نشر موقع "بيلينغكات" الاستقصائي تقريرًا، كشف فيه عن حيثيات وشواهد تشير إلى تورط جنود الاحتلال في قتل الصحفية المخضرمة شيرين أبو عاقلة، استنادا إلى تحليل عدد من التسجيلات التي بثت من مكان الحدث.
وقال الموقع، إن مقاطع الفيديو التي تمت مشاركتها بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي ساعدت في الكشف عن بعض حيثيات قتل أبو عاقلة إذ تُظهر اللحظات الفوضوية التي أعقبت إطلاق النار عليها ومحاولات زملائها الوصول إليها.
وبعد ساعات قليلة من مقتل الصحفية، صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بأن هناك احتمالا كبيرا أن يكون المسلحون الفلسطينيون الذين أطلقوا النار على نطاق واسع المسؤولين عن مقتلها. وفي مؤتمر صحفي لاحق، رجّح وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس أن "يكون الفلسطينيون هم من أطلقوا النار عليها، وهو ما قد يكون في صالحنا. نحن نحقق في ذلك".
ولكن القادة الفلسطينيين يُشكّكون في حياد التحقيق الإسرائيلي في قضية قتل أبو عاقلة، وألقت كل من السلطة الفلسطينية وقناة الجزيرة على حد سواء باللوم على جيش الاحتلال واتهموه بالتورط في مقتل شيرين.
وحسب الموقع، فإن شهود عيان، بمن فيهم صُحفيّون كانوا موجودين لحظة استشهاد أبو عاقلة، قالوا إن جنود الاحتلال الإسرائيلي فتحوا النار عليهم دون سابق إنذار وأنهم اُستهدفوا عمدًا كصحفيين. وعلى الرغم من أن الجيش الإسرائيلي قد قبل باحتمال أن يكون أحد جنوده مسؤولاً عن الهجوم، إلا أن النتائج المؤقتة التي توصّل إليها الصادرة في 13 أيار/ مايو لم تُقدّم سوى سيناريوهات كان فيها مقتل أبو عاقلة عرضيًا.
وذكر الموقع أن الصور ومقاطع الفيديو المفتوحة المصدر التي توثق ما حدث قد لا تكون كافية لإثبات هوية من أطلق الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة. ومع ذلك، يمكن البدء في تكوين صورة لكيفيّة تطوّر الأحداث في مكان الحادثة ومقارنتها بالبيانات والشهادات الرسميّة لمعرفة ما إذا كان هناك أي تناقض.
فعلى سبيل المثال، أشار التقرير المؤقت لجيش الاحتلال الإسرائيلي إلى إمكانية وجود مسلّحين بين الجنود وأبو عاقلة وأن رصاصة جندي إسرائيلي أصابت الصحفية عن طريق الخطأ. ومع ذلك، لا توجد لقطات فيديو لأي مسلحين آخرين في هذا الشارع بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والصحفيين. كما أن جميع الشهود والصحفيين الموجودين في مكان الحادث لم يروا أو أغفلوا ذكر وجود أي من هؤلاء المسلحين على طول الطريق الضيق الذي يفصلهم عن الجنود الإسرائيليين.
وافترض بيان جيش الاحتلال الإسرائيلي أيضًا إطلاق مسلحين النار على قواته وهو ما من شأنه تعريض أبو عاقلة للإصابة في هذه العملية. ويظهر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي مسلحين يطلقون عيارات ناريّة سريعة من المرجح أن تكون باتجاه قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي. مع ذلك، لم تكن الطلقات النارية التي يمكن سماعها أثناء تصوير رجل يحاول استعادة جثة أبو عاقلة في اللحظات التي تلت وفاتها عالية وإنما بطيئة ومتعمدة، مما يشير إلى استهداف تام.
كما أن موقع المسلحين الذين صُوروا في مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي كانوا إما أبعد بكثير عن أبو عاقلة مما كانت عليه قوات الجيش الإسرائيلي، أو أنهم في وضع لا يسمح لهم برؤية موقعها أو استهدافها. وتبدو الصور ومقاطع الفيديو الأخرى التي نشرتها مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى متوافقةً إلى حد كبير مع أقوال الشهود.
