رغم أن المقاومة الشعبية هي الوسيلة الوحيدة التي يستطيع من خلالها الشبان والنشطاء التصدي لجرائم الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته المتواصلة يوميا في مختلف مدن الضفة الغربية المحتلة، إلا أن السلطة وقيادتها المتنفذة تسعى للالتفاف عليها تحت ذريعة "القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية" التي لم تشغل أي حيز على الصعيد الفعلي.
وعقدت ما تُسمى "القيادة الوطنية للمقاومة الشعبية" اجتماعا في رام الله أول من أمس بزعم أن ذلك من مخرجات اجتماع الأمناء العامين بين قادة الفصائل في بيروت- رام الله في 3 سبتمبر/ أيلول 2020، إلا أنها استثنت حركتي حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وبعض الفصائل، وهو ما يضع علامات استفهام حول هذه الخطوة.
وما يثير الريبة والشك هو البيان الذي صدر عن الاجتماع الذي اقتصر على بحث أهمية تعزيز وتطوير ومشاركة الجميع بالمقاومة الشعبية في مختلف الأراضي المهددة بالاستيطان، دون التطرق إلى آليات تشكيل القيادة الموحدة ولا طبيعة عملها أو أهدافها.
ويبدو أن السلطة برام الله تسعى إلى تفصيل المقاومة الشعبية وفق مقاسات ومصالح فريقها المتنفذ بمواصلة سياسة "إدارة الظهر" وتجاهل فصائل المقاومة البارزة والفاعلة على أرض الواقع، وفق مراقبين.
وأد المقاومة
يُعلق الناشط السياسي ياسين عز الدين على الاجتماع بقوله إن السلطة وفتح أرادوا من هذا الاجتماع وأد المقاومة الشعبية بحجة أن هناك قيادة ستتولى أمرها، لكن هذه القيادة غير موجودة.
وأضاف عز الدين عبر صفحته الشخصية على "فيس بوك": "لا أمل من الوصول لأي حل أو توافق مع فتح"، معتبرا توافق حماس والجهاد والشعبية بشأن المقاومة الشعبية والعمل السياسي بالضفة كفيلا بتغيير الوضع رأسا على عقب. ووصف الناشط في المقاومة الشعبية من بلدة بيتا في نابلس عبد الرؤوف الجاغوب تشكيل قيادة المقاومة الشعبية "مجرد كلام في الهواء" تريد السلطة من خلالها تحقيق المصالح الشخصية للمتنفذين فيها.
ويؤكد الجاغوب خلال حديثه لصحيفة "فلسطين" أن السلطة تسعى لركوب الموجة فقط، لكنها في حقيقة الأمر لا تريد المقاومة الشعبية ولا القضية الفلسطينية بأكملها، مشددا على أنه لا بديل عن المقاومة الشعبية طالما أن الاحتلال لا يزال جاثما على أرض فلسطين.
ولفت الجاغوب الذي اعتقلته السلطة على خلفية مقاومته الاحتلال على جبل صبيح في بيتا، إلى أن الاحتلال يواصل سرقة الأراضي وتهويدها وارتكاب جرائم القتل ضد السكان في مختلف الأراضي المحتلة، وهو ما يدعو للتصدي له بكل قوة، مبينا أن الشعب الفلسطيني ونشطاء المقاومة هم القادرون على تشكيل قيادة موحدة وليس قيادة السلطة الانهزامية التي تسير وفق قرارات الاحتلال والإدارة الأمريكية.
وحدة وطنية
ويرى عضو الحراك الوطني الديمقراطي تيسير الزابري أن الأصل وجود وحدة وطنية أولا، تنبثق عنها كل أشكال الهيئات ومنها المقاومة الشعبية.
وعدّ الزابري في حديث لـ"فلسطين" عقد الاجتماع برام الله محاولةً لإعطاء المجلس المركزي في اجتماعه الأخير أهمية وقيمة، عبر إيهام الجمهور بتنفيذ نتائجه والالتزام بمخرجات اجتماع الأمناء العامين في بيروت-رام الله.
وقال إن السلطة تسعى من خلال تشكيل هذه القيادة إخفاء العيوب التي تنتهجها وعدم التزامها في قرارات المجالس التي تعقدها، مجددا التأكيد أن المقاومة الشعبية قائمة ولا تنتظر أي مبادرات من السلطة، بل تمضي بجهود النشطاء المخلصين من أبناء شعبنا.
ونبه إلى أن الموقف السياسي الرسمي للسلطة يشكل حالة إحباط لدى الكثير من المواطنين، مردفا "نحن بحاجة إلى قيادة وطنية موحدة فعلًا، وليس لتنظيم يسعى إلى إخفاء مشاكله وعيوبه".