22.23°القدس
21.98°رام الله
21.08°الخليل
27.13°غزة
22.23° القدس
رام الله21.98°
الخليل21.08°
غزة27.13°
الثلاثاء 30 يوليو 2024
4.78جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.02يورو
3.72دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.78
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.08
يورو4.02
دولار أمريكي3.72

خبر: أطفال السرطان.. بين حلمي اللَّعب والشِّفاء

هناك، حيث الغرفة الدافئة والطامة لأحلام وضحكات الصغار, وبجانب آمال الأسرة المفقودة يحيا ضحايا مرض السرطان بأنواعه, فما شعورك حين ترى أطفالًا بعمر الزهر يقضون جل وقتهم على تلك الأسرّة، وليس هذا فقط بل هم أيضًا مربوطو المعصم بمحلول النجاة، كما يمكن وصفه؟! ستأخذك "فلسطين" _عزيزي القارئ_ إلى أحد تلك النماذج التي قابلناها وقت زيارتنا إلى مستشفى د.عبد العزيز الرنتيسي، فلتتابع التفاصيل: الطفل بلال بشير خلة (تسعة أعوام) أصيب بمرض السرطان منذ عام ونصف, ففي إحدى ليالي شهر رمضان المبارك من عام 2011م جاء الطفل بلال باكيًا إلى أمه؛ لأنه لا يستطيع أن يتبول؛ فسارع الوالدان إلى أخذه إلى المستشفى. وبعد ظهور التحاليل المختصة به ثبت أنه يعاني من تلوث في الدم ازداد إلى إصابته في غدده الليمفاوية, فأيقنت الأم حينها أن مستقبل طفلها بات حلمًا, ثم حولوه بصعوبة إلى مستشفى المطلع في القدس لمدة عام لتلقي العلاج الكيميائي. وفي رحلة العذاب تلك احتاج الطفل إلى عملية نادرة ومكلفة جدًّا لزراعة النخاع, ولكن _يا للأسف_ رجع إلى غزة؛ لعدم توافر المال الكافي وتأخر إصدار التحويلة. وخرج الطفل ثانية إلى مستشفى (شنيدر) في تل الربيع، وذلك بعد مطالبة الأهل بالدعم المادي لينجو طفلهم من المرض, وزرع له النخاع بعد سحب خلايا من نخاع أخيه الأكبر. وتألم الطفل تألمًا شديدًا بعد انتهاء العملية وجلس في المشفى مدة ستة أشهر, عانى بعدها من ارتفاع نسبة الحديد في الكبد. ثم قدم المستشفى طلب مساعدة عبر (الإنترنت) مدت أيدي المتبرعين، وهو يتجرع العلاج حتى الآن، وعندما حن إلى والدته ليزورها في غزة منع من العودة ثانية، ومازالت تغطية حاجته المالية تمنع حتى هذا الوقت، الأمر الذي زاد في تدهور صحته. وازداد الأمر سوءًا على نفسية بلال بعد ظهور علامات الانتفاخ الملحوظ على جسده، ولا يمكنني نسيان صورته وهو يقوم عن سريره بصعوبة ذاهبًا إلى المرحاض برفقة أخيه, وعندما بادرته بالسؤال عن ذلك قال: "ما بقدر أمشي لحالي؛ بتعب". فمن البدهي أن البدانة تنتج من كثرة تناول الوجبات، ولكن الأمر هنا مختلف؛ فجرعات الدواء المتواصلة, وعدم القدرة على التحرك وانتفاخ الأعضاء, وصرف النظر عن تلك الحالات البريئة هي الأسباب الحقيقية هنا. يقول بلال بحسرة: "نفسي آكل شيبس وشوكولاتة، كل ما آكلهم بستفرغ", هذا عدا انقطاعه عن الدراسة؛ بسبب تدني وضعه الصحي الذي وصل إلى آخر مراحله دون تنفس لطعم الشفاء والضحك