وتُظهر لقطات فيديو نُشرت على فيسبوك بعد لحظات من ظهور التقارير الأولى عن استشهاد أبو عاقلة، وصول قوات جيش الاحتلال إلى موقع امتد على مسافة 190 إلى 250 مترًا جنوبًا حيث أصيبت برصاصة قاتلة. وهو ما يُعد مهمًا نظرا لنتائج التحليل الصوتي التي تقدر أن الطلقات التي اُطلقت تجاه زملاء أبو عاقلة وهي ميتة نشأت على بعد 177 إلى 184 مترًا.
ومع أن مقطع الفيديو الذي نُشر على فيسبوك لا يمكنه تأكيد الوقت الدقيق لوصول قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى الموقع جنوبًا حيث اُطلقت النار على أبو عاقلة، إلا أن البيانات الوصفية من لقطات كان قد صورها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي ومشغلو الكاميرات في مكان الحادث أو من مقاطع الفيديو التي صورها جيش الاحتلال الإسرائيلي ، يمكن أن توفر مزيدًا من الوضوح فيما يتعلق بهذه النقطة؛ وهو ما من شأنه أن يتيح مزيدًا من تضييق الاحتمالات فيما يتعلق بمواقع القوات الإسرائيلية وقت مقتل أبو عاقلة.
تحديد توقيت القتل
وذكر الموقع أن سلسلة من مقاطع الفيديو المصورة التي تُظهر الموقع الذي سقطت فيه أبو عاقلة احتوى على ظلال تسمح بتقدير وقت قتلها. تمت مشاركة مقطع الفيديو الأول الذي يُظهر مشهد إطلاق النار الذي تمكن موقع بيلنغكات من العثور عليه على تيلغرام في الساعة 6:36 صباحًا بالتوقيت المحلي.
علي السمودي، الصحفي الذي كان بالقرب من أبو عاقلة عندما أصيبت برصاصة، أصيب هو الآخر بطلق ناري وقام ببث رحلته إلى مستشفى محلي ابتداءً من الساعة 6:33 صباحًا.
ويمكن تحديد الوقت التقريبي لالتقاط هذا الفيديو من خلال فحص الظلال المرئية في الفيديو المذكور الذي شاركه منتج الجزيرة، تتجه الكاميرا غربًا على طول شارع بلاط الشهداء قبل أن تتجه جنوبا نحو جثة أبو عاقلة. وكما يظهر في الفيديو، فإن الظلال الطويلة لكل من الأشخاص ولافتات الطرق متجهة إلى الغرب والجنوب الغربي. وباستخدام "صن كالك" - وهي أداة مجانية عبر الإنترنت تحسب الوقت التقريبي حسب طول الظل - يمكننا تأكيد أن مقاطع الفيديو هذه تم التقاطها بالفعل في الصباح الباكر من يوم 11 أيار/ مايو.
اشتباكات الصباح في جنين
تُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي ذلك الصباح أن الاشتباكات في المنطقة بدأت بحلول السادسة صباحًا. وفي أحد مقاطع الفيديو التي تمت مشاركتها على تيلغرام في الساعة 5:59 صباحًا، الذي تم تسجيله على بعد حوالي 120 مترًا شرق المكان الذي قُتلت فيه أبو عاقلة لاحقًا، يمكن سماع طلقات نارية ورؤية دخان أبيض يتصاعد فوق المباني عن بعد.
في أعقاب استشهاد الصحفية، سعى بعض المعلقين الإسرائيليين إلى لفت الانتباه إلى عدة مقاطع فيديو تزعم أنها تظهر مسلحين يطلقون النار على أهداف غير مرئية في جنين.
ويظهر مقطع فيديو آخر رجلاً يُطلق النار من بندقية في زقاق. وذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية والجيش الإسرائيلي أن هذا الفيديو تم تصويره في صباح يوم الحدث، وأشارت وزارة الخارجية الإسرائيلية ورئيس الوزراء في البداية إلى مقتل أبو عاقلة نتيجة إطلاق النار في هذا الفيديو. لكن تحليل اللقطات يدحض هذه الادعاءات.
