22.23°القدس
21.98°رام الله
21.08°الخليل
27.13°غزة
22.23° القدس
رام الله21.98°
الخليل21.08°
غزة27.13°
الثلاثاء 30 يوليو 2024
4.78جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.02يورو
3.72دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.78
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.08
يورو4.02
دولار أمريكي3.72

كانون النار .. تجمع العائلة .. السحلب ...

خبر: عادات الشتاء الجميل تصارع من أجل البقاء

أمطار .. برد .. صوت قطرات المطر تداعب ألواح الزينقو والاسبست في مخيمات اللجوء .. مياه تسير بلا معيقات تذهب أينما أرادت فتقتحم كل شارع وتتجمع في أي مكان .. أشجار تتراقص على نغمات المطر التي تعزف سنفونية مشتركة مع أصوات الرياح التي تشتد تارة وتهدأ تارة أخرى .. هواء عليل رغم برودته إلا أنه يشعرك بسعة الصدر ونقاء الجو من الملوثات التي تراكمت على مدار شهور طويلة .. وأسرة لفها دفء الحنان والحب والألفة رغم برد الشتاء وانقطاع الكهرباء تجتمع في سهرات ليلية رائعة . أم محمد تجهز "السحلب" لأسرتها التي تجمعت عندها في الطابق السفلي من المنزل .. الأبناء وزوجاتهم وأطفالهم إضافة إلى اثنين من أبنائها "العزابية" كانوا جميعاً يلفهم صالون المنزل الذي اكتظ بهم فمنحهم دفئاً رغم انقطاع التيار الكهربائي وعدم وجود مدفئة تسخّن جواً أصبحت لسعات البرد فيه لا تطاق أو تحتمل . "السحلب فاكهة الشتاء وبدونه لا يمكن أن يعيش الواحد جو الشتا فهو يعطيك الدفا وشعور لا يمكنك مقاومته أبداً خاصة إذا كان من يد الوالدة " يقول محمد الابن الأكبر وعيناه ترمق زوجته التي نظرت إليه بـ"نص عين" تعبيراً عن عدم رضاها وكأنها تقول له و"السحلب إلي من تحت ايديا مالو ما بينشرب". مشاهد "شقوق" كانون الفحم وتجمًع الجيران والخلان من كافة الأعمار والمستويات وغيره من مظاهر الشتاء التي كانت تزيّن أيام وليالي الشتاء في قطاع غزة بدأت في الاندثار . فلعلك اليوم تجوب مناطق بأكملها في مخيمات وأزقة وحارات قطاع غزة فلا تجد إلا القليل ممن يشعلون النار للتدفئة رغم أن انقطاع الكهرباء يساعد على تنامي هذه الظاهرة إلا أنها اختفت تقريباً من مناطق كثيرة في قطاع غزة . الحاج السبعيني أبو سائد لا زال يحافظ على هذا الطقس الجميل من طقوس الشتاء فيجمع عائلته أمام كانون النار في ليالي الشتاء ، حيث يشعله بعد أداء صلاة المغرب مباشرة ويستمر مشتعلاً كما يقول حتى منتصف الليل حيث يقوم الكل لمنازلهم . " الكانون يشعرك بالدفء وبيجيب الحبايب بيقعدوا وبيتكلموا مع بعض وبيحكوا في مواضيعهم إلي بتهمهم وهذا الشي بيزيد بينهم المحبة والألفة " يقول الحاج أبو سائد السبعيني يتأسف على أيام زمان ويلوم "أبناء اليوم" الذين استبدلوا حسب قوله جلسات العائلة والسمر الجميل بالجلوس على الانترنت والتلفزيون وابتعدوا عن التجمع العائلي وما يحمله من ألفة وحب وترابط أسري . أحفاد أبو سائد يحبون الجلوس بجوار كانون النار الذي يشعله جدهم وأكثر ما يسعدهم حكاياه التي تمتد لساعات عن أيام البلاد وقصص الهجرة والمخيمات في بدايتها فيعيشون وقتاً يهيمون فيه بين ثنايا التجاعيد التي برزت في وجه جدهم المحبوب . المختصون يرون أسباباً وعوامل كثيرة أدت لابتعاد الأسر عن كثير من العادات المتعلقة بموسم الشتاء وخصوصاً فيما يتعلق بتجمع العائلة وجلوسها مجتمعة للسهر والسمر في ليالي الشتاء التي تمتد لساعات طويلة . المستشار التربوي والأسري وأستاذ الصحة النفسية المساعد هشام غراب يرى أن أهم العوامل التي أثرت في تجمع الأسرة وتماسكها كما كان في السابق يعود لزيادة عدد الأسرة الكبيرة ما اضطر الشباب للاستقلال في أسرهم الصغيرة بعيداً عن عادات الأسرة الممتدة . كما عزا ذلك إلى الانشغال الكبير لأفراد الأسرة في أعمالهم والتي تمتد أحياناً إلى ساعات متأخرة من الليل إضافة إلى انتشار وسائل التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي التي تسحب بساط الوقت من تحت الأبناء ويجعلهم غير قادرين على التواصل بشكل كبير مع أسرهم وينطبق الحال على قضاء الأبناء وقتاً طويلاً في ممارسة الألعاب الالكترونية - حسب غراب . وأشار غراب إلى نقطة هامة تجعل التجمع الأسري ضعيفاً ونادراً وهي عدم تلبية هذه الاجتماعات الأسرية لرغبات وحاجات أفراد الأسرة ما يجعلهم يعزفون عن المشاركة فيها والتحمس لها ، إضافة إلى الوضع الاقتصادي الصعب لكثير من هذه الأسر ما يجعلها تفضل الجلوس منفردة دون تجمع قد يجلب مزيداً من المصاريف . ورغم كل ما سبق فإن الجلسة العائلية الشتوية وعادات الشتاء الجميلة تنبش في الذاكرة الحنين إليها وتصارع من أجل البقاء .. فما أجملها من لحظات لا يكون فيه الدفء إلا حناناً يسري بين أفراد الأسرة الواحدة ويقتل البرد الذي يحاول فض اجتماعهم الجميل .. شتاؤكم أجمل بين أهليكم وعائلاتكم . عادات الشتاء الجميل تصارع من أجل البقاء عادات الشتاء الجميل تصارع من أجل البقاء