21.12°القدس
21.01°رام الله
19.97°الخليل
23.52°غزة
21.12° القدس
رام الله21.01°
الخليل19.97°
غزة23.52°
الجمعة 22 نوفمبر 2024
4.68جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.89يورو
3.71دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.68
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.07
يورو3.89
دولار أمريكي3.71

كم تبلغ فاتورة الحرب الروسية الأوكرانية على اقتصاد مصر؟

تلك المخاوف تخص قطاع السياحة في بلد ارتاده نحو 4 ملايين روسي وأوكراني في سنوات الذروة، كما تشمل ملف استيراد القمح الذي تعتمد القاهرة على استيراده بشكل أساسي من كييف وموسكو أكبر مصدري القمح بالعالم، والذي زاد سعر توريده بنحو 65 دولارا للطن (الدولار يساوي 15.75 جنيها).

وعادت السياحة الروسية لمصر قبل 8 أشهر بعد وقف موسكو للرحلات الجوية إلى البلد الحافل بالمناطق الأثرية والتاريخية والمنتجعات عبر البحر الأحمر، وذلك إثر حادث تفجير الطائرة الروسية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، فوق سيناء المصرية.

وتعد مصر من أكبر مستوردي القمح في العالم، وتُنتج من 8 إلى 9 ملايين طن سنويا، فيما تستهلك 18 مليون طن، وتستورد الباقي من موازنتها العامة التي يمثل ارتفاع سعر القمح لأي ظروف عالمية ضغطا عليها ويصاحبه تداعيات سلبية أخرى.

"تطمينات مدبولي"

وفي الاجتماع الأسبوعي للحكومة المصرية من العاصمة الإدارية الجديدة، الخميس، قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي: "لدينا احتياطي كاف من القمح لأكثر من 4 أشهر، وننتظر توريد المحصول المحلي في نيسان/ أبريل 2022".

مدبولي، أكد أنه في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية "فإن الحكومة لديها حلول لتوفير القمح حال تأزم الموقف عبر تنويع مصادر توريده".

"أزمات ثلاث"

لكن، ورغم تأكيد مدبولي، فإن مصر واجهت أزمة مع آخر مناقصة لتوريد الأقماح، حيث ألغت الهيئة العامة للسلع التموينية -المشتري الحكومي للحبوب- طلبا عالميا لاستيراد 60 ألف طن من القمح الفرنسي بسعر 399 دولارا للطن.

وعلى الرغم من أن المناقصات المصرية كانت تلقى رواجا ويُقبل عليها ما بين 10 على الأقل و17 شركة عالمية، إلا أنه هذه المرة لم تتقدم لها إلا شركة واحدة.

وبحسب رويترز، فإن سبب الإلغاء هو قلة إقبال المصدرين على المناقصة بفعل الأزمة الروسية الأوكرانية التي رفعت أسعار توريد الغلال أيضا.

وهي الأزمة الثانية التي تواجه مصر، حيث ارتفع سعر توريد طن القمح من متوسط 345 دولارا بالمناقصات السابقة لـ400 دولار بالمناقصة الملغاة، ما يشير لاحتمالات ارتفاع جديد بالأسعار مع مواصلة الحرب الروسية الأوكرانية.

وبحسب "رويترز"، فقد قفزت أسعار القمح بنسبة 4.3 بالمئة ببورصة شيكاغو، مسجلة أعلى مستوى منذ أيلول/ سبتمبر 2012، وذلك بالتزامن مع زيادات بأسعار مواد الغذاء والسلع الاستراتيجية الأخرى وتفاقم سعر الطاقة العالمي.

وفي تقدير يأتي بعد ارتفاع أسعار القمح عالميا، متأثرة بتدهور المحاصيل مع تغير الأحوال الجوية، وتقلص المخزونات العالمية لدى المنتجين، توقع الوزير معيط، ارتفاع تكلفة استيراد القمح بنحو 12 مليار جنيه بموازنة (2022/2021) البالغة نحو 2.46 تريليون جنيه (158 مليار دولار)، وفق حديث لـ"بلومبرج الشرق"، الخميس.

