حذّر رئيس اتحاد بلديات قطاع غزة، يحيى السرّاج، من حدوث انهيارات أرضية في فصل الشتاء، من جرّاء التأخر في إعادة إعمار البنى التحتية التي استهدفها الاحتلال الإسرائيلي، خلال الحرب الأخيرة التي شنها على القطاع المحاصر في أيار/ مايو الماضي.
وقال السراج الذي يرأس بلدية مدينة غزة، إن الاستهداف الإسرائيلي للبنية التحتية، ترك حفرا تحت الأرض بعمق يتراوح بين 5-10 أمتار، لم يتم صيانتها بعد؛ فضلا عن تدمير خطوط الصرف الصحي، والمياه، وخطوط تجمّع مياه الأمطار، ما يزيد من خطورة حدوث فيضانات وغرق للمناطق المستهدفة.
أضرار كبيرة
وقال السرّاج إن البنية التحتية في غزة تعرّضت للاستهداف المباشر والمُمنهج، خلال العدوان الإسرائيلي الأخير. وتابع "هذا الاستهداف أثّر بشكل كبير على الخدمات المقدّمة من البلديات، وترك حفرا عميقة في الأرض تصل في بعض الأحيان إلى 10 أمتار".
كما تسبب العدوان، بحسب السرّاج، بتلف وأضرار في معظم "الخطوط في البنى التحتية، سواء شبكات المياه، أو الصرف الصحي، أو خطوط تصريف مياه الأمطار، أو الكهرباء والاتصالات".
وأوضح أن البلديات بذلت جهدا كبيرا لـ"إصلاح ما يمكن إصلاحه من تلك الأضرار لكن بإمكانيات بسيطة ومحدودة، وبدعم بسيط من حكومة غزة (تديرها حركة حماس)".
وأعرب عن تخوفاته من عدم "إجراء إصلاح كبير وشامل خاصة لخطوط مياه تصريف الأمطار". وأوضح أن "الإصلاح الحالي مؤقت وغير شامل، ولا ندري تماما ماذا حصل تحت الأرض، وما عمق التلف الحاصل، ما قمنا بإصلاحه هو الأضرار الواضحة والقريبة والمباشرة".
وأردف أن طواقم البلديات "تتفاجأ أحيانا بوجود تلف في البنية التحتية، لا يُعرف مصدره"؛ وأوضح أنه "في حال وجود أمطار، هناك خشية كبيرة من حدوث فيضانات، الأمر الذي يتسبب بهبوط الطرق الرئيسية، من جرّاء الأضرار تحت الأرض".
وأشار إلى عدد من المناطق في مدينة غزة، تتعرض سنويا لفيضانات محدودة وغرق من جرّاء تجمّع مياه الأمطار. لكن هذا العام، بحسب السراج، لا يمكن التنبؤ بالمناطق التي يمكن أن تتعرض للغرق في ظل "تردّي وضع البنية التحتية بسبب عدم إعمار ما دمّره العدوان الأخير".
خطر كبير
وأعرب السراج عن خشيته من "حدوث فيضانات كبيرة في بعض المناطق المُستهدفة، شتاءً، يصعب السيطرة عليها". وأعرب عن تخوفاته من "وصول الآثار السلبية إلى أساسات وقواعد المباني الموجودة في المناطق المستهدفة، خاصة الحيوية والمركزية والتجارية الكبيرة في مدينة غزة".
وحذّر من وجود خطر كبير على "المحّال التجارية، والمنازل، وأملاك المواطنين، في محيط المناطق المستهدفة، في فصل الشتاء". ولفت إلى أن طواقم البلدية أطلقت "تحذيرات للمواطنين القاطنين في تلك المناطق، بأخذ الحيطة والحذر في هذا الاتجاه".
كما أطلقت البلدية، وفق السراج، نداءات لـ"الجهات الدولية والمحلية لإعطاء إعادة إعمار البنية التحتية أولوية سريعة وعاجلة".
وتصل عدد المناطق التي استهدفها الجيش الإسرائيلي في العدوان الأخير على غزة نحو 80 نقطة، فيما تتركز المناطق الأكثر خطورة خلال فصل الشتاء في مركز المدينة ومنها "حيّ الرمال، ومنطقة الجندي المجهول، ومناطق شرق المدينة، وقرب مدارس (أونروا)".