وقامت منظمة "بتسيلم"، وهي منظمة غير حكوميّة محلية تدعم حقوق الإنسان في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، بزيارة الموقع الذي تم فيه تسجيل الفيديو الثاني وصورت رسالة تظهر المنطقة بوضوح. سمح هذا التسجيل لموقع بيلنغكات وآخرين بتأكيد الموقع الجغرافي للفيديو الثاني في زقاق يبعد حوالي 270 مترًا عن الموقع الذي قُتلت فيه أبو عاقلة. ويُظهر ذات الفيديو أن الزقاق الذي كان المسلّح يطلق النار عليه ينتهي بجدار وليس بالمكان الذي أصيبت فيه أبو عاقلة. وهذا يعني أنه لا يمكن أن يكون مطلق النار الذي شوهد في الفيديو الثاني هو قاتل أبو عاقلة.
وتُظهر لقطات الكاميرات الشخصية التي نشرها الجيش الإسرائيلي في وقت لاحق من اليوم بعنوان "نشاط الصباح لجنود الجيش الإسرائيلي أثناء تطهير جنين" جنودًا يتحرّكون في أحد الأزقة نفسها التي تظهر في فيديو "بتسيلم". وتُشير المقارنة بين هذين المقطعين إلى أن المُسلّحين في الفيديو الثاني وجنود الجيش الإسرائيلي في فيديو الكاميرا الشخصية كانوا موجودين في أزقة متوازية. وهو يشير إلى أن المجموعتين قد اشتبكتا في وقت مقتل أبو عاقلة.
وفي نهاية مقطع الفيديو الخاص بالكاميرا الجسديّة للجيش الإسرائيلي، ركض الجنود إلى شارع حيث كانت خمس عربات مدرّعة في انتظارهم. كان موقع للجيش الإسرائيلي جنوبًا على طول الشارع ذاته من المكان الذي قُتلت فيه أبو عاقلة. وكانت السيارة التي تقود القافلة تتمركز على بعد حوالي 190 مترًا جنوبا من مكان إطلاق النار على أبو عاقلة، بينما كانت السيارة الخلفية على بعد حوالي 250 مترًا.
ويُظهر مقطع فيديو وقع مشاركته على فيسبوك تم تحميله على المنصة على الساعة 6:40 صباحًا نفس قافلة المركبات التابعة للجيش الإسرائيلي وهي تسير وتتوقف في نفس الموقع حيث شوهدوا في لقطات الكاميرات الشخصية للجيش الإسرائيلي. يمثّل وقت التحميل حدًا أقصى لموعد وصول جنود الجيش الإسرائيلي إلى الموقع، وبعبارة أخرى من المحتمل أن الفيديو قد سُجّل قبل الساعة 6:40 صباحًا عندما تم تحميله على فيسبوك.
ونظرًا لأن الفيديو بدا وكأنه مسجّل من داخل منزل لم يقع الإشارة إلى موقعه حرصًا على سلامة الشخص الذي قام بتسجيله. وقع تحديد موقع الجيش الإسرائيلي في نهاية مقطع الفيديو الخاص عن طريق الكاميرا الشخصية للجنود في سلسلة من ستة مقاطع فيديو بواسطة طاقم تصوير كانوا يبعدون حوالي 100 متر شمالًا تقريبًا بين موقع الجيش والمكان الذي تم فيه إطلاق النار على شيرين أبو عاقلة. وتم نشر هذه المقاطع على منصة تليغرام.
بينما تُظهر لقطات كاميرا شخصية للجيش الإسرائيلي ومقاطع فيديو تليغرام أن الجيش الإسرائيلي كان يسيطر على جزء من الشارع على بعد أقل من 200 متر من المكان الذي قُتلت فيه أبو عاقلة، يبدو أن أدلة الفيديو تظهر أن السيطرة على الشوارع الجانبية القريبة كانت مسألة متنازعًا عليها. ولا توجد لقطات أو صور متاحة تشير إلى تمركز أي مسلّحين فلسطينيين بين جنود جيش الاحتلال وأبو عاقلة.
ومع ذلك، يظهر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي (الذي يشار إليه باسم "الفيديو الثالث") مجموعة من الرجال في زاوية شارع قريب كانوا يتبادلون إطلاق النار. يمكن تحديد الموقع الجغرافي لمقطع الفيديو على بعد كتلة واحدة تقريبًا جنوب قافلة المركبات المدرعة التابعة للجيش الإسرائيلي.
