هناك مليارات الغالونات من الماء، معظمها على شكل بخار، موجودة في السماء الآن، وإذا سقطت كلها دفعة واحدة فإنها ستسبب بعض المشاكل الكبرى لملايين البشر.
الماء المتبخر يبقى في الغلاف الجوي 10 أيام، لذا فالغلاف الجوي مغمور فعليا ببخار الماء (غيتي إيميجز)
غالبا ما يطلق على الأرض اسم "الكوكب الأزرق" بسبب وفرة المياه عليه على عكس الكواكب الأخرى، سواء داخل النظام الشمسي أو خارجه.
فحوالي 71% من سطح الأرض مغطى بالمياه، وقد سمحت وفرة المياه السائلة هذه على كوكب الأرض لملايين الأنواع بالتطور والازدهار.
ووفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية (USGS)، يوجد 96.5% من إمدادات المياه على كوكب الأرض في المحيطات، لكن الماء لا يبقى في الأسفل فحسب؛ فهو يصعد إلى الغلاف الجوي كذلك، كجزء من دورة المياه، التي يطلق عليها أيضا الدورة الهيدرولوجية.
ولكن ما مقدار الماء الموجود في الغلاف الجوي؟ وكم كمية الماء الموجودة فوق رؤوسنا الآن، وإذا سقط كل ذلك مرة واحدة، فما التأثير الذي سيترتب عليه؟
كيف يوجد الماء فوقنا بالأساس؟
كما جاء في مقال على موقع لايف ساينس Live Science فإن هناك مليارات الغالونات من الماء، معظمها على شكل بخار موجودة في السماء الآن، وإذا سقطت كلها دفعة واحدة فإنها ستسبب بعض المشاكل الكبرى لملايين البشر.
ووفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية، يقدر حجم كل المياه على الأرض بحوالي 1.4 مليار كيلومتر مكعب.
ونتيجة للدورة الهيدرولوجية، وهي إحدى الدورات الحيوية الجيولوجية الكيميائية الكبرى، لا تبقى مياه الأرض في مكان واحد لفترة طويلة، فالماء ينتقل بين المحيطات وسطح الأرض والغلاف الجوي.
ففي كل يوم يتبخر الماء من البحار ويحمل في الهواء ويتكثف مكونا السحب، ومن ثم يعود للأرض في صورة هطول, وأخيرا يعود من الأرض إلى البحر عبر الأنهار وبذلك تكتمل الدورة.
المناطق الجبلية "تحصل على أكثر من حصتها من الأمطار (بيكسابي)
ماذا لو سقط الماء كله فوق رؤوسنا؟
وفقا للموسوعة البريطانية Britannica فإن الماء المتبخر يبقى في الغلاف الجوي لمدة 10 أيام، وهذا يعني أن الغلاف الجوي مغمور فعليا في بخار الماء.
يقول فريديريك فابري، الأستاذ المشارك للبيئة وقسم علوم الغلاف الجوي والمحيطات بجامعة ماكجيل McGill University في كندا، في رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى لايف ساينس "في المتوسط، هناك ما يعادل 30 مم تقريبا من المطر على شكل بخار متاح للسقوط على أي نقطة من سطح الأرض". و"هذا يمثل حوالي 25 كيلوغراما من الماء فوق كل ياردة (ما يعادل 0.9144 متر) مربعة، ومعظمها في شكل بخار".
ويضيف فابري أنه بالنظر إلى أن مساحة سطح الأرض تبلغ حوالي 510 ملايين كيلومتر مربع، فهناك أكثر من حوالي 170 مليون لتر من الماء في الغلاف الجوي.
وأضاف أنه إذا سقطت كل هذه الكتلة مرة واحدة، فسوف ترفع مستوى المحيط العالمي بحوالي 3.8 سم.
ورغم أن كل هذا البخار المتساقط في وقت واحد أمر غير مرجح بشكل كبير، فإن مثل هذا الارتفاع الدراماتيكي في مستوى سطح البحر سيكون له عواقب وخيمة على الأرجح.
