أجمع محللون سياسيون ومختصون في قطاع غزة على أن خيار التسوية الذي تحاول السلطة الفلسطينية إحيائه من جديد هو مشروع "ميّت"، مؤكدين في ذات الوقت على أن المقاومة باتت في تصاعد خاصةً بعد معركة "سيف القدس".
جاء ذلك خلال لقاء سياسي نظمه مركز الدراسات السياسية والتنموية CPDC اليوم الأربعاء بمدينة غزة، تحت عنوان "المساعي الأمريكية والإقليمية لإحياء مشروع التسوية في ظل تصاعد المقاومة".
وقال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف إن ما نشاهده اليوم داخل الساحة العربية والإسلامية يعطي مؤشرات أن هناك دفع باتجاه عودة السلطة لعملية التفاوض مع الاحتلال، لكن "إسرائيل" غير معنية بمشروع التسوية.
وأوضح الصواف أن المستوى السياسي لدى الاحتلال لا يعتبر أن الرئيس محمود عباس شريك للسلام، "ويعتبر أن نهايته اقتربت، مؤكدًا أن زيارة عباس لوزير الجيش بيني غانتس تأتي في سياق أمني، ولا علالة له بالوضع السياسي أو الاقتصادي.
وأضاف أن "الضفة تعيش اليوم على بركان، وممكن أن ينفجر في أي لحظة، الأحداث هناك تشير إلى إمكانية اندلاع انتفاضة، وهو ما يخشاه الرئيس عباس أكثر من أي وقت مضى؛ لأن الانتفاضة تعتبر نهاية مشروع أوسلو الذي ورط الفلسطينيين بمتاهات كبيرة".
وأكد أن معركة "سيف القدس" واحدة من الأدوات التي أساءت وجه الاحتلال، لذلك بعد المعركة أعلن المجتمع الغربي أن حماس "منظمة إرهابية".
وبحسب الصواف "علينا أن ندرك أن هناك شبه توافق بين الكيان والسلطة والعرب على ضرورة محاصرة المقاومة في فلسطين، وهي واحدة من الأدوات التي يحاولون إسقاطها".
ورأى أن خيار المقاومة في تصاعد بالضفة المحتلة، داعيًا للعمل على تعزيز رعاية شعبنا وحفظ مقاومته، وكذلك العمل بالساحات الغربية في أوروبا وأمريكا من أجل زيادة الرفض لسياسات الاحتلال الإسرائيلي.
عزلة سياسية
في حين، رأى الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو أن الرئيس محمود عباس يعاني اليوم من عزلة سياسية حقيقية، مؤكدًا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن لم يتصل بعباس إلاّ على خلفية معركة "سيف القدس".
وأكد عبدو أن السلطة الفلسطينية تعاني اليوم من عزلة على صعيد الدولي والاقليمي، "ورام الله لم يعد يزورها أحد؛ وللأسف الزيارات التي تمت مؤسفة جدًا، وهو أن يذهب الرئيس عباس بما يمثله لبيت غانتس وهو شيء مهين لنا كفلسطينيين".
وأوضح أن التطبيع وجه ضربة قوية لمسيرة التسوية، وكان أهم ورقة للفلسطينيين بمسألة التسوية؛ واليوم أثبت اليمين الإسرائيلي أنه قادر على بناء علاقات قوية مع النظام العربي دون حل مع الفلسطينيين.
وذكر أن المقاومة أحدثت تطورًا كبيرًا في معركة "سيف القدس"، حيث كانت المعركة بمبادئها فلسطينية، وهي تحدث لأول مرة، في وقت لم تحدث بسبب الحصار الإسرائيلي أو أي شيء يتعلق بغزة.
وشدد عبدو على أهمية أن ينخرط شعبنا جميعًا ضمن استراتيجية واضحة، "والأهم اليوم بعد معركة سيف القدس وأهم مخرجاتها؛ كانت هناك مواجهة وطنية شاملة، وهذا يمكن أن يبنى عليه".
ووافقته الصحفية والكاتبة شيماء مرزوق بأن معركة "سيف القدس" أحدثت حراكًا واسعًا على الساحة الفلسطينية خاصة حالة الغليان التي أحدثتها في الضفة المحتلة.
وأكدت مرزوق أن الرئيس الأمريكي جو بايدن لم يقدم شيئًا للرئيس عباس، ولا يمكن أن يقدم له شيء، "خاصة أن هناك انشغالات لأمريكا وكورونا والصراع مع الصين؛ لسنا على رأس أولوياته"
وأضافت "أمريكا اليوم تدرك أن أي ضغط على حكومة إسرائيل ممكن أن يؤدي لانهيارها؛ فاليوم الموقف الأمريكي والاسرائيلي أكثر وضوحا من أي وقت مضى".
وأشارت مرزوق إلى أن السلطة الفلسطينية اليوم، "هي أكثر طرف ضعيف وغير جاهز لمشروع التسوية؛ سواء وضع السلطة وحالة الانقسام، أو وضع حركة فتح داخليًّا أو مع الفصائل.