وأكد الموقع أن الفيديو الثاني والفيديو الثالث والكاميرات الشخصية للجيش الإسرائيلي تسمح بتحديد المواقع التقريبية التي يتمركز فيها الطرفان. لكن لم يكن من الممكن تحديد توقيت الفيديو الثالث وتحديد الوقت الدقيق الذي تم التقاطه فيه. وفي مقطع الفيديو الذي يُظهر زميل أبو عاقلة يتعرض لإطلاق نار ونشره صحفي في قناة الجزيرة، يبدو أن الطلقات كانت موجّهة ومتعمّدة - وليست رشاشات جامحة وغير موجهة. ويشير هذا النمط من إطلاق النار إلى إمكانية استهداف الصحفيين عن قصد من قبل مطلق النار، بدلاً من إطلاقه النار بشكل عرضي.
ويشير تحليل صوتي بتكليف من "بيلنغكات" إلى أن الطلقات التي كانت باتجاه موقع أبو عاقلة بعد وقت قصير من وفاتها كانت من مسافة أقرب مما كان يتمركز فيه المسلحون في الفيديو الثالث.
سرعة وصوت الرصاص
استنادًا إلى أسلحة شوهدت تُستخدم من قبل الجيش الإسرائيلي ومسلحين، طلب بيلنغكات من روبرت ماهر - الذي يجري بحثًا في التحليل الجنائي الصوتي - إلقاء نظرة على لقطات الفيديو التي نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ومحاولة تقدير المسافة بين مطلق النار والشخص الذي يحمل الكاميرا بالقرب من أبو عاقلة في هذا الفيديو.
وقال ماهر إنه من التسجيل الصوتي المصاحب للفيديو، هناك مؤشران مسموعان لطلقات نارية في الوقت المنقضي في التوقيت 1: 56.25 و2: 19.538. يتكون كل من التقريرين المسموعين من صوت ("فرقعة")، وبعد 0.3 ثانية بصوت "طرقة".
وقال الموقع إن ماهر فسّر الصوت الأول على أنه موجة صدمة ناتجة عن رصاصة تفوق سرعة الصوت مرّت بالقرب من ميكروفون التسجيل، والصوت التالي الأكثر هدوءًا هو صوت الانفجار الناتج من السبطانة. وأضاف ماهر ملاحظة تحذيرية لهذه الحسابات، قائلًا إن "تقدير المسافة يعتمد على درجة حرارة الهواء، لأن ذلك يؤثر على سرعة الصوت".
وحسب الموقع فإن الرصاصة التي تم تحليلها يتفق أيضًا مع التقارير التي تفيد بأن الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة من عيار 5.56 ملم، ومن المهم أيضًا ملاحظة أن هذه الحسابات لا تأخذ في الحسبان إمكانية استخدام سلاح آخر غير مرئي أو تم التقاطه في مقاطع فيديو من مكان الحادث.
وأشار ماهر إلى أنه حتى الاختلاف الطفيف في السرعة المفترضة للرصاصة يمكن أن يؤدي إلى تغيير في الحسابات، فإذا كانت الرصاصة تسير بسرعة تفوق سرعة الصوت أبطأ، فسيكون تقدير المسافة أطول؛ أما إذا كانت الرصاصة تسير بسرعة تفوق سرعة الصوت، فسيكون تقدير المسافة أقصر.
خطوط الرؤية
وذكر الموقع أن صور المنطقة توفّر مزيدًا من الأدلة حول مكان تمركز القناص مقارنة بموقع شيرين أبو عاقلة وبقية الصحفيين. التُقطت صورة نشرتها قناة جنين كامب تلغرام في المكان الذي قتلت فيه أبو عاقلة. تتجه الكاميرا إلى الجنوب مباشرة، مما يسمح لنا باستنتاج خط الرؤية نحو ما يفترض أن يكون موقع كتيبة جيش الاحتلال الإسرائيلي والمسلحين.
كما أورد الموقع أنه تم إعاقة خط الرؤية شمالًا من مواقع تجمع المركبات التابعة للجيش ومواقع المسلحين في الفيديو الثاني والثالث جزئيًا بسبب الجدار المحيط بالمقبرة، حيث يمكن رؤية هذا الجدار في صور القمر الصناعي وكذلك في لقطات من المشهد في ذلك اليوم.
