نشرت صحيفة “إسرائيل هيوم” تحليلا للكاتب الإسرائيلي “نداف شراغاي” تناولت فيه مسألة خلافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس السلطة القادم، ومدى احتمالية تقبلهما من قبل الشارع الفلسطيني الغاضب على السلطة برمتها.
ووفقا للتحليل الذي نشرته “الصحيفة” فإن وجهة نظر المؤسسة الأمنية في "إسرائيل". ترى أن الاحتمال الأمثل بعد رحيل الرئيس محمود عباس البالغ من العمر 86 عامًا وذي صحة متدهورة، أن يعمل حسين الشيخ وماجد فرج معًا كخلفاء له. ولكن حتى المؤسسة الأمنية تدرك أن الواقع أكثر تعقيدًا. لأن شعبية الاثنين في أروقة السياسية في “إسرائيل” هي عكس صورتهما السلبية في الشارع الفلسطيني.
واعتبر التحليل أن نفوذ حسين الشيخ وماجد فرج ضرب من الخيال الذي لا يمكن أن يتحقق على أرض الواقع بسبب جملة من الأسباب الموضوعية والذاتية للرجلين. فماجد فرج وحسين الشيخ أقرب شخصيات لعباس وكلاهما له علاقات وثيقة مع الاحتلال. وهما رجلا الثقة، وفاعلان بالنسبة لمحمود عباس، وفي نواح كثيرة يمثلان ظله.
ماجد فرج
وعن وجهة نظر الشارع الفلسطيني تجاه الرجلين، أكد التحليل على أن شعبية الاثنين محدودة جدًا. فماجد فرج لا تتجاوز شعبيته مخيم الدهيشة، رغم قربه الشديد من أبو مازن وابنه ياسر الموجود في قطر. حيث عمل معه لأكثر من عقد، ونفذ له مهمات علنية وسرية. ويعارض حماس بشدة، ويحافظ له على التنسيق الأمني مع “إسرائيل”.
موضحًا، “كيف تحول فرج من مناضل عمل ضد الاحتلال في الانتفاضة الأولى، واعتقل 6 سنوات في سجونها ليصبح عنوان التنسيق الأمني مع الاحتلال وأجهزة الأمن الإقليمية والدولية المختلفة.”
حسين الشيخ
أما حسين الشيخ بحسب التحليل، فإن علاقاته بالقيادة الأمنية والعسكرية في “إسرائيل”، ومحاربته العلنية لحماس، لا تشفع له شعبيته التي لا تتجاوز مخيم الجلزون حيث ولد. خصوصاً أنه لا يوجد له عشيرة كبيرة يستند إليها. معتقدًا أن الشيخ “يعيش في أحلام يقظة”، بأنه يمكن تكرار تجربة المفاوضات السياسية مع وزير جيش الاحتلال “بني غانتس” مثل تجربة رابين- عرفات في أوسلو قبل أكثر من ربع قرن.
وعرج التحليل على الخطوات التي قام بها عباس في توزيع كعكة السلطة على ورثته، من تعيين حسين الشيخ في منصب في اللجنة التنفيذية كان يشغله صائب عريقات أمين عام منظمة التحرير قبل وفاته. كما أوصت لجنة فتح المركزية بتولي روحي فتوح رئيسًا للمجلس الوطني.
ولفت التحليل إلى أن التوقعات الأمنية والسياسية لدى الاحتلال تشير، على أحسن تقدير، إلى أن عباس لن يعيش كأقصى تقدير إلى عام أو عامين قادمين. بسب وضعه الصحي المتدهور، وأن الأجواء الاحتفالية التي يعيشها خليفتاه المزعومان ستكون “يا فرحة ما تمت”.