إذا سقطت كل المياه الموجودة في الغلاف الجوي تلقائيا فلن تسقط بشكل متساو حول العالم (بيكسابي)
وفقا لموقع كلايمت تشينج بوست Climate Change Post، فإنه إذا ارتفع مستوى سطح البحر العالمي بمقدار 5 سم فقط، فإن المدن المنخفضة، مثل مومباي وكوتشي بالهند؛ وأبيدجان في ساحل العاج؛ وجاكرتا في إندونيسيا، والتي يبلغ عدد سكانها مجتمعة أكثر من 28 مليون نسمة وهي معرضة بالفعل للفيضانات الساحلية، سوف "تتأثر بشكل كبير".
إضافة إلى ذلك، ووفقا لدراسة أجريت عام 2017 نُشرت في دورية ساينتفيك ريبورتس Scientific Reports، إذا ارتفعت مستويات سطح البحر بين 5 و10 سم، فسوف تتضاعف وتيرة الفيضانات في مجموعة من المناطق، خاصة في المناطق الاستوائية.
الماء لا يسقط بالتساوي
إذا كانت كل المياه الموجودة في الغلاف الجوي تسقط تلقائيا بطريقة ما، فلن تسقط بشكل متساو حول العالم، ذلك لأن بعض مناطق الأرض أكثر رطوبة من غيرها.
يقول فابري "يتم التحكم في كمية الماء في الغلاف الجوي من خلال التوازن بين التدفق الداخل إلى الغلاف الجوي والتدفق الخارج منه".
كما "يتم التحكم في التدفق الجاري في الغلاف الجوي عن طريق التبخر من السطح، وهذا يعتمد على ما إذا كان هناك ماء على السطح، وكذلك على درجة الحرارة. ويتطلب تبخير الماء الكثير من الطاقة، وتأتي هذه الطاقة من دفء السطح. والمحيطات الدافئة هي المكان الذي يكون فيه التبخر بأكبر قدر، بينما تكون مناطق اليابسة في القطب الشمالي هي الأقل".
ويختلف متوسط كمية الماء في الغلاف الجوي باختلاف الموسم والموقع، ولكن بشكل عام، "تحتوي المحيطات الاستوائية والمناطق الاستوائية الرطبة على معظم بخار الماء فوقها، وتتحرك هذه مع المواسم؛ أما مناطق اليابسة في القطب الشمالي أو المناطق الجبلية المرتفعة فهي الأقل، "لأن الهواء الدافئ أفضل بكثير لحمل الماء".
إذا ارتفع سطح البحر بين 5 و10 سم، فسوف تتضاعف الفيضانات خاصة في المناطق الاستوائية (بيكسابي)
وتعد الجيولوجيا والتضاريس من العوامل الأخرى المؤثرة، مثل التضاريس المنحدرة، والتي تؤثر على سرعة تحرك الهواء لأعلى في الغلاف الجوي، حيث يبرد.
يقول فابري إنه نتيجة لذلك، فإن المناطق الجبلية "تحصل على أكثر من حصتها من الأمطار". ويفسر هذا جزئيا سبب هطول أمطار غزيرة في سياتل، وهي مدينة تقع قرب سلسلة كاسكيد Cascade Range، وفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
الجدير بالذكر أن تغير المناخ قد يؤثر على كمية البخار في الغلاف الجوي في العقود القادمة.
ويقول فابري "إذا ارتفعت درجات الحرارة، سيزداد التبخر من السطح، وكذلك كمية الماء في الغلاف الجوي".
نتيجة لذلك، يمكن تصور تسارع ظاهرة الاحتباس الحراري. ويعتبر بخار الماء من الغازات الدفيئة الفعالة للغاية، وعندما يكون المزيد منه في الغلاف الجوي، فإنه يساهم في ارتفاع درجة حرارة المياه وتعزيز تأثير الاحتباس الحراري.