في الوقت الذي تواجه فيه دولة الاحتلال جملة من التحديات الأمنية والتهديدات العسكرية، تحدث خمسة من قادة جيش الاحتلال عن أهم هذه المخاطر والمخاوف الداخلية أيضا، وعن الماضي والمستقبل أيضا.
الخمسة هم: إيهود باراك، وغابي أشكنازي، وموشيه يعلون، وبيني غانتس، وغادي آيزنكوت. وقد أكدوا مجتمعين في حوار مطول أجراه معهم داني كوشمارو المذيع في "القناة 12"، أن "إيران اليوم ليس لديها قدرة نووية عسكرية بسبب النشاط الإسرائيلي؛ السياسي والعسكري؛ السري والعلني، وليس لدينا جدال حول الهدف الإسرائيلي المتمثل بمنع حيازتها قدرة نووية، لأنه سيغير التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط بشكل جدي للغاية، والجميع متفقون على ذلك".
باراك ووجه باتهام عن سبب عدم مهاجمة إيران حين كان وزيرا للحرب بقوله إنه "لم تتوصل المحافل الإسرائيلية حينها إلى اتفاق في داخلها على إمكانية اقترابها من حيازة القنبلة، لذا فإن من المستحيل الحكم على هذا الشيء، حتى لو اتخذت إسرائيل إجراءات ما، وأجّلت ضربتها عدة سنوات، فإن عليها الاستعداد بطريقة منسقة مع الأمريكان على الخطة "ب"، لأن عدم وجود مثل هذه الخطة يعتبر غفلة تاريخية، وفي الوقت ذاته، فإن إسرائيل لن تنهار أو تتزعزع، ولن يحدث شيء دراماتيكي لها حتى لو تحقق الأسوأ، وأصبحت إيران دولة نووية، لأن هناك حلولا أيضًا".
آيزنكوت أشار إلى أنه "لم يكن هناك تهديد وجودي تقليدي لإسرائيل منذ سنوات، هناك تهديد وجودي داخلي، وأكثر ما يعرّضها للخطر هو عدم التضامن في المجتمع الإسرائيلي، أكثر من الخطر الذي يمثله الإيرانيون والفلسطينيون، لأن الحصانة الوطنية والاجتماعية لإسرائيل هي العنصر الأساسي في قدرتها على حماية أمنها القومي".
سارع باراك من جهته لتأييد آيزنكوت في تحذيره، قائلا إن "كل رؤساء الأركان والموساد والشاباك، سيوافقون على هذا، أعني أن كل المنخرطين في ترؤس الأجهزة الأمنية يدركون اليوم أن التهديد الأكثر خطورة على مستقبل إسرائيل لا يأتي من إيران، أو حزب الله، أو حماس، بل ما يحدث داخلنا، الخطر يتمثل في فقدان الارتباط والتضامن الداخلي، والخشية من الانزلاق إلى وضع المتعصبين من جهة، وممن فقدوا ثقتهم بالصهيونية من جهة أخرى، فيما طالب غانتس بإخراج الجيش من كل هذه النقاشات والانقسامات الداخلية".
عاد آيزنكوت مجددا للتحذير بأن "القول بأنه لا توجد مشكلة في إسرائيل كأن تدفن رأسك في الرمال، هناك مشكلة وتحدّ، وعلينا الاستمرار في التعامل معه، ومن يعيشون في إسرائيل، وخاصة في الأطراف الجغرافية والاجتماعية، يشعرون أن التصحيح مطلوب، وبالتالي فإني أعتقد أن المطلوب هو توفير مزيد من تكافؤ الفرص بين سكان الدولة".
بدا لافتا أن غانتس، رغم خلفيته العسكرية البحتة، لكنه "دعا لأن تتركز الأولويات الوطنية للدولة على التعليم، ثم تنتقل إلى تطوير البنية التحتية والقدرة الاقتصادية، مع التركيز على النقب والجليل، لأنه إذا استيقظ رئيس الوزراء ونظر لما يحدث في النظام التعليمي فإنه سيصاب بالذهول، لأن الأمر متعلق بالإدارة الاستراتيجية، وليس بالموازنات المالية فحسب، لكن باراك سارع للقول إنه ليس صحيحًا أنه لا يوجد مال للتعليم، أو الصحة، أو الإسكان، هذه قضايا يمكن اعتبارها أولوية للدولة".
يعلون استعاد خطابا لديفيد ين غوريون ألقاه في الكنيست عام 1960، جاء فيه أن "الشخصية الوطنية الفلسطينية موسى العلمي أبلغه ذات مرة أنه حتى لو كان علينا أن نعيش منذ مائة عام على الخبز والزيتون، فإننا لن نتخلى عن الحرب ضد الصهاينة، ما أصاب ابن غوريون بخيبة أمل، وما دفع باراك للاستنتاج قائلا إن "السيف في الغمد يجب أن يبقى جاهزا للسحب، وقادرا على التعامل مع أي مجموعة معادية، نحتاجه اليوم، وسنحتاجه في المستقبل المنظور".
وأضاف أن "هذا الاستعداد العسكري يجب أن يقابله سعي دائم للحدّ من الصراع، وتقليل العداء، والبحث عن اللحظة المناسبة للتوصل إلى ترتيبات مع الجانب الآخر".