عجبي من أناس لا يغيرون حالهم البتة مهما مرت الأحداث من فوق رؤوسهم، فلسنا بدعاً من الخيال أحيانا نفرح وأحيانا أخرى نحزن، هذه حال كل الناس على هذا الكون ولكن أكثر ما يضجرني أني أرى حال الناس في ذهابهم وإيابهم من أعمالهم ومشاغلهم ... هم في حالة عبوس دائم, ولا يمكن ان ترى من الناس مبتسما إلا قليل. غريب هو الحال فكأنهم ينشدون يأس في كل مكان ... يأس ساد الأوطان ... لا ترى إلا كشره تعلو وجوه الجميع سواء كان هذا الشخص طالب أو مدرس أو حتى بائع متجول والذي يفترض ان تكون ابتسامته عامل جذب لسلعته التي يريد تسويقها. بحثت عن تفسيرات لهذه الظاهرة مع أني اعلم جل أسبابها مسبقا، فالقطاع يعج بالمشاكل التي لا حصر لها مثقلة كاهل المواطن إلى ابعد حد، ولكن تساءلت هل هناك ما يمنع ان يبتسم الإنسان حتى ولو كان الوضع صعبا وخانقا. فإذا ما تناولنا بشكل مبسط الوضع حولنا في المنطقة العربية نجد أننا لسنا الأسوأ حالا، فهاهي جاراتنا من الدول لا تعاني احتلالا ومع ذلك فيها عدم استقرار اجتماعي ليس بالهين، ومنها ما لا يوجد به استقرار امني كسورية، فلا يؤمن الفرد في مجتمعه على حياته، ولكن مع ذلك تجد ان هل هذه الشعوب يبتسمون رغم المحن والهموم الكثيرة. ولما أحس يونس بالضيق في الظلمات الهائلة، ظلمة البحر وظلمة بطن الحوت وظلمة الليل، ضاق صدره و عظم همه وعظم كربه، ففزع إلى الله تعالى إلى غياث كل ملهوف وملجأ كل صاحب مكروب، وانطلق لسانه بكلمات كأنهن الياقوت والمرجان فنادى في الظلمات انه لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فكانت الاستجابة السريعة بقوله تعالى "فاستجبنا له و نجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين" وكذا نوصي أهلنا بنفس الفعل. أخي المواطن ابتسم ولا تسأم فابتسامتك تغلق أبواب الهم وتضيء مصابيح الفرح، ابتسم فالابتسامة تذيب الهموم والأحزان وتوقظ السعادة من سباتها، ابتسم فابتسامتك علامة الجودة في عالمنا المتعب، ابتسم فكل الآلام لا يقهرها سوى تبسمك، ابتسم ويكفيك أن ترى الآخرين يبادلونك ابتسامة أعمق وأصدق، ابتسم لتزيح الهم من قلبك ولعلك تزيح هم غيرك أيضا، ابتسم فلست الوحيد الذي عاني من البلاء على مر الأيام. أقول للجميع ابتسموا فالابتسامة هي المدرسة التي تخرج أجيالا من المتفائلين، فلماذا لا نبتسم إذا علمنا أن الدنيا لا تساوي جناح بعوضة عند الله، واعلم ان العبس لن يغير من حالك أو من وضعك أي شيء، ويحضرني هنا قول أبو جعفر المنصور إن أحببت أن يكثر الثناء عليك من الناس بغير نائل فالقهم ببشر حسن، واختم ببيت شعر لإيليا أبو ماضي يقول فيه: [b]قلت ابتسم مـادام بينـك و الـردى شبـر فإنـك بعـد لـن تتبسـمـاً[/b]