قالت صحيفة "الغارديان" (The Guardian) البريطانية إن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها بريطانيا على روسيا بسبب عمليتها العسكرية المتواصلة على أوكرانيا يرجح أن يشعر بألمها فقط الأشخاص العاديون.
وأضافت الصحيفة أنه ما يتعرض له أي من رموز الأوليغارشية الروسية المقربين من الرئيس فلاديمير بوتين والمستهدفين من هذه العقوبات بشكل مباشر، لن يكون مؤثرا على حاكم موسكو بأي حال من الأحوال.
وذكرت الصحيفة -في مقال لكاتب العمود سايمون جنكينز- أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أصبح جديا أكثر بشأن أوكرانيا، فرغم عدم قبوله استقبال العديد من اللاجئين الأوكرانيين مخافة تقويض صورة المحافظين بوصفهم حزبا مؤيدا للهجرة المنخفضة، فإنه صفع 7 أثرياء روس آخرين في لندن بعقوبات جديدة، منهم مالك نادي تشيلسي رومان أبراموفيتش، وإيغور سيتشين وأوليغ ديريباسكا المقربان من الكرملين.
وقد اتهم هذا الثلاثي البارز -فضلا عن 4 أثرياء متنفذين روس آخرين- بشكل غريب ومخيف بـ"التسبب في قتل المدنيين وتدمير المستشفيات والاحتلال غير القانوني لحلفاء ذوي السيادة".
وأشارت الغارديان إلى أن الحرب مسألة بسيطة، فأنت تحارب وتقاتل فتنتصر أو تنهزم، لكن الحرب الاقتصادية في المقابل عبارة عن فوضى من الإشارات والمقاطعات والأهداف غير المحددة والضحايا العشوائيين، ولأنها غير دموية فإنها منفصلة بشكل من الأشكال عن أي ملف في متناول اليد، ويكاد يكون ضحاياها الحقيقيون دائما هم العاجزين والفقراء.
فمثلا، في حالة أبراموفيتش ما الذي كان يفترض أن يفعله؟ -تضيف الصحيفة- فاحتمالية أن يذهب إلى موسكو ويقنع صديقه بوتين بأن غزو أوكرانيا هو خطأ فادح معدومة، وهذا ما يظهر أن نهج العقوبات هذا في السياسة الخارجية مجرد تهريج لا غير، وفق وصف الصحيفة.
غارديان: الحرب الاقتصادية عبارة عن فوضى من الإشارات والمقاطعات والأهداف غير المحددة والضحايا العشوائيين.. ويكاد يكون ضحاياها الحقيقيون دائما هم الفقراء.
وبحسب الصحيفة، فقد ولدت دعوة أوكرانيا الغرب لرد جماعي على العملية العسكرية الروسية تصعيدا في العقوبات وحالة من الهستيريا والمواقف المعادية لموسكو من قبل الأطراف الغربية، اتخذت -كما هو واضح- للتخفيف من إحجام هذه الأخيرة المبرر عن الانضمام للحرب أو توسيع نطاقها.
وتضيف الغارديان أنه رغم أن فعاليتها لم تكن كذلك، ورغم كل الإدانات الجماعية وأسبوعين من الضغط المالي والتجاري الهائل، فإنه لم يتحقق حتى الآن أدنى تحول في إستراتيجية الرئيس بوتين، بل ربما قد تكون العقوبات قد زادت عزيمته القاتلة صلابة.
وتتابع الصحيفة أنه بغض النظر عن نفور بريطانيا "المروع" من استقبال اللاجئين، فإن وابل الإجراءات الذي اتخذته تبدو مفتقرة لأي بوصلة، وستنتهي على الأرجح عقود من الاستثمار المربح في الاقتصاد الروسي بطريقة ما بين عشية وضحاها.
قد ينتهي قرار جونسون بفرض عقوبات على الأثرياء والشخصيات النافدة المقربة من النظام الروسي بتكبيد المواطنين البريطانيين فواتير طاقة أعلى
وقد يكون التأثير الرئيسي لهذه العقوبات -تقول الصحيفة- هو إعادة ثروة بمليارات الجنيهات -كما في حال شركتي "بي بي" (BP) و"شل" (Shell)- إلى الأوليغارشية الروسية ذاتها التي كان يفترض أن تعاقب على أفعالها، حيث تقترح روسيا الآن مصادرة وتأميم المصانع الغربية المغلقة والأنشطة الغربية الأخرى على أراضيها بلا أدنى تكلفة.
ومع ارتفاع سعر النفط والغاز الروسيين قريبا -تختم الصحيفة- قد ينتهي قرار جونسون بفرض عقوبات على الأثرياء والشخصيات النافدة المقربة من النظام الروسي بتكبيد المواطنين البريطانيين فواتير طاقة أعلى، كما سيتحول قرار حظر صادرات الأسمدة الروسية وبالا على المزارعين البريطانيين.
وقالت الصحيفة "باختصار، الجميع يهتف مهللا لصرامة العقوبات على الروس لكن لا أحد يفكر حقيقة في فائدتها".