لا أستبعد صحة الأنباء التي تتحدث عن عقد لقاء بين واشنطن وحركة حماس في الدوحة مؤخرا، كل شيء ممكن والسياسة لا تعرف المستحيل، وأن حديث المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية القطرية، لولوة الخاطر لوكالة سبوتنيك الروسية: "إن الدوحة منفتحة على أداء دور الوساطة بين أي من القوى الإقليمية، سواء بين واشنطن وحركة "حماس"، أو إيران والسعودية. وأضافت، أن هناك احتمالية استضافة الدوحة لقاء بين "حماس" وواشنطن، وأن "قطر منفتحة على الوساطة متى طُلب منها ذلك، إيماناً منها بأهمية الوساطة للسلم والاستقرار الدوليين".
إن حديث الخارجية القطرية ليس قفزة في الهواء بل مستند لإرهاصات متعلقة برؤية ومعلومات، وأن ثمة عوامل تدعم التوجه القطري، وعوامل أخرى تضعف فرص إجراء محادثات بين حماس وواشنطن.
أولاً: العوامل التي تدعم من عقد لقاءات بين واشنطن وحماس.
1. نجاح تجربة الاتصالات مع طالبان، رغم الاختلاف بين المشهدين فإنه يعزز من فرص نجاح هذا المسار.
2. ضعف السلطة الفلسطينية وتزايد قوة وشعبية حماس بعد معركة سيف القدس قد يدفع واشنطن لاحتواء حماس والحديث معها بما يحقق حالة استقرار بالمنطقة تريدها واشنطن.
3. رفع جماعة الحوثي من قائمة الإرهاب الدولي، وتوصية بعض مراكز البحث الأمريكي لا سيما إحدى دراسات هادي عمرو بضرورة العمل على إعادة النظر في قانون الإرهاب لعام 1987م.
4. التفاعلات داخل الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، وبروز أصوات داعمة للفلسطينيين من التيار الاشتراكي في الحزب الديمقراطي لا سيما من الشباب، تشكل عامل ضغط على إدارة بايدن بضرورة العمل على حل الصراع، ولا يمكن حل الصراع دون احتواء حماس والانفتاح عليها والتعامل معها بعدِّها جزءًا من الحل وليس المشكلة.
5. تزايد الأصوات داخل (إسرائيل)، وفي قطاع غزة بضرورة إجراء محادثات مباشرة بين (إسرائيل) وحماس لضمان الهدوء والاستقرار للطرفين.
ثانياً: العوامل التي تضعف من فرص عقد لقاءات ومحادثات بين حماس والولايات المتحدة.
1. الموقف الأمريكي من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإن تغير للأفضل بالمقارنة مع حقبة ترامب فإنه ما زال منحازاً إلى (إسرائيل).
2. لم تغير حماس من استراتيجيتها التحررية، ولم تعترف بشروط الرباعية.
3. موقف منظمة التحرير الرافضة لمثل هكذا لقاءات، ويدعمها في ذلك أطراف إقليمية ودولية.
الخلاصة: لا يختلف أحد على أن حركة حماس فاعل رئيس في النظام السياسي الفلسطيني، وهي من تسيطر على قطاع غزة ولها وزنها في الضفة الغربية، ولا يمكن تمرير تسوية دون موافقتها، وإن حسم المعركة معها مكلف للغاية وله تداعيات كبرى، وهو ما يعزز من فرص إجراء اتصالات معها، ولكن في تقديري لن يعلن عنها في هذا التوقيت، وقد تأخذ أحد الشكلين: رسمية سرية، أو غير رسمية علنية.