أجمع محللون على أن عملية الطعن التي نفذها أمس أحد الأسرى في سجون الاحتلال، بمثابة بداية الرد الأول على جرائم الاحتلال بحق الأسيرات في سجن الرامون.
وتوقع المحللون في حديثهم لوكالة "فلسطين الآن"، أن يكون لفصائل المقاومة ردود فعل قوية للجم الاحتلال عن أي ممارسات تنكيلية بحق الأسيرات.
ونفذ الأسير يوسف المبحوح من مخيم جباليا شمالي قطاع غزة مساء الاثنين عملية طعن استهدف فيها سجّانًا إسرائيليًا داخل قسم أسرى حركة حماس في سجن نفحة بالنقب، نتج عنها إصابته بجراح نُقل على إثرها لعيادة السجن.
وجاءت العملية ردًا على اعتداءات إدارة سجون الاحتلال على الأسيرات في سجن الدامون، والتي وصلت إلى حد انتهاك خصوصيتهم بنزع الحجاب والضرب والعزل.
إجراءات تُفجر الأوضاع
الكاتب والمحلل السياسي أيمن الرفاتي، أكد خلال تصريحات خاصة بوكالة "فلسطين الآن" مساء اليوم على أن الاحتلال يلعب في ملف في غاية الخطورة، ويضغط على الفلسطينيين الأسرى بهدف كسر صمودهم.
وقال الرفاتي :"هناك جرأة من الاحتلال أكبر مما كانت عليه في السابق، وخاصة التنكيل بالأسيرات، وتجاوز الخطوط الحمراء، في وقت غاية بالحساسية، والذي يُجري فيه الوسيط المصري محادثات لتثبيت التهدئة في قطاع غزة، وصفقة تبادل الأسرى مع المقاومة".
واعتبر أن الاحتلال يريد من هذه الانتهاكات ضد الأسرى تليين موقف المقاومة في صفقة التبادل المقبلة، في ظل تمسك المقاومة بالمواقف الثابتة والرؤيا التي قدمتها في تنفيذ الصفقة، والتي تتنوع ما بين تقديم معلومات عن جزء من الجنود يتبعها صفقة تبادل موسعة.
وشدد الرفاتي على أن المقاومة تنظر إلى طريقة التعامل مع الأسرى ببالغ الخطورة، وهو وصفة لتفجير الأوضاع، والمقاومة ليس لديها مشكلة نحو الذهاب لخيار المواجهة مع الاحتلال لأجل قضية الأسرى، باعتبارها قضية وطنية بارزة، والتي تضعها قيادة المقاومة الفلسطينية على رأس أولوياتها وفق ما آخر تصريح لنائب القائد العام لكتائب القسام والذي أكد فيه أن ملف الأسرى أبرز الملفات المهمة لقيادة المقاومة.
ونوه إلى أن الاحتلال يحاول التغطية على عجزه الواضح أمام عائلات الجنود الأسرى لدى المقاومة من خلال التنكيل بالأسرى داخل السجون، موضحا أن العملية البطولية التي جرت داخل السجون أمس، تحمل دلالات واضحة على أن المساس بقضية الأسيرات في سجون الاحتلال بمثابة خط أحمر لا يمكن السكوت عليه، وتفجير الأوضاع بداية في السجون، ولربما تتصاعد الأوضاع نحو مواجهة عسكرية شاملة.
وألمح الرفاتي إلى أن عملية الأسير المبحوح تمت بشكل فردي، وهو يدلل على أن ملف الأسرى خطير جدا بالنسبة للفلسطينيين، وللضغط لجعل الاحتلال يتراجع عن سياسات التنكيل بحق الأسيرات والأسرى في سجون الاحتلال، مؤكدا أن المقاومة واعية تخوض مواجهاتها مع الاحتلال وفقا للقضايا الفلسطينية المركزية.
أحيت الروح الثورية
في السياق، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي عبد الله العقاد في تصريحات خاصة بوكالة "فلسطين الآن" مساء اليوم، أن ما يجري داخل السجون انعكاس حقيقي لما يجري في جميع المناطق الفلسطينية خاصة في الضفة المحتلة، بصفتها مقدمات حقيقية لاستعادة روح الثورة، وتجاوز عراقيل التنسيق الأمني.
