يحيي الفلسطينيون في شهر مارس من كل عام "ربيع الشهداء" من كبار قادة حركتهم الوطنية، على رأسهم الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس، الذي استشهد في مثل هذا الشهر من عام 2004، وهي مناسبة لاستعادة المواقف الإسرائيلية من سياسة الاغتيالات عموما، واستهداف القادة السياسيين خصوصا.
ويعتقد الإسرائيليون، رغم ترحيبهم باستراتيجية الاغتيالات، أن القضاء على الزعماء السياسيين للمقاومة الفلسطينية بنهاية الأمر ليس حلاً حصرياً لعمليات المقاومة، لكنهم يزعمون أنه أحد مستويات المواجهة، ويدعون أنه أحد وسائل إضعاف الهجمات المسلحة.
وزعم أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في الجامعات الإسرائيلية، إيال زيسر، في مقاله بصحيفة إسرائيل اليوم، أن "الفلسطينيين أحيوا هذه الأيام الذكرى الثامنة عشرة لاغتيال مؤسس حماس وزعيمها الشيخ أحمد ياسين، الذي حصل في 22 آذار /مارس 2004، بعد ثلاث سنوات ونصف من اندلاع الانتفاضة الثانية، وما شهدته من قتل 430 إسرائيلياً وإصابة 2260 آخرين، في 780 هجوماً نفذته حماس في تلك السنوات".
وأضاف كاتب المقال أن "الشيخ أحمد ياسين مر قبل اغتياله بسنوات طويلة من الاعتقال والمحاكمة والسجن مرتين في السجون الإسرائيلية، وأفرج عنه مرتين دون أن يقضي محكوميته الكاملة، المرة الأولى كجزء من صفقة جبريل في 1985، وبموجبها أطلقت إسرائيل سراح 1150 أسيرا فلسطينياً، والمرة الثانية في 1997، بعد فشل عملية اغتيال خالد مشعل زعيم حماس في الأردن، وبعد أقل من شهر على اغتيال الشهيد ياسين، تم اغتيال خليفته عبد العزيز الرنتيسي".
وترى أوساط أمنية إسرائيلية، بحسب الصحيفة، أن سياسة الاغتيال، على أهميتها، لكنها على المدى البعيد لا تبدو فعالة، وتساهم فقط في تأجيج نار الهجمات المسلحة، بدليل أن وصول حسن نصر الله زعيما لحزب الله خليفة لعباس الموسوي الذي اغتالته إسرائيل أوائل التسعينات، جعل إسرائيل تواجه عدوًا ليس أقل خطورة، ولم يتوقف عن محاولة إيذائها.
في الوقت ذاته، تبدي الأوساط الإسرائيلية، اقتناعا واضحا بأن الاغتيال ليس الحل الوحيد، لأن الحرب مع المقاومة الفلسطينية مستمرة، ولا معنى للقضاء على مسلح منفرد، أو خلية عسكرية في طريقها لتنفيذ هجوم، دون الوصول لمخططي الهجوم، أو من أمر بتنفيذها، لكن يجب أن يُفهم أن الاغتيال ليس حلاً سحريًا.
وختم زيسر مقاله بالتنويه إلى أن الاغتيالات التي تنفذها قوات الاحتلال بين حين وآخر تدرك أنها بحاجة من أجل نجاحها للحفاظ على السيطرة العملياتية والاستخبارية على المناطق الفلسطينية، وهو أمر يتحقق في الضفة الغربية فقط، وليس في قطاع غزة، بجانب وجود اتفاق عام وسياسي واسع في إسرائيل لتنفيذ هذه السياسة، من أجل تحمل الأثمان الباهظة التي سيدفعها الإسرائيليون بسبب انتقام قوى المقاومة لاغتيال قادتها.