22.15°القدس
21.89°رام الله
18.3°الخليل
26.7°غزة
22.15° القدس
رام الله21.89°
الخليل18.3°
غزة26.7°
الثلاثاء 30 يوليو 2024
4.78جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.02يورو
3.72دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.78
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.08
يورو4.02
دولار أمريكي3.72

خبر: "بائعو المرض" أحرار و"دكاترة الأمن" صامتون

في وسط السوق ، وفي منتصف الشارع ، وأمام ناظري أفراد الشرطة المتواجدين لحفظ الأمن أو تنظيم الحالة المرورية في هذا الشارع المزدحم ، يقف شباب كثر يحمل كل منهم صندوقاً به عدد من علب السجائر متنوعة الأشكال والألوان ولكنها تتفق في رخص ثمنها الذي قد لا يتجاوز 4 شواكل وفي ضررها الأكيد. أعمار هؤلاء الشباب لا تتجاوز منتصف العشرينات في غالب الأحيان لكن فيهم من لا تتجاوز أعمارهم الخمسة عشر عاماً . كثيرون في الشارع الغزّي يتوجسون من هؤلاء الشباب خيفة ، لكن فريقاً آخر يرى أن البطالة المنتشرة دفعت هؤلاء الشباب للعمل في هذا المجال الذي قد لا يكون مصدراً للعيش بكرامة في غالب الأحيان . [title]ثمن رخيص وخطر يهدد الجيل [/title] " سجاير.. سجاير بأربعة شيكل العلبة ، خمس سجاير بشيكل .." ينادي محمد بصوت مرتفع ولا يكل ولا يمل عن ترديد عبارته هذه وسط أحد أسواق قطاع غزة الذي يقضي فيه نهاره منذ السابعة صباحاً وحتى ساعات المساء . كثيرون من هؤلاء معروفون بسوء أخلاقهم وبعض قليل منهم غير ذلك ، رفض كثير منهم الحديث عن دوافعهم للعمل في هذه المهنة إلا أن بعضهم علل سبب اختياره لبيع " السجاير" بالحاجة للمال وعدم وجود عمل . يدخل رأسه داخل السيارات ويدعو من فيها لشراء السجاير ويغريهم بعروضه ال"نفل" والجملة لكنه في الغالب لا يرجع إلا بخفي حنين وربما ببهدلة من سائق السيارة الذي يستفزه اقتحام هذا الشاب لسيارته دون استئذان وربما ازعاجه لركابها . كثيرة هي المرات التي شاهدت فيها مشادات بين سائق سيارة وبائع سجائر متجول قد تتطور لتصل إلى حد التطاول باليد بين بائعي السجاير وبين السائقين ما يجعل المنطقة كلها تتقاطر لحل النزاع الناشئ عن هذه المهنة المنتقدة . "زهقونا .. والله الواحد كره شغلوا من وراهم ، بطلنا نعرف نتحرك ولا نشوف حالنا ، طول نهارهم يزعقوا وفي غالب الأحيان ما ببيعوا اشي ما بعرف لإيش متمسكين بهالشغلة " .. يقول أبو زياد وهو يعمل صرافاً في هذا السوق الذي نتحدث عنه لا يتوقف الأمر إلى حد الانزعاج من هؤلاء الشباب بل يصل الحد في بعض المواطنين إلى التشكك بحال هؤلاء الشباب من الناحية الأمنية ، فقلة ما يلتقطونه من رزق ووقوفهم الطويل وانتشارهم الكبير في أماكن متعددة وبعضها كما يقول الناس في مناطق لا سكان فيها يجعل الهاجس الأمني يسيطر على عقول بعض الناس . ربما يكون هؤلاء المواطنين على حق ، لكن كثيرون يعارضون الحديث بهذه الصورة عن هؤلاء الشباب فهم "أرزقية وعلى باب الله " . ورغم الاختلاف إلا أن إجماعاً على أن الظاهرة أصبحت مصدر خطر على الأطفال الذين أصبح بإمكان الواحد منهم ومن خلال مصروفه اليومي أن يحصل على 5 سجائر على الأقل دون الحاجة لمزيد من المال . "سعد" طالب إعدادي يقوم بشراء علبة سجائر هو وزميله "حامد" عبر دفع مصروفهم اليومي ويتقاسمون السجائر معاً ، وهم سعداء بذلك ، فعلبة السجائر التي تحتوي على "20" سيجارة قد يحصلون عليها بثمن 3.5 شيكل أو أربعة شيكل وهو سعر رخيص جداً مقارنة بزمن مضى . لا أحد يعرف لماذا انخفض سعر علب السجائر إلى هذا الحد إلا أن الأنفاق هي المتهم الأول في إدخال هذه الأنواع الرخيصة من السجائر إلى قطاع غزة حسب ما يقول الناس هنا في قطاع غزة . [title]قرار المنع .. حبر على ورق[/title] الشرطة الفلسطينية كانت قد أصدرت قراراً يحظر بموجبه بيع السجائر بهذه الطريقة حسبما أكد لنا الرائد أيمن البطنيجي الناطق باسم الشرطة الفلسطينية ، إلا أن هذا القرار لم يجد له أي صدى على أرض الواقع بل على العكس تماماً فقد ازداد عدد هؤلاء البائعين بشكل ملحوظ . يحدثني أحد الأساتذة الجامعيين أنه عند صدور القرار وفي أيامه الأولى كان يسير في شارع السوق الذي نتحدث عنه فاستفزه وجود هؤلاء البائعين رغم صدور القرار والحديث عن سريان العمل به ، فأوقف سيارته بجوار أحد أفراد شرطة المرور وسأله عن القرار ولماذا لا تطبقونه على هؤلاء البائعين فكانت الصدمة بكلام هذا الشرطي الذي من المعلوم أنه مخول بتطبيق القرارات والقوانين حيث قال له " هذا مش شغلي هذا شغل المباحث أنا شرطي مرور ما إلي علاقة بهيك شغل " . لذلك لا تستغرب عزيزي إذا ما رأيت هؤلاء الشباب يتبادلون الحديث والضحكات مع بعض أفراد الشرطة في السوق أو الشارع المجاور لبيتك .. فلقد أصبح بينهم عيش وملح ومرافقة طريق وأصبح بائعو المرض بالجملة والمفرق ودكاترة الأمن المتخصصون أصحاب ... ولا حول ولا قوة إلا بالله .