ترقية الشيخ وفرج
ووفقا للتحليل، فإنه على الرغم من أنه لم يصدر أي إعلان رسمي بعد، فإن تحركات عباس تشير إلى قيامه بسرعة بترقية فرج والشيخ للسيطرة على المناصب، في الوقت الحالي إلى جانبه، وفي المستقبل ربما مكانه. حيث سيواصل فرج التعامل مع القضايا الأمنية في السلطة الفلسطينية بينما سيظل الشيخ مسؤولاً عن الساحة الدبلوماسية. حيث تعتقد مصادر في السلطة الفلسطينية أن خطتي تمرير التعديل. الذي سيحدد أن اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي من المقرر أن تجتمع بعد حوالي شهر ونصف من الآن، ستكون الهيئة لانتخاب الرئيس الفلسطيني المقبل. في حين يتمتع الاثنان بقدر كبير من السيطرة في المجلس. إلا أنه في الوقت نفسه ابتعد آخرون عن أروقة السلطة. بسبب دعمهم لترشيح مروان البرغوثي لرئاسة السلطة ومنهم فهري البرغوثي وناصر القدوة.
وأوضح التحليل، ان ما تم ليس إلا حبرا على ورق. مشيرا إلى أن العديد من الكتب والدراسات حول الفلسطينيين تلاحظ أن الورثة المحتملين لعباس – من معسكره ومن منافسيه – يعانون من نقاط ضعف مماثلة: أقوياء في منطقة معينة تم التعرف عليهم فيها وحيث ولدوا وترعرعوا. لكنهم جميعًا فشلوا في تجاوز وزيادة قاعدة دعمهم للوصول إلى مكانة زعيم مقبول لدى المجتمع الفلسطيني بأسره “.
محمد دحلان
وبالنسبة للقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان. لفت التحليل إلى أنه يعمل حاليًا كمستشار أول لمحمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، ولسنوات كان يشتري لنفسه – حرفياً – نفوذاً في مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية ولبنان. حيث تستخدم أموال دحلان بشكل أساسي في شراء الأسلحة. وبهذه الطريقة، نجح في بناء قواعد قوة في جنين ومخيم بلاطة للاجئين ومخيم قلنديا بالقرب من القدس ومخيم الأمعري بالقرب من رام الله وأماكن أخرى في الضفة الغربية.
وقال التحليل، أن محمود العالول، المسؤول الثاني لعباس ونائبه في منظمة التحرير الفلسطينية. هو أيضًا مرشح في صراع الخلافة. لكنه قوي فقط في منطقة نابلس ومخيم بلاطة للاجئين ومحاولته الأخيرة للربط مع فرج والشيخ انتهت بالفشل.
وأشار التحليل على أنه من الممكن أن نرى محوراً مضاداً بقيادة دحلان وعشيرة البرغوثي – كل منهما يجري اتصالات منفصلة مع حماس – ينبثق ضد محور فرج – الشيخ. لافتا إلى أنه بالفعل هناك بوادر أولية لمحور ثلاثي بين حماس والبرغوثي ودحلان. مشيرًا إلى أن جميع الفصائل في جنين – الجهاد الإسلامي وحماس وفتح – متحدة ضد السلطة الفلسطينية مع عمل دحلان في الخلفية في جنين، لتمويل وشراء السلطة لنفسه مع فتح “التنظيم”.
اعتداءات على أنصار دحلان
ووفقا للتحليل، تتصرف هاتان القاعدتان الناشئتان بالفعل على الأرض كأعداء. حيث أنه في نوفمبر الماضي، اعتقلت المخابرات العامة الفلسطينية برئاسة فرج العشرات من أنصار دحلان في الضفة الغربية. وفي الشهر نفسه قتل أحد الموالين لدحلان باسم حاتم أبو رزق في مخيم بلاطة للاجئين. ويقول أنصار دحلان إن القوات الخاصة التابعة للسلطة الفلسطينية أصابته بعيار ناري في الرأس. وفي الفترة نفسها داهمت قوات فرج مخيم الأمعري للاجئين القريب من البيرة واعتقلت ناشطين موالين لدحلان.
