لست من الذين يعتقدون أن منظمة التحرير الفلسطينية هي "البيت الجامع" للكل الفلسطيني منذ إعلان الاستقلال عام 1988 في الجزائر، لأن ذلك الإعلان كان أول اعتراف لطرف فلسطيني بشرعية الاحتلال الإسرائيلي لثلاثة أرباع فلسطين، وإن الكيان الذي يعترف بالكيان غير الشرعي يفقد شرعيته تلقائيًّا، ومع ذلك إنني لا أدعو مطلقًا إلى تسمية بديل عن منظمة التحرير لسبب واحد، وهو عدم توفير فرصة للمزاودات العبثية، وعدم خلق أسباب لتعزيز الانقسام الفلسطيني الداخلي.
قرار رئاسة السلطة عدَّ منظمة التحرير الفلسطينية دائرةً من دوائر الدولة هو إعلان رسمي بفناء منظمة التحرير، ومصادفةً كنت قد كتبت مقالًا قبل أيام من إصدار هذا القرار بعنوان: "منظمة التحرير بين البقاء والفناء"، وتحدثت فيه عن عدم تقديس أصحاب المنظمة لها، وأنها كانت ستزول، لولا ظهور حماس بقوة على الساحة السياسية وفوزها بالانتخابات التشريعية، ومع ذلك صدر القرار بتقزيم المنظمة، وجعلها مجرد دائرة ضمن دوائر دولة لا تعرف معالمها حتى هذه اللحظة، وهذا دليل على عدم قدسية المنظمة، ودليل على صحة ما ذهبت إليه في مقالي المشار إليه.
الإطار الجامع لشعب محتل هو إطار المقاومة كل أشكالها، لا يلزم الشعب الفلسطيني تأسيس كيان جديد شبيه بالمنظمة، حتى لا يمر بما مرت به المنظمة بمراحل تحولت عبرها من منظمة تحرير إلى منظمة مسالمة ومهادنة ومتنازلة عن حقوق الشعب الفلسطيني، شعبنا الفلسطيني لديه مقاومته، تتمثل في مجموعة من الفصائل، وهي الآن تعمل بتوافق وتناغم وتؤدي واجبها على أكمل وجه، قد يحدث خلافات هنا أو هناك، ولكنها لا تؤثر في مسار المقاومة ولا تحرفها عن أهدافها، والمقاومة بشكلها الحالي لا يمكن استغلالها أو الضغط عليها، من دولة الاحتلال (إسرائيل) أو المجتمع الدولي أو الأنظمة العربية، وكذلك لا يمكن لفصائل المقاومة أن تدعي أنها هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، فهي في قلوب الناس ما دامت تقوم بواجبها، وسيتخلى عنها الناس إذا انحرفت عن مسارها، وسيأتي من هو أفضل منهم لاستكمال مسيرة التحرير، وبالمختصر المفيد: إن الشعب الفلسطيني لا يحتاج إلى كيانات أو شخصيات جديدة لإضافتها إلى مجموعة المقدسات المصطنعة والرموز الزائفة.