"هل هو شهيد أم جريح وتم اخفاء مصيره؟"، هذا السؤال الذي لا تنفك عائلة الشاب الفلسطيني بلال عدنان رواجبة (29 عاماً) من تكراره، منذ تعرضه يوم 4-11-2020 لاطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي النار عليه، عند حاجز عسكري بالقرب من مدينة نابلس شماليّ الضفة الغربية، بحجة محاولته تنفيذ عملية فدائية.
ورغم نشر الوسائل الاعلامية الفلسطينية والعبرية نبأ استشهاده، إلا أن عائلته ما زالت تتشبّث بأمل أن يكون على قيد الحياة، خاصة مع رفض سلطات الاحتلال تسليمهم وثيقة أو أيّ دليل آخر بإثبات وفاته، بالإضافة إلى تعنّت الاحتلال بتسليم جثمانه.
تقول شقيقته مها رواجبة لـ"فلسطين الآن": "نحن لا نطالب بأكثر من حقّنا كعائلة بمعرفة مصير ابننا.. لأن الجهات الرسمية الفلسطينية لم تُبلَّغ بمصيره بشكل حاسم".
ورغم كل ما يقال عن استشهاده بعد دقائق من امطاره برصاص الاحتلال إلا أن مها تعيش على الأمل أن يكون أخيها على قيد الحياة.
تقول "إذا كان قد ارتقى شهيداً، فهذا فخر لنا.. لكن لماذا لا تسلّمنا سلطات الاحتلال وثيقة تثبت ذلك؟ ولماذا تحتجز جثمانه؟ أليس الأولى بهم إرجاع تلك الجثامين المحتجزة لدفنها في المقابر، بدلاً من إبقائها في ثلاجات الموتى أو مقابر الأرقام؟".
وتتابع "قد يعتقد البعض أننا نبالغ. مطلقا. لكن هناك أمور وقعت يوم الحادثة تضع الكثير من علامات الاستفهام. فقد جرى احتجازه فور إطلاق النار عليه، ولم يُسمح لأحد بالاقتراب منه، وقد نشر الاحتلال عبر إعلامه أنّه تمّ تحييد المنفذ. وبعد استدعاء والدي إلى مركز تحقيق إسرائيلي عقب الحادثة، أبلغه ضباط الاستخبارات هناك بروايات متعددة عن مصيره، تارة أنّه مصاب، وتارة أخرى أنّه استشهد".
ومنذ تلك الحادثة، تعيش العائلة حالة نفسية صعبة، فلا تجد من يجيبها عن مصير ابنها. هل هو جريح؟ أم معتقل؟ أم فارق الحياة؟ لذلك نعتبر بلال "شهيداً حياً"، لأنّنا غير متيقنين من مصيره.
التقصير في هذا الملف يبرز لدى جهاز الأمن الوقائي، فبلال يحمل رتبة "نقيب" في الجهاز، وهو يعمل بالدائرة القانونية في مديرية محافظة طوباس.
كما أن زوجته تعمل ضابطة في الجهاز ذاته في مدينة نابلس.
والده، قال إن الجهاز لا يتابع الملف بالشكل المطلوب، "فالأصل أن يأتي لنا الوقائي بالمعلومات المؤكدة، فلديه طرقه ووسائله، وهو يملك شبكة علاقات موسعة جدا. ابني كان موظفا لديهم، ولا يعقل أنه بعد نحو أحد عشر شهرا على تعرضه لاطلاق النار، لا يوجد لديهم جواب".
ويتابع "السلطة الفلسطينية أيضا مسؤولة عن التقصير في متابعة ملفّ ابني بلال، فهي لا تملك إجابات بشأن مصيره. نحن لا نريد منهم أكثر من كلمة واحدة تطفئ النار الذي يشتعل بداخلنا. هل هو على قيد الحياة أم فارقها؟ إن كان قد قضى شهيدا فمن حقّنا أن نودّعه ونكرّمه بدفنه وفق ديننا وشريعتنا وتقاليدنا".
ويؤكد الوالد: "نحن نعيش في دوامة. أحياناً نصل إلى نتيجة أنّه استشهد، لكنّنا نريد وثيقة تثبت ذلك. وفي أحيان أخرى نعيش أملاً بأنّه جريح أو معتقل، وأنّه قد يأتي يوم يعود فيه إلينا".
ويؤكد أن "المطالبة باسترداد جثامين الشهداء واجب على كل حر وشريف، ويجب ألّا تبقى جثامينهم الطاهرة محتجزة لدى الاحتلال، ويجب إعادتها لتدفن بما يليق بمكانة الشهداء".
وكانت الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء الفلسطينيين قد وثّقت احتجاز 81 جثماناً عائداً لشهداء وشهيدات في ثلاجات الاحتلال، وهي الدفعة الأخيرة التي بدأ الاحتلال احتجازها منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2015.
يضاف إليهم مجموعة الشهداء الذين ارتقوا خلال الشهرين الأخيرين في الضفة الغربية، وخاصة في جنين، وبدو قضاء القدس.
كما أن هناك 254 جثماناً من الفترة التي سبقت عام 2008، في مقبرة الأرقام، إلى جانب 72 جثماناً مفقوداً فلا تعرف عائلات أصحابها إن كان أبناؤها شهداء أو لا.
يُذكر أنّ عدد جثمانين الشهداء المحتجزة في ثلاجات الاحتلال كان قد انخفض إلى 10 جثامين فقط، ثمّ ارتفع في عام 2019 إلى 51، وفي عام 2020 إلى 66، وهذا العام إلى 81 جثماناً، من بين أصحابها أمهات وأطفال وأسرى ارتقوا في المعتقلات.