واكد على أن الأجواء في مخيمات اللاجئين معادية جدا لعباس وزمرته. حيث تحدثت الباحثة يوني بن مناحم، مؤخرًا مع أحد نشطاء فتح وسمعت عن مشاعره: “هناك خلايا نائمة، هناك عائلات تنتظر يوم رحيل عباس، الحسابات جارية. هناك أناس قاموا بالُتل، هناك أناس يتوقون إلى موت عباس بفارغ الصبر. وهناك أناس ينتظرون الكشف عن المظلة الأمنية الإسرائيلية الممنوحة لبعض القيادة الفلسطينية”.
وأضاف: “ستكون حرب أهلية هنا. أحيانًا أشعر بالأسف على ضباط الأمن الفلسطينيين، كل من شارك في إراقة دماء الفلسطينيين. لن تصدقوا حدة الكراهية والغضب ضد عباس وجهاز الأمن الفلسطيني. وهؤلاء الذين سفكوا دماء الفلسطينيين بين سكان مخيمي بلاطة والأمعري ينتظرون اللحظة المناسبة للقضاء على هؤلاء”.
إضعاف البرغوثي
وتعليقا على ما تشهده الساحة الفلسطينية من كره للسلطة وقيادتها. قال التحليل، إن رئيس السلطة الفلسطينية المقبل لن يتم اختياره من قبل مؤسسات السلطة الفلسطينية أو عباس أو إسرائيل، بل من قبل الكلاشينكوف. حيث أن “البندقية ستتكلم”. لافتا إلى أن فرج والشيخ، اللذان يفضلهما عباس وإسرائيل والولايات المتحدة. قد يكونان أقوياء في وسائل الإعلام، وفي الوقت الحالي يستفيدان من الدعم الذي يقدمه عباس، لكنهما على الأرض ليسا كذلك.
ولفت التحليل إلى ان عباس والمقربين منه الشيخ وفرج يخططون لعدد من الإجراءات لإضعاف البرغوثي – الذي يلقي بظلاله الخطيرة حتى من داخل سجن إسرائيلي فوقهم. مؤكدا ان فرج أقنع مؤخرا وكالة المخابرات المركزية والشين بيت الإسرائيلي بأن البرغوثي كان ولا يزال إرهابيا. وأنه إذا تم إطلاق سراحه من السجن وانتخب للرئاسة فإنه سيلغي التعاون الأمني مع إسرائيل والولايات المتحدة.
وأشار إلى ان البرغوثي نفسه له تأثير كبير على ما يجري في السجون الإسرائيلية وترى مصادر أمنية أن معارك الميراث ستؤثر أيضًا على الوضع داخل السجون. حيث من الممكن أنه في ظل هذه الخلفية. سنشهد إضرابات وأعمال شغب واحتجاجات مختلفة من قبل السجناء.
وأخيرا، رأى التحليل، أن حماس لا تجلس مكتوفة الأيدي، وفي مفاوضاتها مع إسرائيل حول إطلاق سراح مواطنيها المحتجزين في غزة وجثث جنودها أثناء القتال. تصر إسرائيل على إدراج مروان البرغوثي في أي صفقة.
ويرى التحليل، أنه إذا خرج البرغوثي ، أحد مهندسي الانتفاضة الثانية ، فسيكون في نظر كثير من الفلسطينيين كأنه ” نيلسون مانديلا” .
واختتم التحليل بأن استطلاعات الرأي التي أجراها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية خلال العام الماضي أعطت عباس مستويات دعم تتراوح بين 10 و 25٪ فقط. بينما تلقى البرغوثي دعمًا يتراوح بين 22 و 34٪.
وعلق بالقول: “عباس بالطبع غير مسرور، باحتمال إطلاق سراح منافسه العظيم والوقوف ضده أو ضد جماعته”.