يومًا. [title]أسرّة المكوث[/title] وفي الجانب من بلال يوجد سرير آخر جالس عليه طفل يحمل الألم نفسه, والمتناقض بينهما هو اختلاف مكان الإصابة, فالأول في غدده، والآخر في قفصه الصدري، الجهاز الأول المسؤول عن حفظ باقي الأعضاء الداخلية. فالطفل حمزة الحاج (4 سنوات ونصف) الذي يرتدي ثيابًا بسيطة دالة على ضعف حالتهم المادية تطورت حالته منذ أول يوم من حرب حجارة السجيل عام 2012م, فأي حالة بإمكانها أن تعالج بجانب الشهداء والجرحى النازفين دمًا؟! أول كلمة نطقت بها الأم: "الحمد لله، عليّ أن أصبر وأتحمل؛ ليعوضني الله خيرًا". تتحدث الأم وهي جالسة ترقب الوضع الصحي لطفلها، ذاكرة أن الحمى قد أصابته، ولازمته مدة متواصلة، تلاها انتفاخ في بطنه؛ نتيجة التأخر في معالجته في الأسبوع الأول من الحرب, وتبعه إمساك شديد أفقده السيطرة على الوقوف. ونقلوه للمشفى لأن حالته كانت صعبة جدًّا, فزودوه بالمحلول المناسب وردوه إلى بيته؛ نظرًا لصعوبة الظروف الحربية, ومرت تلك الأيام على حجر موقد لا ينطفئ في قلب والديه وإخوته, فهزالة جسده التي لاحظوها أمامهم كانت كإذابة بحر من الشموع. وساءت حالته فتضخم الكبد والطحال؛ فباتت الحرارة والصراخ والبكاء الشديد تتناوب على ذاك الصغير. "ولم تغادره الحرارة المرتفعة مدة 6 أشهر متواصلة, ولم نستطع تغطية التكاليف لارتفاع ثمنها؛ فرجعنا إلى غزة، واليوم الواحد يؤثر في المريض؛ فما بالك بالأيام والأشهر التي تمر علينا؟!، فهو مرض سريع الانتشار". وتوقف حمزة عن الدراسة ولم يذهب إلى روضته, يقول ابن السنوات الأربع: "يا ريت أرجع ألعب بألعاب الروضة، زمان ما ركبتها"، أما الأم فتناشد المسئولين: "يا ليتكم بإمكانكم أن تساعدوا كل طفل بمثل حالة حمزة". [title]أسباب وأعراض المرض[/title] وتحدث الدكتور عوض الهالول رئيس قسم أمراض الدم وأورام الأطفال في مستشفى د.عبد العزيز الرنتيسي عن الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بمرض تلوث الدم، ومنها: الملوثات البيئية، والتدخين الضار للفم والمريء والبلعوم، والتلوث الإشعاعي. وشدد على ضرورة مشاركة المجتمع المدني؛ للتخفيف من عبء هؤلاء المرضى, خاصة أمام النقص الشديد في الأدوية والمواد المخبرية الطبية المساعدة في تشخيص الأمراض, إذ نتج عن ذلك زيادة حالات مرضى السرطان من 7-8 آلاف حالة إلى 26 آلاف حالة، حسب إحصائية عام 2012م. وبين الهالول أن بعض الأعراض التي تظهر على المرضى في مراحلهم تختلف حسب موقع المرض, ذاكرًا منها: ارتفاع في درجة الحرارة دون سبب واضح يصحبه آلام في العظام وشحوب في الوجه, وغيرها, وأشار إلى أهمية الحفاظ على درجة الحرارة الدافئة ما بين 24-25 درجة مئوية في غرف المرضى؛ حتى لا يعرضوا للبرد؛ نتيجة نقص المناعة لدى المريض بسبب المرض أو تناول الجرعات الكيميائية. ولكن هل سيبقى المحلول هو الدم الذي سيسير في جسدهم؟!، وهل ستبقى الأعين مصروفة النظر عنهم دون مناجاة؟!