23.31°القدس
22.84°رام الله
22.19°الخليل
25.61°غزة
23.31° القدس
رام الله22.84°
الخليل22.19°
غزة25.61°
الأربعاء 24 ابريل 2024
4.67جنيه إسترليني
5.33دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.03يورو
3.78دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.67
دينار أردني5.33
جنيه مصري0.08
يورو4.03
دولار أمريكي3.78
محمد القيق

محمد القيق

كاسر الجغرافيا

يتصاعد العمل المقاوم في الضفة الغربية وتزداد وتيرة الهبّة والثورة غير المؤطرة تنظيميًّا، وفي الوقت نفسه تتميز بنفَس الوحدة وإسناد الفصائل والحاضنة الشعبية، فالاحتلال أطلق "كاسر الأمواج" في مارس الماضي ضد المقاومة في جنين ونابلس وأتبعها "قص العشب" وغيرها من العمليات العسكرية، غير أن رد الفعل الفلسطيني الذي يتخوَّف الاحتلال منه طوال سنوات هو أن تتحول فردية العمل إلى جماعية وفي الوقت نفسه تتوسع جغرافيا العمليات.

 

بالفعل بات المشهد يسمى كاسر الجغرافيا، فما أرادته قوات الاحتلال انحسارًا وتدميرًا جعلتْه المقاومة الفلسطينية توسُّعًا وتعزيزًا، فعمليات القدس الثلاث والأغوار ورام الله قلبت المعادلة بالتزامن مع بداية عمليات إطلاق النار في بيت لحم والخليل.

 

كاسر الجغرافيا كانت نقطة تحوُّل كبيرة أتقنها الشعب الفلسطيني ومقاومته في محطات عدة، ليست أولاها اقتحام "شارون" للمسجد الأقصى المبارك عام ٢٠٠٠ ما جعل النار تحرق الاحتلال على كل بقعة من بقاع فلسطين، وليست آخرها سيف القدس ومسيرة الأعلام والبوابات وغيرها التي عززت الحاضنة الشعبية وفعّلت المقاومة وأوجدت الأيقونات.

 

الآن وفي ظل كاسر الجغرافيا الفلسطيني الذي يقابل كاسر الأمواج الإسرائيلي نجد تطورات وجب التركيز عليها من حيث:

 

* العمليات التي نفّذتها مجموعات عرين الأسود ومقاومة جنين وعش الدبابير وغيرها من مسميات سحبت البساط من تحت مَن راهن على دفن الظاهرة في مهدها بحجة الانقسام الداخلي، وزيادة على ذلك لاقت تلك المسميات رواجًا وترحيبًا وإسنادًا من الفصائل والشعب.

 

* أعطت تلك المسميات والالتفاف حولها دفعة معنوية مهمة لبقية مناطق الضفة الغربية، وتحديدًا في القدس، خاصة بعد نجاحها في جنين.

 

* صنعت الموجة الأخيرة في الضفة الغربية ركنًا عسكريّا أعطى المحارب في غزة فترةً للإعداد والاستراحة، ومنعت أيضًا مخططات استباقية للاحتلال ضد مركز المقاومة الثقيلة والمنظمة في القطاع.

 

* أربكت حسابات الاحتلال التي كان يبنيها على قاعدة الأمن المتوفر؛ فإذا بكل شارع ومدينة سواء في الداخل المحتل عام ١٩٤٨ أو في الضفة والقدس يصبح عرضة لأي عمل مقاوم وتهديدًا حقيقيًّا شبه يومي، ما يعني أن منظومة سياسية كاملة تصفعها تلك التطورات وانعكاسها كبير على مستوى فكرة سيادة الدولة وهيبتها وأمنها.

 

* إشارة مهمة للفصائل الفلسطينية بإعادة دراسة موقفهم، وسُبل تطوير عملهم وقواعدهم، وتغذية المشهد بعناصر القوة، والتعلُّم من الأخطاء، وتلاشي العقبات.

 

وبينما كاسر الجغرافيا تشق طريقها وتعبده لمرحلة جديدة يسعى الاحتلال ومن يسير في فلكه إلى تكثيف الجهود الأمنية لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء وضبطتها بتوقيت الجنرال دايتون ومخطط الشرق الأوسط، وذلك بعدة سُبل؛ أبرزها: العقوبات الجماعية، واستعراض تكنولوجيا الأمن، ونشر فيديوهات القناصة، والطائرات المسيّرة، والتضييق الجماعي، والاعتقالات، والإجرام المباشر والتنكيل، بالتزامن مع إلزام من يسير في فلكهم بتشديد الخناق وملاحقة المقاومين ومصادرة الأسلحة بحجة أنها تستخدم في مخططات انقلابية وغيرها من مسرحيات مكشوفة.

 

وبين المرجو والمُعد والمخطط من كل الأطراف تبقى معادلة المفاجأة الفردية كابوسًا يطارد أمن الاحتلال ويعرّي من تغنّى بوهم السيادة، ويعزز جسور الفصائل لإعادة زمام المبادرة إلى مكانه الرئيس، وفي المحصلة تحفيز لكاسر الجغرافيا أن يسجل صورًا جديدة بزمان ومكان مختلفين في كل يوم جديد يتحول إلى أمواج جحيم في وجه كاسر انكسر قبل انطلاقه.

المصدر / المصدر: فلسطين الآن