عجز في الإمكانيات
وأرجع السراج سبب عدم تمكّن طواقم البلدية من اكتشاف الأضرار في عمق الأرض، إلى انعدام توفّر الأدوات المتطورة والمتقدمة.
وقال "الاستهدافات كانت عميقة، وتسببت باهتزازات كبيرة في التربة بمناطق واسعة، عالجنا الظاهرة منها، لكن لا يوجد لدينا إمكانيات مادية وتقنية للكشف عن وجود تسريبات تحت الأرض".
كما أثّر الحصار الذي استمر لأكثر من 15 عاما، بحسب السراج، على أداء البلديات بسبب منع إدخال المواد والآليات اللازمة. وأشار إلى أنه "أثر على توفير الإمكانيات والتقنيات الحديثة، أو الأموال اللازمة للإيفاء بخدماتها، كما تسبب بعجز في دخل المواطن الأمر الذي أثر على طبيعة سداده للخدمات المقدّمة".
إلى جانب ذلك، فإن الآليات التي تعتمد عليها البلديات في أعمالها "متهالكة"، تزيد أعمارها عن 25 عاما، لافتا إلى أنه في الكثير من الأحيان ثمن صيانة هذه الآليات يزيد عن ثمن شرائها.
وتعاني بلديات قطاع غزة من أزمة مالية، من جرّاء استمرار الحصار الإسرائيلي، الذي منع إدخال الآليات والأدوات المتقدمة للقطاع.
50 مليون دولار لإعادة الإعمار البنى التحتية
وقال السراج إنه وفق تقديرات عاجلة أجرتها البلدية بالتشاور مع الجهات المحليّة في قطاع غزة، فإن إجمالي تكلفة إعادة إعمار البنى التحتية في محافظات القطاع تصل إلى 50 مليون دولار.
وتابع إن تكلفة إعادة إعمار البنى التحتية بمدينة غزة فقط تزيد عن 20 مليون دولار.
وأوضح أن بعض الجهات المانحة تقدّمت بوعود للبلدية لتقديم أموال لإعادة إعمار البنى التحتية المتضررة، إلا أنها لم تفي بتعهداتها حتى اليوم، بقرار سياسي خارجي.
وقال: "مثلا كان هناك وعد من البنك الإسلامي للتنمية، لتقديم منحة تقدّر بـ2.5 مليون دولار، فور الانتهاء من العدوان، لإعمار البنى التحتية إلا أنه لم يتم الإيفاء".
وأوضح أن المؤسسة الأميركية للتنمية، وعلى مدار شهرين، عملت بشكل متواصل لحصر الأضرار بالتعاون مع البلدية وسلطة المياه.
وذكر أن قرارا سياسيا صدر عن الكونغرس الأميركي (لم يذكر تاريخه) "بوقف تمويل إعمار البنى التحتية في غزة، والضفة الغربية، منع تنفيذ تلك التعهدات"، الأمر الذي تسبب بـ"حالة إحباط كبيرة في غزة من جرّاء توقف الجهود الخاصة بإصلاح البنى التحتية"، على حدّ قوله.
وطالب الجهات المانحة بوضع إعمار البنى التحتية على "قائمة الأولوية في ملف إعادة الإعمار". وقال إن إعادة إعمار المساكن والأبراج السكنية له أثر إيجابي على السكان، لكن هناك حالة من القلق لتأخر إعمار البنى التحتية.
وأردف:" إذا تم تعمير المساكن، ربما تتأثر بشكل سلبي في حال حدوث مشاكل بالبنى التحتية شتاءً".
كما يتسبب تأخر إعادة إعمار البنى التحتية بآثار سلبية تنعكس على البيئة جرّاء "تلوث الهواء بغبار الحفر المُستهدفة، والتي لم يتم إعادة إعمارها"، وفق السرّاج.
وأشار إلى وجود عدد من الحفر قرب "المدارس المأهولة، والمستشفيات، الأمر الذي يشكّل تهديدا لها".
كما أن هناك احتمالية لاختلاط "مياه الشرب والاستخدام المنزلي، بالصرف الصحي، في حالة حدوث أي فيضانات في فصل الشتاء".