ذلك الارتفاع المرتقب لتكلفة استيراد القمح لمصر، يأتي على خلاف انخفاض قيمة واردات القمح في (2021/2020) إلى 2.1 مليار دولار، مقابل 2.2 مليار دولار بالعام المالي السابق، بحسب البنك المركزي.

وفي أزمة ثالثة قد تواجهها مصر، ولأنها تستورد القمح من روسيا وأوكرانيا ورومانيا المجاورة لهما، فإن الشركات الموردة والتي أحجمت عن التقدم للمناقصة المصرية لديها مخاوف من الحرب، والمخاطرة التي تواجه مرور أساطيل النقل بالبحر الأسود، وصعوبات نقل الشحنات مع التوتر الحاصل.

واردات مصر من القمح بلغت 5.5 ملايين طن في 2021، من 21 دولة أهمها روسيا وأوكرانيا وجاراتهم بأوربا الشرقية رومانيا والمجر، مع فرنسا، وأوروجواي وأمريكا.

وفي الوقت الذي استوردت فيه القاهرة من موسكو نحو 80 بالمئة من إجمالي وارداتها من القمح، في 2021، إلا أنه ومع فرض موسكو ضريبة على صادرات الغلال الصيف الماضي، واندلاع الحرب مع جارتها كييف، فلم يعد لدى القاهرة إلا البديل الفرنسي القريب من الموانئ المصرية والبعيد عن مجريات الحرب.

في كانون الثاني/ يناير 2022، استأنفت مصر استيراد القمح الفرنسي بواقع 60 ألف طن، بعد توقف لنحو عام بسبب ارتفاع سعره.

"خطر التقلبات الدولية"

وفي رؤيته حول تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على وضع الغلال في مصر، قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب: "موسكو وكييف من أهم موردي القمح لمصر بل والعالم العربي".

وفي حديثه، أكد أن "مصر تستورد ما قيمته 3 مليارات دولار، منها نحو 1.7 مليار دولار واردات القاهرة من قمح روسيا، ونحو 0.7 مليار دولار وارداتها من القمح الأوكراني".

وأضاف: "وبرغم أنه حتى الآن لم تفرض أية قيود على حركة التجارة من روسيا أو إليها، إلا أن هذا لا يمنع أن الحرب بين البلدين قد تتسبب فعليا في رفع أسعار الطاقة، (النفط والغاز)، وتتسبب أيضا في رفع أسعار القمح أيضا".

وعن خسائر مصر المحتملة، أكد عبد المطلب، أنه "رغم احتمالات تحقيق مصر والدول العربية النفطية مكاسب مالية من ارتفاع أسعار النفط والغاز، إلا أن هذا الارتفاع لن يعوض خسائرها نتيجة ارتفاع أسعار توريد القمح، وغيره من السلع الغذائية الأخرى".

ولفت الخبير المصري إلى أن "أسعار النفط تخضع لمعايير تجعل التسعير في يد الشركات العملاقة، والدول الكبرى وليس في يد مصر والعرب".

وعن بدائل الحكومة المصرية أمام غلاء سعر القمح عالميا وصعوبة نقله من مصدره الأكبر في شرق أوروبا، يعتقد أن "ما يحدث حاليا بين روسيا وأوكرانيا، قد يجبر مصر على التوجه نحو أمريكا وكندا وفرنسا للحصول على القمح رغم ارتفاع أسعاره، وتكلفة نقله".

ولفت إلى أن تلك الأزمة لا تخص مصر وحدها بل تطال العديد من الدول العربية، مبينا أنه صار لزاما على القاهرة والعواصم العربية المستوردة للقمح أن يكون لديها خطط مستقبلية لتجنب الوقوع تحت ضغط التقلبات السياسية الدولية.

وألمح إلى ضرورة "تمويل الدول العربية لزراعة القمح في مصر والجزائر كأحد أهم هذه الحلول".