ولم يكن جدار المقبرة هو الشيء الوحيد الذي كان يعيق خط الرؤية شمالًا على طول الطريق. طوال الصباح، كانت هناك مركبات متوقفة على الجانب الغربي من الطريق كان من شأنها أن تجعل إطلاق النار شمالًا من الموقع على مستوى الشارع لكتيبة الجيش الإسرائيلي والمسلحين في الفيديو 2 والفيديو 3 أكثر صعوبة إن لم يكن مستحيلاً.
وتَظهَر العوائق التي كانت متواجدة في خط الرؤية التي وفّرها جدار المقبرة والمركبة الصفراء بوضوح في الصورة التي تم تداولها على تلغرام، والتي التُقِطت من فوق تل جنوب الطريق باتجاه الشمال مطلّة على المكان الذي قُتلت فيه أبو عاقلة.
كما يتضح من الصورة، أن خط الرؤية ضيق من المسافة التي تموقع فيها الجيش الإسرائيلي وصولا إلى المكان الذي قُتلت فيه أبو عاقلة. ويكشف سلوك الرجل ذي القميص الأبيض، الذي ذهب لمساعدة أبو عاقلة، أنهم ما زالوا يتعرضون لإطلاق النار من الجنوب حينها.
وحاول الرجل على الساعة 01:56 ومرّة أخرى على الساعة 02:20، التحرك شرقًا باتجاه مكان الحادث الطريق في محاولة لحمل أبو عاقلة. في المحاولتين كان يُسمع صدى طلقة واحدة كانت قريبة بدرجة كافية من الرجل لإجباره على التراجع.
ومن الممكن أن تكون المركبة الصفراء والشجرة التي تظهر في الصورة قد وفرتا غطاءً له عند الوقوف بالقرب من الحائط. كما يبدو أن هناك أيضًا احتمال أن يكون مطلق النار متواجدا في موقع مرتفع نظرًا لوجود مبنى شاهق إلى الغرب قليلاً من موقع جيش الاحتلال الإسرائيلي، وكان ذلك ليوفر خط رؤية واضحا إلى المكان الذي تواجدت فيه أبو عاقلة وزميلها في حال خرجوا من خلف الشجرة وبعيدًا عن الجدار.
وهناك صورة أخرى تكشف وجود مبنى مرتفع وهذا يعني أن الرجل ذا القميص الأبيض كان ليظهر مرة أخرى أمام مطلق النار المتمركز هناك حينها ومع ذلك لا توجد لقطات تظهر دخول أي مقاتل إلى ذلك المبنى أو تمركزه فيه أو إطلاق النار منه.
موجز المصدر المفتوح
في حين أن الدليل مفتوح المصدر المتمثل في الفيديو المتاح حاليًا لا يورد بالتفصيل اللحظة أو الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة، فإن شهادات شهود متعددة تلقي باللوم على جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي. وبينما لا توفر أدلة الفيديو المتاحة أسبابًا جيدة للشك في حساباتهم، إلا أنها تبدو في الواقع وكأنها تدعمهم.
تبين أدلة الفيديو أنه عندما كان جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي يتقاتلون مع جماعة مسلحة في الشارع حيث سقطت أبو عاقلة، كان لموقع الجيش الإسرائيلي مسار إطلاق واضح وكانوا أقرب إلى المكان الذي أطلِق عليها النار فيه. وهذا على النقيض من مواقع الجماعة المسلحة الأبعد والأكثر عرقلة. وكانت المركبة الرائدة في قافلة المركبات المدرعة التابعة للجيش الإسرائيلي التي شوهدت في لقطات الكاميرا، على بعد 190 مترًا تقريبًا من المكان الذي أصيبت فيه أبو عاقلة. في المقابل، كان موقع الجماعة المسلحة في الفيديو الثالث وهي تطلق النار في الشارع يبعد حوالي 300 متر.
كما يبدو أن التحليل الجنائي الصوتي الأولي لشريط فيديو تم التقاطه في أعقاب مقتل أبو عاقلة، يشير إلى أن إطلاق النار نشأ على بعد 177 إلى 184 مترًا تقريبًا، على افتراض أن السلاح والطلقة المستخدمة متسقة مع تلك التي شوهدت في الفيديو. ويتماشى هذا التقدير بشكل أوثق مع المسافة التقريبية بين موقع الجيش الإسرائيلي وموقع مقتل الصحفية، أكثر من المسافة بين هذا الأخير وموقع الجماعات المسلحة.