أثار تصاعد جرائم المستوطنين، ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، والتي امتدت لتطال جنود الاحتلال أنفسهم، وأفراد الشرطة، غضب قيادات أمنية وعسكرية احتلالية، بزعم أن هؤلاء المستوطنين يأخذون القانون بأيديهم، ويرتكبون المخالفات، يوما بعد الآخر، دون حسيب أو رقيب.
معلوم أن هؤلاء المستوطنين اليهود يستقوون بجماعات ضغط داخل حكومة الاحتلال ذاتها التي توفر لهم الحماية القانونية والرعاية الرسمية، ما يحول دون اعتقالهم، أو تطبيق القانون عليهم، رغبة من الحكومة بعدم خسارة أصواتهم في انتخابات قادمة، في ضوء حالة الاستقطاب القائمة بين تيارات معسكر اليمين، داخل الائتلاف الحكومي والمعارضة.
آخر تجليات الخلافات الإسرائيلية الداخلية بشأن عنف المستوطنين وجرائمهم، كشفت عنها صحيفة يديعوت أحرونوت، وجاءت في تغريدة نشرها وزير الأمن الداخلي عومر بارليف، عقب لقائه بنائبة وزير الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند، التي تطرقت إلى "عنف المستوطنين"، وتسببهم في زيادة حدة التوترات في الأراضي الفلسطينية.
تسببت تغريدة الوزير بارليف بهجوم تلقاه من داخل الائتلاف الحكومي والمعارضة وأوساط المستوطنين، لاسيما وزيرة الداخلية آيليت شاكيد، التي طالبت الوزير بإدانة مظاهر الرشق بالحجارة التي يمارسها الفلسطينيون كل يوم على طرق وشوارع الضفة الغربية ضد سيارات المستوطنين.
أما وزير الأديان ماتان كاهانا فرد على بارليف بالقول إنه "من المحزن أن نرى رجل أمن متمرس يحصل على رواية خاطئة ومشوهة لسنوات، ما يدل على أن الوزير مرتبك، لقيط، كاذب، ومعاد للسامية، يشوه سمعتهم من أجل أن يلعب دور المستنير، ويحبّه حفنة من المنافقين، عار عليك أيها الرجل الصغير، اخجل من نفسك".
مجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المعروف باسم "يشع"، اتهم "بارليف بأنه يتصرف كما لو كان وزيرا فلسطينيا، وليس عضوا في حكومة الاحتلال، بزعم تجاهله إصابة العديد من المستوطنين خلال حوادث الرشق بالحجارة من قبل الشبان الفلسطينيين، ولذلك فإن الوزير بارليف تخلى عن مهمته الأساسية بتوفير الأمن لليهود، وانضم لمؤامرات لا سامية، ورضي أن يكون جزءا من فريق بيتسيلم والمنظمات الحقوقية المعادية لإسرائيل، ما يستدعي منه اعتذارا عاجلا".
شاي ألون رئيس مجلس مستوطنة بيت إيل رد على تغريدة بارليف بأنها "عار، وتؤكد أن الوزير على وشك الجنون"، فيما اتهم يسرائيل غانتس رئيس المجلس الاستيطاني بنيامين، الوزير بارليف بأنه "يحرض على استباحة دماء المستوطنين وجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي".
تغريدة الوزير بارليف ضد المستوطنين سبقها انعقاد مؤتمر في الكنيست قبل ثلاثة أسابيع بعنوان "وقف عنف المستوطنين" بمبادرة من النائبين موسى راز من حزب ميرتس وابتسام مرعي من حزب العمل، وناقش تكرار حوادث العنف الصادرة من البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية.
وقبل نحو شهر، جرت مناقشة في مجلس الأمن الدولي نددت خلالها السفيرة الأمريكية ليندا توماس غرينفيلد، بظاهرة عنف المستوطنين، ودعت "إسرائيل" إلى التحقيق في هذه الاعتدءات.