أعلنت وزيرة الخارجية السويدية آن ليندي صعوبة تمويل السلطة، بسبب الفساد المستشري فيها، ومنظومتها العامل على كل المستويات، وهي تصريحات ليست جديدة، على الصعيد الدولي أو الوطني، لكن تتبع بعض الدول الإصلاح المباشر دون إعلان ذلك، والبعض الآخر يدعم السلطة وهو يعرف بدقة حجم الفساد المستشري، لكن تحت قاعدة أن هذا ما هو متوفر ولا توجد بدائل.
حاولت بعض الدول الأوروبية التغيير في مايو الماضي، لكن بطريقة خبيثة تُمكِّن عباس وبدعم إسرائيلي وأمريكي مباشر من الهرب من الاستحقاق الانتخابي، وما كشفه تقرير الرقابة الإدارية والمالية عن حجم الفساد المالي الذي ينخر في مؤسسات السلطة، دون استثناء، وسرقة مئات الملايين من الدولارات لصالح عباس والمحيطين به، وكذلك بناء منظومة من الفساد المنظم داخل المؤسسات الصحية والتعليمية والأمنية، وشرعنة ذلك الفساد بأنظمة تحميه من الملاحقة القانونية لاحقًا.
تقرير الرقابة حول انعكاس لاستطلاع الرأي الذي نشر الشهر الماضي، الذي كشف عن أن الجمهور الفلسطيني لا يثق بالسلطة ورئيسها، ويطالب بتغييره، وبنسبة تتجاوز 86%، و يرى ما نسبته 80% أن السلطة فاسدة، وتمارس الفساد، ويدعو إلى تغيير النظام السياسي الفلسطيني ومحاسبة الفاسدين من قادة السلطة، وأن (إسرائيل) تقدم الحماية لهم مقابل عقد صفقات تجارية مع الاحتلال كما الحال في صفقة اللقاحات الخاصة بوباء كورونا، وكذلك التهرب الضريبي، إضافة الى القيام بتعيينات للمقربين من الوزراء والمسؤولين، وأبنائهم وزوجاتهم، وهي الظاهرة التي تعرف بـ "عظام الرقبة".
الصراحة التي تحدثت بها الوزيرة السويدية هي ما لم يقله الكثيرون، لكن هناك من قاوم هذا الفساد وفضحه، لكن كان مصيره الاغتيال على يد رجال السلطة، وهو المعارض نزار بنات، الذي اغتيل بطريقة بشعة، أرادت السلطة فيها أن تعطي الدرس القاسي لكل من يفكر في مقاومة الفساد أو فضحه، ولعل الهجوم الذي تعرضت له الوزيرة السويدية من قبل المقربين من عباس يعكس حالة التغول التي يعانيها هؤلاء ضد كل من يفضح الفساد أو يقاومه.
هذا يستوجب الموقف الوطني الجماعي سواء على صعيد الفصائل أو المؤسسات أو الهيئات، وحتى الأشخاص للتحرك وفضح ممارسات السلطة الفاسدة، وخاصة في قطاع غزة، وسرقة الأموال التي تمارسها مثل قطاع الرواتب، ووقف صرف الشؤون الاجتماعية، وعدم تقديم الحصص المالية المخصصة لغزة، خاصة في مجال التعليم والصحة.
مقاومة الفساد لا تقل عن مقاومة الاحتلال، بل جزء من ذلك، باعتبار أن السلطة تحتمي بالاحتلال في الفساد المشترك بين الجانبين على حساب مقدرات الشعب الفلسطيني، وأن التخلص من هذا النظام الفاسد يساهم في التخلص من الاحتلال، وإنهاء الشراكة السياسية والأمنية والاقتصادية التي يستفيد منها قادة السلطة.