وقال العقاد :"أحيا أبطال نفق الحرية قضية الأسرى بقوة، وعكست حالة من التوحد ما بين السجون والجبهات في الضفة وغزة والكل الفلسطيني، وخاصة بيان القسام الذي أعلن إدراج أسرى نفق الحرية ضمن صفقة التبادل المقبلة".
وتابع :"دخول الأسرى إلى الفعل الثورية، وعملية الطعن التي نفذها الأسير يوسف المبحوح، تؤكد على أن الإرادة الثورية للأسرى أغلى وأكبر من السجان، وخاصة قدسية ملف الأسيرات لدى جميع أطياف الشعب الفلسطيني، والمعتقلين داخل السجون يشعرون أنهم أعلى كعبا من السجانين.
وشدد المحلل السياسي على أن قضية الأسرى تلقى استجابة سريعة من فصائل المقاومة، والاحتلال لا يريد مواجهة قريبة حاليا مع المقاومة، ويضغط على مصلحة السجون للتخفيف من إجراءاتها لعدم الدخول بمواجهة قريبة مع المقاومة، قائلا :"المقاومة تؤكد على قدسية ملف الأسرى، لحساسيته الكبيرة للشعب الفلسطيني، وخاصة الاهتمام الكبير على الصعيد الشعبي والفصائلي والدولي".
رسائل ساخنة للاحتلال
من جهته/ كشف الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب، في حديث خاص لوكالة "فلسطين الآن" مساء اليوم، عن توجيه قيادة المقاومة رسائل ساخنة للاحتلال عبر الوفد المصري أمس، للكف عن التنكيل بالأسيرات والأسرى في سجون الاحتلال.
وقال الغريب :"من الواضح أن الجهود التي تبذلها القاهرة منذ فترة طويلة في ملف الأسرى تُعطي مؤشرات أن الاحتلال الإسرائيلي يرفض التعامل بجدية مع هذا الملف، وهناك مراوغة إسرائيلية وتسويف وتهرب من دفع الثمن، وهذا انعكس بشكل واضح على مسار المفاوضات الغير مباشرة التي تقوم بها المخابرات المصرية على مدار أشهر ماضية".
وأضاف المحلل السياسي :"في تقديري أن الفجوة ما تزال كبيرة بين ما تطلبه حركة حماس من ثمن وبين موافقة الاحتلال على الصفقة، على قاعدتين تتعلق بأن أي قرارات مصيرية تخضع لحسابات اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يرفض إبرام صفقات تبادل، وهذا يشكل خطرا كبيرا على مصير الائتلاف الحكومي الضعيف، والقاعدة الثانية مرتبطة بالموقف الإسرائيلي من الثمن الذي تطلبه حركة حماس، وتعتبره ثمنا كبيرا، وتطالب بتخفيض سقف هذه المطالب، وموقف حماس الثابت من الإفراج عن أسرى صفقة شاليط المعاد اعتقالهم والأسيرات وأصحاب المؤبدات العالية، وهذا يعكس الفجوة الكبيرة التي يجعل من إمكانية حدوث صفقة تبادل في الفترة الحالية".
وثمن الغريب عملية الطعن التي نفذها الأسير المبحوح أمس، مشيرا إلى أنها بمثابة تعبير واضح عن حالة الغليان التي تسود سجون الاحتلال، ورفضا لم يُجرى من ممارسات تعسفية بحق الأسيرات في السجون.
وأوضح أن الأمور قد تتجه نحو جولة تصعيد إذا استمر الاحتلال بإجراءاته ضد الأسرى، :"في تقديري أن استمرار الانتهاكات بحق الأسرى ربما يُفجر الأوضاع بأي لحظة، وهو ما جاء من رسائل ساخنة حملها الوفد المصري من قبل فصائل المقاومة للاحتلال، وهو ما ينذر بتفجر الأوضاع بأي لحظة".
وتشهد السجون الإسرائيلية حالة من الغليان في صفوف جميع الأسرى، بفعل تنكيل مصلحة السجون بالأسيرات، وممارساتهم الوحشية بحق الأسرى، وهو ما دفع أفاد أحد أسرى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى طعن أحد ضباط سجون الاحتلال الإسرائيلي، في سجن نفحة الصحراوي بالنقب وأصابه بجروح طفيفة، حيث شهدت السجون توترا وحالة استنفار في صفوف الأسرى مساء الأمس، في ظل تطورات كبيرة أقرتها الهيئة العليا للأسرى داخل السجون.