18.33°القدس
17.98°رام الله
17.19°الخليل
19.74°غزة
18.33° القدس
رام الله17.98°
الخليل17.19°
غزة19.74°
الجمعة 26 ابريل 2024
4.76جنيه إسترليني
5.37دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.08يورو
3.8دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.76
دينار أردني5.37
جنيه مصري0.08
يورو4.08
دولار أمريكي3.8
وليد الهودلي

وليد الهودلي

خطباء التطبيع ومنبر رسول الله

إن قراءة عميقة لخطبة رسول الله يوم حجّ وأمّ الناس، تُرينا بكلّ بساطة أنها وثيقة تحرر شاملة، وأهدافها واضحة وضوح الشمس: الخروج من عبادة الناس ومن وأغلال الجاهلية والتخلف والهبوط الحضاري إلى تحقيق الحرية الكاملة غير المنقوصة والعدالة الاجتماعية التامة والإصلاح الشامل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والأساس في الانحياز التام لله والحق والتبرؤ التام من الشيطان والباطل بكل أشكاله وألوانه.

 

 فالمسلم بعد نجاح وانتصار الدعوة الإسلامية وبعد أن هزمت الجاهلية هزيمة نكراء، لا يجوز أبدا أن يكون مستضعفا أو تابعا أو مهانا، أو أن يدور في فلك الآخرين، وبعد أن رضي بالله ربا وبالإسلام دينا لا يمكن أن يرضى بالظلم والعدوان وتمرير سياسات الطغاة والجبابرة وقوى الاستكبار وكل من يدور في فلك الشيطان، وكلّ من يسعى للفساد في الأرض ويقيم كيانات الاحتلال والاغتصاب والاستيطان والاستعمار ونهب خيرات الضعفاء والمستضعفين.

 

وكانت هذه العبارة العظيمة لرسول الله: "إن الشيطان قد يئس أن يعبد في بلدكم هذا" تحمل هذه المفاصلة العظيمة بين الحق والباطل ومحور الشيطان، ومحور الرحمن، هذه دعوة للانحياز التام لمحور، والتحرر التام من محور، ولا يمكن تمييع الأمور ومدّ اليد لمحور الشيطان بأيّ حال من الأحوال، خاصة بعد أداء مناسك التحرّر في الحج، فتأتي هذه الخطبة لتتوّج هذه المعاني العظيمة بهذه الكلمات الحاسمة والواضحة التي لا تقبل أيّ لبس أو أيّ التقاء مع الباطل بأيّ شكل من الأشكال.

 

كيف بنا اليوم ونحن يراد لنا ولأمّة الحج والتحرّر أن تبسط يدها لأعتى قوى الشرّ والعدوان، أن تطبّع مع هذا الكيان الرابض على صدر القدس وقلب الأمّة ودرّة تاجها فلسطين؟ أن تطبّع مع هذا الاحتلال الذي يقوم بأعتى أشكال الإجرام والتوحّش؟

 

ثم يصدم العالم الإسلامي الذي يرفض التطبيع شعبيا ويختلف كليّا مع المواقف الرسمية لبعض الدول المطبعة، تأتي المفاجأة المذهلة في أن يخطب خطبةَ رسول الله في الحج شيخٌ صافحت يده يد الصهاينة مطبّعا تطبيعا أسود مجانيا، حتى أنه لا مقابل له ودون أن يتلقى هو ومن كلّفه بهذه المهمّة القذرة جزرة صغيرة، لا أدري لماذا يفقد الواحد ماء وجهه ويخسر صورته؟ هل هناك ثمن بخس حتى نقول باع نفسه بثمن بخس دراهم معدودة، حتى أنّ هذه لم تتحقّق له، ارتكاس إلى الحضيض دون مقابل.

 

ماذا ستقول للأقصى في خطبتك؟ وماذا ستقول لأهل فلسطين والعدوان المستمرّ عليهم بكل أشكال الإجرام منذ أن احتلت فلسطين؟ هل ستقول صبرا أهل فلسطين فإن موعدكم الجنّة؟ وأنت بالطبع تقصد جنّة التطبيع وخيرات بني صهيون؟

 

هل ستطمئن القابضين على الجمر والنازفة جروحهم في فلسطين والشتات وتقول لهم إن التحرير قريب وقادم ولكن من بوّابة التطبيع؟ اطمئنوا ولا تقلقوا ما دام أنّ هناك السياسي الفهلوي المنفتح على كلّ السياسات والخيارات، جئتكم اليوم بأحسن أدوات التحرير، تحرير ناعم دون إراقة قطرة دماء، وفّروا دماءكم وأموالكم وجهدكم فالتحرير سهل ولا يحتاج منا ومنكم إلا لبعض الدبلوماسية الناعمة وصلات ذوي القربى مع أولاد العمّ.

 

الحجيج لسان حالهم يقول لمثل هؤلاء الخطباء ومن يقف خلفهم: لقد رمينا إبليس سبع جمرات وعزّزنا ذلك بجولتين، وهذا يؤكد لنا وللأمّة جمعاء أن إبليس ومن سار في دربه ليس له منا إلا الرجم، الاحتلال وكل من داهنه أو شكل داعما أو تابعا أو مؤيدا له، ليس له منا إلا الرجم. لن تنفع سياساتكم الفاشلة فلسطين في شيء، رصاصة من المقاومة خير من كلّ جهودكم ومساعيكم الباطلة، لا نريد منكم إلا أن تكفونا خيركم وشرّكم وألا تتآمروا مع عدونا وعدوّ شعوبكم وأمتكم، فلسطين قضية الأم المركزية، ننصحكم ألا تمسّوها بسوء، واذهبوا بعيدا عنها خير لكم وخير لها.

المصدر / المصدر: فلسطين الآن