وبشأن قيمة فاتورة الحرب الروسية الأوكرانية على جيوب المصريين والموازنة المصرية، أكد الخبير الاقتصادي، أنه "حتى الآن لم تتضح الصورة، التي تتوقف على مدى استمرار الحرب لفترة طويلة، أو انتهائها سريعا".

ويعتقد أنه ولذلك فإن "التنبؤ بقيمة تقريبية للفاتورة صعب جدا"، مضيفا: "ومع ذلك فهناك ارتفاع واضح لأسعار البترول، وزيادات كبيرة في أسعار القمح والذرة".

وختم عبد المطلب بالقول: "في اعتقادي فإن الحكومة المصرية سترفع قليلا أسعار توريد القمح للمزارع المصري، وهي بذلك سوف تضمن الحد الأقصى من التوريد، ولا أعتقد أن الموازنة المصرية ستتأثر كثيرا، لأن الزيادة المتوقعة لن تكون كبيرة".

أزمة السياحة

ويشكل السياح من روسيا وأوكرانيا الجزء الأكبر من زوار مصر، بما نسبته الثلث من مجموع 12 مليون سائح زاروا البلاد في سنوات الذروة.

ويقدر النظام المصري أن ما بين 300 إلى 500 ألف سائح روسي زاروا مصر شهريا اعتبارا من تموز/ يوليو 2021، مع 125 ألف سائح روسي زاروا البلاد أول أسبوعين من 2022. وفي الوقت نفسه، زار 1.6 مليون سائح أوكراني مصر عام 2019.

وإثر حادث إسقاط طائرة ركاب روسية نهاية عام 2015 فوق سيناء، ومقتل جميع الركاب نحو 224 راكبا، تراجعت بشدة السياحة الدولية إلى مصر وعلقت روسيا رحلاتها قبل أن تسمح بعودة مواطنيها في تموز/يوليو 2021.

ضربة مؤثرة

عضو غرفة شركات السياحة علاء الغمري، أعرب عن مخاوفه الكبيرة من تأثير الحرب الروسية الأوكرانية محذرا من أن استمرارها يضيع كل الجهود السابقة ومحاولات تعافي القطاع بعد عودة السياحة الروسية قبل 8 أشهر.

وقال الغمري: "أثر تلك الحرب على قطاع السياحة المصري كبير، خاصة مع قرارات لإلغاء كل الرحلات وتوقف رحلات الطيران وإغلاق المطارات"، موضحا أنه وعلى الجانب الآخر "لم يظهر هناك أي تأثير على حركة قدوم السائحين من غرب أوروبا".

ولفت إلى أنه "رغم أننا في نهاية الموسم الشتوي وحقق القطاع بعض المكاسب خلال الأشهر الماضية من الأفواج التي لم تنقطع، إلا أن القطاع أصيب بتوقف مفاجئ مع اشتعال تلك الحرب".

وأشار إلى أهمية السائح الروسي والأوكراني للقطاع في مصر، مؤكدا أن "السوق الأهم لدينا هو الأوكراني والروسي وليس أية دول أخرى بأوروبا الشرقية"، موضحا أنه ولأن "الضغط كله روسي أوكراني فإن السياحة ستتأثر بشدة".

وحول الطرق المثلى والبدائل والحلول لتلافي غياب السياحة الروسية الأوكرانية قال الغمري، إن "الحل في التسويق بالأسواق الأخرى، ولكن للأسف كل الأسواق تعاني بسبب جائحة (كورونا) وحتى لو حدث إنعاش للقطاع فإن كورونا لها تأثيرها".

وأكد أن "الحكومة لم تعلن عن أي تحفيز أو تعويض للقطاعات"، مشيرا إلى أن التأثير الأكبر طال قطاع الفنادق، ونافيا تأثر العملة بالأزمة، وموضحا أن "العمل بالسياحة معروف بما يحدث فيه من أزمات".

وكالات