في الوقت الذي تواصل فيه الماكنة الدعائية الإسرائيلية بث تحريضها ضد حركة المقاطعة العالمية "بي دي أس"، بزعم أنها تسعى إلى نزع شرعية دولة الاحتلال، تعرب الأوساط الإسرائيلية عن قلقها من حالة التمدد التي تعيشها حركة المقاطعة، لاسيما في القارتين الأمريكية والأوروبية.
وترى دولة الاحتلال أن تمدد حركة المقاطعة يشكل تضييقاً للخناق عليها في مناطق نشأت فيها من الأساس، في ضوء صعود أجيال غربية باتت تشكك بوجود "إسرائيل"، تأثراً بالشعارات التي ترددها حركة الـBDS.
شاحام نيكولا الرئيس التنفيذي لمنظمة الجالية الإسرائيلية الأمريكية (IAC)، زعم في حوار مع صحيفة "إسرائيل اليوم"، أن "تنامي حركة المقاطعة يتزامن مع صعود معاداة السامية في الولايات المتحدة، بسبب صعود الروح المعادية لإسرائيل في الولايات المتحدة، وهي متخفية في صورة كراهيتها".
وأضاف أن "تنامي معاداة إسرائيل في الولايات المتحدة بات يتمثل في إدراج محتوى BDS في المناهج المدرسية والجامعية، والموقف الرافض لسلوك إسرائيل بسبب الوضع السياسي السائد في إسرائيل ومع الفلسطينيين، رغم أن الإسرائيليين الذين يعيشون في الولايات المتحدة لم يعودوا مواطنين يعيشون على هامش الأوضاع الأمريكية، بل باتوا جزءا لا يتجزأ من الحياة العامة ليهود أمريكا الشمالية، لكن عددا قليلا من المنظمات اليهودية على استعداد للنزول إلى الشوارع لتأييد إسرائيل".
وتتزامن هذه المخاوف اليهودية في الولايات المتحدة مع تنامي حركة المقاطعة من جهة، ومن جهة أخرى شعورها بانعدام الأمن بسبب الاعتداءات عليهم احتجاجا على السياسة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وزادت الظاهرة إبان حرب غزة الأخيرة.
ولم يعد سراً أن تأييد "إسرائيل" أو مخالفتها أصبحت قضية سياسية مثيرة للجدل بين الجاليات اليهودية في أمريكا، لأن هناك مجالات باتت تشعر فيها "إسرائيل" بأن الرغبة بدعمهم من يهود الولايات المتحدة تضاءلت بشكل لافت، ما يشير إلى أن هناك عمليات عميقة تحدث في مجتمعات الولايات المتحدة، وتلقي بتأثيراتها السلبية على النظرة لما يحدث في "إسرائيل"، ولعل ذلك ارتبط بالدور السلبي الذي لعبته القيادات الإسرائيلية خلال السنوات الماضية.
وتتركز نقاشات اليهود الأمريكيين على ما يعتبرونها المشكلات والفجوات الناجمة من العلاقة تجاه "إسرائيل"، بما فيها فجوات ثقافية، وفي تصور ماهية دولة "إسرائيل"، والتقدير السائد أن هذه الفجوات سوف تستمر لسنوات قادمة، وستكون حاضرة في حلقات النقاش الساخنة، وتثير المزيد من القضايا الملتهبة، رغم محاولات "إسرائيل" ربط أي معارضة لها بمعاداة السامية، ولكن دون جدوى، ولذلك تزايدت مظاهر ونشاطات حركة المقاطعة بكافة أشكالها.
ويتخوف الإسرائيليون من الأسلوب الذي تعمل وفقه حركة BDS، فهي تتبع النهج اللامركزي للغاية، كما أنها دأبت على أن تدرج في برامجها الثقافية وخططها الإعلامية مقارنات بين حركة "الحياة السوداء" وأوضاع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وتسعى دائما لإجراء المقارنة بين "إسرائيل" والاستعمار الأبيض، وكل ذلك يلقي باللوم على إسرائيل من خلال الكتب الموزعة على مدارس كاليفورنيا كجزء من المناهج الدراسية، واعتبارها نموذجا لتطبيق نظام الفصل.