تحدثت صحيفة "هآرتس" العبرية، عن دلالة كشف جيش الاحتلال الإسرائيلي الأحد، عن هوية الضابط الذي قتل خلال عملية عسكرية-أمنية إسرائيلية فاشلة في قطاع غزة، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018.
وأعلن الجيش أن القتيل هو المقدم محمود خير الدين من قرية "حرفيش"، علما بأن الجناح العسكري لـ"حماس" كتائب القسام، الذي يقف خلف قتل الضابط الإسرائيلي كان قد كشف عن هوية الضابط في وقت سابق.
وأوضحت الصحيفة في تقرير للخبير الإسرائيلي عاموس هرئيل بعنوان: "نهاية موسم العمليات.. عمليات كتلك التي قتل فيها محمود خير الدين آخذة في الاختفاء"، قال إن "خير الدين، هو ضابط في جهاز العمليات الخاصة في الاستخبارات العسكرية، قتل في نشاط سري تشوش في قطاع غزة عام 2018".
وأضافت: "خير الدين، قتل في عملية سرية خلف خطوط العدو"، منوهة أن الجيش "خلال ثلاث سنوات ونصف منع نشر أي معلومات عن شخصيته، الآن الجيش غير سياسته وفتح بذلك نقاشا واسعا".
وأشارت إلى أن عملية "خير الدين" تشبه عملية المقدم عمانويل مورنو الذي قتل في عملية لدورية قيادة الأركان في عمق لبنان، بعد بضعة أيام على انتهاء حرب لبنان الثانية، ومنذ 2006 يحظر نشر صورة له، موضحة أنه "مر ما يكفي من الوقت والظروف تغيرت بدرجة كافية، لإعادة فحص الخط المتشدد في هذه المسألة على خلفية التشابه بين الحادثتين".
وذكرت الصحيفة، أنه "في حالة "خير الدين" هناك سبب آخر، فالضابط من الطائفة الدرزية ونشر قصته يمكن أن يشجع التجنيد في قوات الأمن في المجتمع الذي فيه هذه المسألة هي محل خلاف شديد أكثر مما كان في السابق، وشبكة العلاقات بين الدروز وإسرائيل أصبحت حساسة أكثر عند قتله على خلفية معارضة الطائفة لقانون القومية".
وقالت: "الكثير من الدروز ثاروا على التناقض في سلوك إسرائيل نحوهم، التي ترعاهم باسم "حلف الدم" وفي نفس الوقت تمس بهم عن طريق القانون المذكور"، منوهة أن الوزير أفيغدور ليبرمان الذي استقال من منصب وزير الأمن بعد فشل عملية خانيونس نبه أنه مطلوب إجراء تعديل على القانون لإلغاء الظلم الذي يكتنفه.
وأكدت أن "العملية في خانيونس ورغم توزيع الأوسمة، هي فشل عملياتي للجيش الإسرائيلي، كان يمكن أن ينتهي بنتيجة أسوأ بكثير، كما أن العملية بنظرة إلى الوراء، تبدو مثل إشارة أخيرة من عالم مضى ولم يعد موجودا، فعالم العمليات الخاصة تغير بشكل كبير أمام ناظرينا".
وكشفت "هآرتس" أن الضابط القتيل كان "قلقا جدا قبل العملية وعبر عن تخوفه من أن الأمور يمكن أن تتشوش، والتحقيقات بعد العملية كشفت عن عيوب كثيرة في طريقة إعداد القوة لعملية سرية"، منوهة أنه كان لدى المحافل الأمنية والعسكرية الإسرائيلية مخاوف كبيرة من أسر حماس لأفراد الوحدة الإسرائيلية.
وقالت: "كان احتكاكا من مسافة قريبة جدا مع إمكانية حدوث كارثة أكثر، وإسرائيل كان من الممكن أن تجد نفسها في وضع فيه عدد من الجنود الذين لديهم خبرة في عملياتها الاستخبارية السرية جدا وهم يسقطون في أيدي حماس ويتحولون لورقة مساومة، وهذا بالمقارنة من أسر الجندي جلعاد شاليط، يظهر كأمر صغير".
ونوهت إلى أن "هناك موضعا أعمق؛ وهو أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي مثل نظرائه في العالم يتعامل مع التغيرات التكنولوجية المعروفة التي نشرت على المعابر الحدودية وفي المطارات وعلى طول الجدران الحدودية المختلفة، فكثرة الكاميرات المدعومة بتكنولوجيا لتشخيص الوجوه وجوازات السفر الممغنطة تصعب على حركة رجال الاستخبارات على أشكالهم، كما يصعب أكثر التسلل عبر الحدود والتحرك بغطاء للشخصية".
وأشارت إلى أن وسائل إعلام كشفت بعد العملية أفراد الوحدة الذين دخلوا إلى القطاع بوثائق مزيفة وبغطاء كأعضاء في جمعية متطوعين دولية عبر معبر "إيرز"، بهدف "تركيب وسائل تنصت في منظومات اتصالات وهواتف حماس، وهناك أخذت إسرائيل على عاتقها مخاطرة كبيرة (تورطت) حول طريقة عمل قديمة نسبيا، وليس سرا أن الأغلبية الساحقة من المعلومات الآن تجمع عن بعد، بالأساس عن طريق وسائل اختراق سايبر للحواسيب والهواتف المحمولة، وهنا الأمر يتعلق بمخاطرة بالحد الأدنى".
وبأثر رجعي، فإن "تعقد العملية في خانيونس، نبه لخطوة أخرى قبل انتهاء موسم العمليات؛ فكلما أصبحت العوائق التي ينشرها الأعداء أكثر صعوبة للاختراق، فإن المسؤولين سيترددون قبل المصادقة على عمليات تكتنفها مخاطرة كبيرة جدا".
"سيريت متكال"
ومنيت قوة خاصة إسرائيلية من وحدة النخبة "سيريت متكال" التابعة لجيش الاحتلال، بفشل كبير بعدما تسللت لمدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، وتم اكتشافها من قبل عناصر من كتائب القسام الجناح المسلح لـ"حماس"، مساء الأحد 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018.
وقامت عناصر المقاومة باستجواب القوة الإسرائيلية التي كانت تهدف إلى زرع منظومة تقنية للتجسس على شبكة الاتصالات الداخلية للمقاومة، والتحقيق معها لنحو 40 دقيقة، قبل أن يقوم أحد عناصرها بمباغتة عناصر القسام بإطلاق النار عليهم وقتل قائدهم الشهيد نور بركة، وهو ما أدى إلى الاشتباك معها وقتل ضابط إسرائيلي وجرح آخر.
وتسبب فشل العملية الإسرائيلية الأمنية العسكرية السرية في سلسلة استقالات داخل المنظومة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، وكان من أبرزها استقالة وزير الحرب السابق أفيغدور ليبرمان.