوري المدارس وغاب التنسيق بين الاتحاد ومديريات التعليم وغابت الحوافز التي يتم من خلالها الاستقطاب لنشر اللعبة وغياب الكادر التدريبي المدرب وغياب الأهداف التي من أجلها جاء الاتحاد وأهم من ذلك غياب دور الجمعية العمومية التي هي الوحيدة القادرة على فرز الأشخاص المؤهلين لقيادة الاتحاد بفعل فرض أفراد على الاتحاد بانتخابات صورية تشبه مسرحية هزلية.
الواقع التعيس التي تعيشه البرتقالية الفلسطينية
بدوره أكد بلال غرة أحد المدريين الوطنين للسلة الفلسطينية، أن خسارة المنتخب الوطني أمام الهند والسعودية وفشله في التأهل لكأس الأمم الأسيوية، كانت مؤلمة لمن يعشق كرة السلة، مبيناً أنه يجب أن لا ننسى أننا لسنا في إحدى إمبراطوريات كرة السلة بالعالم، فإمكانياتنا ومواردنا محدودة ومستوى لاعبينا محدود، مشيراً إلى أن الأسباب التي جعلت المنتخب يفشل في التأهل، هي "انقسام الوطن وعدم القدرة على استغلال جميع الطاقات والمواهب، وعدم وجود الخامات الكافية من اللاعبين من المستوى المطلوب لمستوى اللعب في المنتخب، إضافة لأخطاء ارتكبت على مدار السنين في الاتحادات السابقة".
وأوضح غرة في حديثه لـ"فلسطين الآن"، أن المدرب الأجنبي ليس مشكلة المنتخب ولا مشكلة السلة الفلسطينية، مبيناً أن كرة السلة الفلسطينية لا تمتلك مدربين محللين من الضفة أو غزة، يمكنهم قيادة المنتخب، مبيناً أن هذا رأيه المهني، مشيراً إلى أنه لا يوجد لدى المدرب المحلي شهادات تدريب عليا، فليس كل من حمل اللوح أو قفز على الخط أو حصل على بطولة هنا أو هناك يستحق أن يقود المنتخب.
وأشار غرة إلى أن المنتخب مكان مقدس، ليس كل لاعب أو مدرب يستطيع الوصول إليه، مبيناً أن كرة السلة أعمق وأعرض مما نشاهدها في دورينا ومما يقدمه مدربينا، مبيناً أن التواضع مطلوب.
وأكد غرة أنه لا يملك الأدوات بالحكم على أداء الاتحاد، مبيناً أنه لا يتعامل في القيل والقال، والناس تستطيع القول ما تريد، والواقع يفرض أشياء أخرى، مبيناً أن الحديث عن استفراد البعض بالاتحاد غير صحيح، مبيناً أن كان ضيف على عدة اجتماعات للهيئة، ولم يرى إلا أن الاتفاقات كانت حاضرة في الأغلب، ولكن أحياناً يضطر رئيس الاتحاد لاتخاذ قرارات عاجلة ومهمة لا تحتمل التأخير، وليس هناك من الوقت أخذ رأي الجميع، مبيناً أن هذا من وظيفة رئيس الاتحاد.
أما بخصوص عدم استدعاء لاعبي غزة للمنتخب، فـأكد غرة أن حبش بريء من هذه القضية، مبيناً أنه من مصلحته تواجد أكبر عدد ممكن من اللاعبين ذات المواهب والقدرات العالية لاختيار عناصر المنتخب، مبيناً أن الاحتلال الإسرائيلي هو السبب الرئيسي في هذه القضية، والذي يعمل أيضاً على معاناة اللاعبين القادمين من الشتات والذي يواجهون الويلات.
وتسآءل غرة، لماذا لا نلعب دوري فلسطيني واحد؟، فيوجد دوري في غزة ودوري في الضفة، لماذا لا نلعب دوري واحد؟، لماذا الحكام في غزه لا يستطيعوا التحكيم في الضفة والعكس صحيح؟
وعن التداعيات التي سيسببها فشل المنتخب، أضاف غرة في حديثه: "ما هي التداعيات التي ستطغى على كرة السلة الفلسطينية بعد النجاح، ولا حاجة، فقط ضغط زائد ومصاريف كبيره لتحضير المنتخب والانشغال في المنتخب بشكل مطلق".
وتمنى غرة أن تكون تداعيات هذا الفشل هو الأكسجين الذي بحاجة له كرة السلة الفلسطينية، وتطوريها، مبيناً أن هذه صفعة لينهض الجميع إلى الواقع التعيس التي تعيشه البرتقالية الفلسطينية.
أما بشأن الحلول التي يجب أن يتم وضعها لإعادة هيبة كرة السلة الفلسطينية، فأكد غرة أنه يجب إعادة النظر في جميع جوانب اللعبة، وأهمها المدرب والحديث ليس عن مدرب سافر يومين أو على "الأون لاين" وحصل على شهاده وأصبح يطالب بتدريب المنتخب، إضافة لوضع قوانين ضمن الاتحاد تساعد على تطوير اللعبة، واهتمام الأندية بلاعبيها، وتوسيع نطاق التعاون بين الأندية والاتحاد والتعامل على أساس تعاوني وليس أساس التربص والترقب، وضخ الأموال وبناء المنشأت، وتكثيف معسكرات التدريب والورش المهنية للاعب والمدرب.