أكد حاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة، الثلاثاء، أن حصول بلاده على دعم يتراوح بين 12 و15 مليار دولار في حال التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، قد تساعد على إعادة تحريك الاقتصاد المتعثر، محذرا من تضاؤل الاحتياطي الإلزامي بالدولار.
وقال سلامة في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" إنه بينما يخوض لبنان نقاشات مع صندوق النقد الدولي تمهيداً للتوصل إلى خطة تعاف شاملة، فإن "حصتنا في صندوق النقد هي أربعة مليارات ويمكن أن تأتي دول وتضيف عليها.. يمكن أن نصل إلى مبلغ يتراوح بين 12 و15 مليار دولار".
وأوضح أنّ "هذا المبلغ يساعد لبنان لينطلق مجدداً ويستعيد الثقة".
وأضاف: "بقدر ما نتمكّن من استقطاب أموال.. فإننا نتعافى بسرعة"، مضيفاً أن "هذا هو المفتاح لأن ينطلق لبنان ويستعيد البلد نشاطه الطبيعي".
ويعيش لبنان منذ العام 2019 انهياراً اقتصادياً غير مسبوق، صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي.
ويترافق الانهيار الاقتصادي مع شلل سياسي يمنع من اتخاذ خطوات إصلاحية تحدّ من التدهور وتحسّن من نوعية حياة السكان الذين بات أكثر من ثمانين في المئة منهم تحت خط الفقر، فيما يشترط المجتمع الدولي تطبيق إصلاحات بنيوية مقابل توفير الدعم المالي.
ولم يبق قطاع بمنأى عن تداعيات الأزمة التي ترافقت مع قيود مصرفية مشددة على سحب الودائع والتحويلات إلى الخارج، وقد تراجعت قدرات السكان الشرائية بشكل غير مسبوق.
وفي أيار/ مايو 2020، تخلّفت الحكومة عن سداد ديونها الخارجية، ما فاقم الانهيار.
وعلى وقع الأزمة، انخفض الاحتياطي الإلزامي لدى المصرف المركزي، وهي نسبة مئوية تودعها المصارف الخاصة في المصرف المركزي في مقابل ودائعها ويمنع القانون المسّ بها إلا في حالات استثنائية قصوى، أكثر من النصف.
وقال سلامة: "الاحتياطي الإلزامي اليوم هو حوالي 12.5 مليار دولار" بعدما كان 32 مليارا قبل بدء الأزمة الاقتصادية منذ عامين.
ورفع المصرف المركزي تدريجاً خلال الأشهر الأخيرة الدعم عن استيراد سلع رئيسية خصوصاً المحروقات التي باتت تسعّر وفق سعر الصرف في السوق السوداء الذي لامس عتبة الثلاثين ألفاً في مقابل الدولار خلال الشهر الحالي.
كذلك، رفع الدعم جزئياً عن استيراد الأدوية، وهو ما يرتب كلفة مرتفعة على المواطنين الذين يكافحون لتأمين احتياجاتهم الرئيسية.
ومن خلال فائض متبق لديه بقيمة 1.5 مليار دولار، يمكن لمصرف لبنان، وفق سلامة، تمويل ما تبقى من سلع مدعومة لفترة تتراوح "بين ستة وتسعة أشهر على الأقل"، ما لم يصر إلى اتخاذ إجراءات إضافية للجم ارتفاع الدولار في السوق الموازية.
وأقر سلامة بأنّ سعر الصرف الرسمي المثبت على 1507 ليرات للدولار، المعتمد رسمياً منذ العام 1997، "لم يعد واقعياً اليوم" بعدما "خدم" لبنان وجعل "الوضع الاقتصادي والاجتماعي جيداً خلال 27 عاماً".
وفي ظل تعدّد أسعار الصرف داخل المصرف المركزي وفي السوق الموازية، أوضح سلامة أنّه لا يمكن توحيد سعر الصرف في الوقت الراهن، بمعزل عن تحقيق استقرار سياسي وقبل التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
ويجري لبنان منذ أسابيع محادثات مع ممثلين عن صندوق النقد، قال سلامة إنها ما زالت "في مرحلة الأرقام" فيما "لم يقدّم اللبنانيون خطة بعد الى صندوق النقد لتتم مناقشتها".
وبعدما كان التباين في تقدير حجم الخسائر المالية بين المفاوضين اللبنانيين، أدى الى تعليق جلسات تفاوض عقدتها الحكومة السابقة برئاسة حسان دياب مع صندوق النقد بناء على خطة إنقاذ اقتصادية وضعتها العام 2020، توصلت اللجنة المكلفة من الحكومة الحالية التفاوض مع الصندوق الى تقدير حجم الخسائر المالية بـ 69 مليار دولار.
تفاؤل رسمي
ورجح مسؤول لبناني التوصل إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي قريبا، في حين دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قادة لبنان، إلى إعطاء الأولوية للشعب وتنفيذ إصلاحات لإنقاذ البلاد من كساد مالي، وأسوأ أزمة اجتماعية منذ 30 عاما، بحسب رويترز.
وقال نائب رئيس الوزراء اللبناني سعادة الشامي لتلفزيون الجديد المحلي، الأحد؛ إنه من الممكن التوصل إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي بين كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير من العام القادم.
وأضاف أن اللجنة الوزارية المعنية بالتفاوض مع الصندوق، اتفقت مع حاكم مصرف لبنان على أن حجم الخسائر المالية بلغ 69 مليار دولار، وتتحملها الحكومة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين.
ويُنظر إلى برنامج صندوق النقد الدولي على نطاق واسع، على أنه السبيل الوحيد للبنان لإطلاق المساعدات التي تمس الحاجة إليها في البلاد.
ونقلت وسائل إعلام محلية في لبنان عن جيري رايس، مدير إدارة التواصل في صندوق النقد الدولي، قوله الخميس؛ إن الصندوق أُحيط علما بخسائر القطاع المالي اللبناني ويراجعها.
ومن جانبه، حث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم الأحد قادة لبنان، على إعطاء الأولوية للشعب وتنفيذ إصلاحات لإنقاذ البلاد من كساد مالي، وأسوأ أزمة اجتماعية منذ 30 عاما.
وقال في رسالة مصورة قبل الزيارة: "ينبغي للقادة أن يضعوا الناس في المقام الأول، وأن ينفذوا الإصلاحات اللازمة لإعادة لبنان إلى المسار الصحيح، وهو ما يتضمن بذل الجهود لتعزيز المساءلة والشفافية واجتثاث الفساد". وكرر غوتيريش هذه الرسالة بعد وصوله.
وفي بلد منقسم طائفيا، فشلت الحكومات المتعاقبة المؤلفة من جميع الأحزاب الرئيسية في لبنان مرارا في تنفيذ الإصلاحات اللازمة لإصلاح المالية العامة.