مع قرب انطلاق الحملات الانتخابية للأحزاب الإسرائيلية المتنافسة في الانتخابات المبكرة المقبلة في تشرين الثاني/ نوفمبر، من المتوقع أن تزداد رقعة الخلافات الداخلية، وتتسع الانقسامات البينية، وهو ما كشفت عنه نتائج الاستطلاعات الأخيرة التي أكدت أن معدلات الكراهية والعداوات انتقلت من قادة الأحزاب والكتل البرلمانية الى القواعد الشعبية في المجتمع الإسرائيلي.
ونشرت حركة "إلى الداخل" نتائج ما أسمته "مؤشر الكراهية والاستقطاب" الذي يرسم خريطة الانقسامات والكراهية في المجتمع الإسرائيلي، وقد أظهر، من بين أمور أخرى، أن 51٪ من الجمهور يكرهون أعضاء الكنيست، و81٪ طالبوا قادة الدولة والأحزاب بالتنازل عن بعض شعاراتهم مقابل وحدة الاسرائيليين، كما أن 34٪ من الإسرائيليين يكرهون الصحفيين، و34٪ يكرهون القضاة، و20٪ يكرهون رؤساء البلديات المحلية، و17٪ يكرهون رجال الشرطة.
نداف شرغاي الكاتب في صحيفة إسرائيل اليوم، حاول من خلال مقال تحليل هذه النتائج بقوله إنها "تعبير عن ظاهرة الكراهية غير المبررة الناجمة عن ارتفاع معدلات الانقسامات الداخلية بين الإسرائيليين، خاصة بعد اغتيال إسحاق رابين رئيس الحكومة الراحل على يد متطرف، بالتزامن مع صعود حالة الكراهية تجاه الأقليات داخل الدولة، حتى تجاه اليهود من أصول مختلفة".
وأشار إلى أن "62٪ من الإسرائيليين يتهمون وسائل الإعلام بالمساهمة في نشر مظاهر الحقد والاستقطاب، و31٪ يعتقدون أن شبكات التواصل الاجتماعي هي المساهم الأكبر في ذلك، و24٪ يرون أن النظام القضائي هو المتسبب بتعميق الانقسامات والكراهية، كما أن المجتمع الإسرائيلي يميل لكراهية الأقليات، فـ40٪ من الإسرائيليين يكرهون العرب، و33٪ من الإسرائيليين يميلون إلى كره الاتحاد السوفيتي السابق، 30٪ يميلون إلى كره اليهود الشرقيين "السفارديم"، 26٪ يميلون إلى كره اليهود الغربيين "الأشكناز"، و11٪ يميلون إلى كره اليهود الإثيوبيين "الفلاشا".
لا تتوقف معدلات الكراهية بين الإسرائيليين على النشطاء السياسيين فقط، بل تتعداها إلى النزاعات العائلية داخل الأسرة اليهودية الواحدة، لأن الانقسام السياسي الحاد الذي رافق إسرائيل في خمس حملات انتخابية ترك آثاره السلبية على الواقع الاجتماعي والعائلي والأسري، والنتيجة ان جميع جوانب المجتمع الإسرائيلي واجهت تبعات ومؤشرات تؤكد تفشي معدلات التشرذم والاستقطاب في جوانبه المختلفة.
بالتزامن مع هذه المؤشرات الإحصائية المقلقة للإسرائيليين، فإن التحذيرات تتصاعد من تفاقم حالة الكراهية الداخلية داخل المجتمع الإسرائيلي؛ لأنها ستؤدي بهم إلى الهاوية، وتعطي دليلا دامغا على الفشل الإسرائيلي في محاولة الحفاظ على الوحدة الداخلية، خاصة وأن دوائر الكراهية بينهم أوسع بالفعل مما نراها الآن، لأنها تحمل كثيرا من مؤشرات الاشمئزاز والازدراء الذي يظهره ناخبو الأحزاب الإسرائيلية لبعضهم البعض، بدليل أنهم يصفون منافسيهم بالعديد من التعبيرات الفظة.
ويصعب رصد مؤشرات الكراهية بين الإسرائيليين دون التطرق لما يتخوف منه الإسرائيليون وهو سيناريو الحرب الأهلية، كنتيجة طبيعية لتفكيك المجتمع الإسرائيلي إلى فتات رقيقة من الكراهية والعداء والشر، وزيادة معدلات التحريض والعنف، ساهمت بتفكيكه إلى أجزاء ممزقة.