قال مركز “سترافور” الأمريكي للدراسات الأمنية والاستخباراتية (الذي يوصف بالمقرب من الاستخبارات الأمريكية) في تقرير له إن صفقة تبادل الطاقة مقابل المياه بين "إسرائيل" والإمارات والأردن تظهر كيف يمكن للتعاون المرتبط بالمناخ أن يوفر مسارات جديدة للتطبيع في المستقبل.
وفي 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقعت الإمارات والأردن وإسرائيل اتفاقية تعاون من شأنها أن تساعد الإمارات في بناء منشأة للطاقة الشمسية في الأردن، والتي بدورها ستقايض "إسرائيل" بالطاقة مقابل المياه المحلاة.
وستقوم شركة الطاقة البديلة “مصدر” المدعومة من دولة الإمارات، ببناء محطة الطاقة الشمسية في الأردن، ومن المقرر أن يتم تشغيلها بحلول عام 2026.
ووافقت إسرائيل على دفع 180 مليون دولار سنويًا للأردن لتوليد الطاقة من محطة الطاقة الشمسية الجديدة، والتي تهدف إلى توفير 2% من إمدادات الطاقة الإسرائيلية بحلول عام 2030. وفي المقابل، سيشتري الأردن 200 مليون متر مكعب من المياه المحلاة من "إسرائيل" كل عام.
ويزعم المركز أنه من خلال المساعدة في تخفيف مشاكل المياه في المملكة الأردنية التي تعاني من ضائقة مالية، تسعى إسرائيل والإمارات إلى استغلال التهديد الذي يشكله تغير المناخ على الاستقرار الإقليمي.
وتعد كل من إسرائيل والأردن معرضتين لخطر التأثر بشدة بارتفاع درجات الحرارة العالمية، مع ندرة إمدادات المياه والأراضي الصالحة للزراعة. لكن الأردن مكشوف بشكل خاص لأنه يفتقر إلى الثروة لتعويض هذه التغييرات.
ويرى المركز أنه في الواقع، أدى مزيج من البنية التحتية السيئة والجفاف القياسي إلى حدوث نقص حاد في المياه في الأردن، وهو ما ينذر بالسوء على استقرار البلاد على المدى الطويل مع تزايد حدة آثار تغير المناخ. وقد أثار ذلك، حسب المركز، مخاوف في" إسرائيل" وحلفاء الأردن القريبين مثل الإمارات التي لا تريد انهيار نظام ملكي عربي آخر.
وتعتبر خيارات المياه الصالحة للاستخدام في الأردن محدودة، فمن الصعب إنشاء مرافق تحلية مياه على نطاق واسع بسبب الساحل المحدود. ويستخدم القطاع الزراعي (المهم سياسيا) 60% من إمدادات المياه في البلاد.
كما انخفض منسوب المياه في البحر الميت – المتاخم "لإسرائيل" والأردن – بمعدل 40 بوصة في السنة منذ عام 1990. ويتوقع علماء البيئة أن تستمر البحيرة المالحة في النضوب في السنوات المقبلة مع زيادة استخدام المياه في الأردن وانخفاض هطول الأمطار.
وشهد الشرق الأوسط انخفاضًا قياسيًا في هطول الأمطار على مدى السنوات الـ 14 الماضية، ما تسبب في انخفاض خزانات المياه في سوريا والعراق وتركيا إلى مستويات خطيرة، وذلك فضلا عن الأردن. ومن المتوقع أن تزداد حالات الجفاف نتيجة لتغير المناخ.
وتستثمر إسرائيل العلاقات السياسية والاقتصادية الجديدة مع الإمارات من أجل الترويج لخبرتها التكنولوجية البيئية إلى العالم العربي. وتضع صناديق الثروة السيادية الكبيرة في دولة الإمارات والشركات البيئية المدعومة من الدولة، مثل “مصدر”، إمكاناتها لتمويل وبناء البنية التحتية المتعلقة بتغير المناخ مثل محطات الطاقة الشمسية في جميع أنحاء العالم العربي.
وقد يتطور جهد إسرائيلي إماراتي مشترك أيضًا في البحرين والمغرب والسودان (الدول الثلاث الأخرى التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل العام الماضي)، جنبًا إلى جنب مع مصر، وجميعها معرضة بشدة لتغير المناخ ولكن لديها قدرات مالية وتكنولوجية محدودة لمواجهة التأثيرات.
ويزعم “سترافور” أنه يمكن أن تغري هذه المشاريع المشتركة الدول الأخرى المعرضة لتغير المناخ مثل عمان والسعودية وتركيا بالسعي للحصول على دعم إماراتي-إسرائيلي مماثل، ما سيعزز قبول إسرائيل إقليميا.
ويؤكد المركز أن قطاعات شعبية في العالم العربي والإسلامي سترفض أي تعاون مع إسرائيل تحت أي ظرف دون حل كامل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. لكن بالنسبة لحكوماتهم، فإن التهديد الوجودي الذي يمثله تغير المناخ قد يفوق في النهاية المخاطر السياسية المتمثلة في التعامل مع التقنيات والاستثمارات والخبرة الإسرائيلية.
وبحسبه تعد سلطنة عمان، التي لديها بالفعل علاقات سرية مع إسرائيل، بحاجة بشكل متزايد إلى إعداد نفسها لمستقبل صعب مع هطول أقل للأمطار وربما أعاصير أكثر ضرراً مع ارتفاع درجات حرارة المياه في بحر العرب.
ويرى المركز أن تركيا، التي تعاني من أزمة اقتصادية ونقص في المياه، بحاجة ماسة إلى بناء البنية التحتية البيئية اللازمة لتعويض آثار تغير المناخ. ومن جانبها، قد تميل السعودية إلى جذب الاستثمار الإسرائيلي الإماراتي في محطات الطاقة الشمسية ومشاريع تحلية المياه القائمة بالفعل في المملكة.