18.34°القدس
18.12°رام الله
17.19°الخليل
21.18°غزة
18.34° القدس
رام الله18.12°
الخليل17.19°
غزة21.18°
الجمعة 22 نوفمبر 2024
4.68جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.89يورو
3.71دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.68
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.07
يورو3.89
دولار أمريكي3.71
وليد الهودلي

وليد الهودلي

لنعرِّفهم للناس حقَّ المعرفة

ذات يوم ونحن في سجن عسقلان المركزي حيث كنا في زيارة الأهل وكان الفاصل حينها بيننا وبين أهلنا شبك يفوت الإصبع في فتحاته، وكانت العادة حينها أن يجري السلام بعناق الأصابع، تفاجأنا بزيارة عضو الكنيست المدعو "جدعون عزرا" فسلَّم علينا كما يفعل الأهل بإدخال أصابعه عبر فتحات الشبك، بعد الزيارة حدثنا ما جرى معنا لأحد الأسرى من فلسطين المحتلّة عام ثمانية وأربعين، فقال هذا رئيس جهاز الشاباك سابقًا وما فعل ذلك إلا ليفحص هذا الشبك أمنيًّا فلا تتوقّعوا خيرًا أبدًا، تبدّد ظنّ البعض بأن هذه الشخصية سلَّمت من أجل السلام خاصة عندما أصدرت مصلحة السجون قرارًا بتغيير الشبك وتحويله إلى زجاج وأن تصبح الزيارة عبر الهاتف.

 

يجب معرفة هذا العدوّ حق المعرفة، كيف يفكّر وكيف يشعر وكيف يتخذ القرار، وما أبعاد إرادة الشرّ لنا وللناس وما حدودها، وهل تتوقّف أطماعه فينا عند حدّ معين، ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا، وما شكل العلاقة المشتبكة بين محتلّ وشعب وقع تحت هذا الاحتلال، هل بالإمكان فضّ الاشتباك أو تحويله من خشن إلى ناعم مثلًا؟

 

من يعرف هذا العدوّ يدرك تمامًا أنه لا حدود لعدائه وأطماعه، وأن علينا ألا نتوقع منه إلا أن يكيل لنا الشرّ والقهر والمقت بكل أشكاله القاتمة السوداء، وأن نتوقّع منه أن يتفنّن في هذا وأن يبدع أشكالًا جديدة متجددة على الدوام تتجلّى فيه أوصافه المعروفة منذ زمن بعيد، الغطرسة والصلف والجدل واللف والدوران والمراوغة بكل أشكالها المقيتة وألا نتوقّع أبدًا أن يقدّم خيرًا مهما كان صغيرًا، هذا الجنس من البشر جبلّة نكدة لا تعرف معروفًا ولا تنكر منكرًا، المعروف عندها ما جلب مصلحة لها ولو كان ذلك على حساب الشعوب المظلومة، ولو كان ذلك في سبيل الوصول إليه سلوك أساليب غير مشروعة وخسيسة وحقيرة، والمنكر عندها ما مسّ مصالحها ولو كان ذلك حقًّا لغيرها.

 

ينظرون لأنفسهم بأنهم شعب الله المختار وغيرهم هم المسخّرون لخدمة شعب الله المختار، لذلك فدماء وأموال وأعراض وأوطان وكل ما يملك غيرهم حلال لهم، وهذا ما يفسّره ما فعلوه بالفلسطينيين بسلب مدنهم وقراهم ثمانية وأربعين وتهجيرهم منها، وما تبع ذلك من عدوان وقهر وظلم لا حدود لذكره إلى هذه الأيام.

 

وعندما تبنى ثقافة جنس من البشر على هذه العنصرية وهذا التوحّش الفظيع فإنه لا يسائل نفسه عمّا يفعل من جرائم بل يتفنّن في تسويغها وتسويقها للناس، وإن ظهر من يتساءل منهم أو من غيرهم من الأمم المتساوقة معهم فإنه سرعان ما ينبذ ويلاحق بادعائهم الكاذب والتهمة الجاهزة بمعاداة السامية، والأغرب من الذين يعلنون التطبيع معهم والتقارب منهم ويتجاوزون كلّ الأعراف التي تعارف عليها الناس ويغمضون أعينهم عن كلمة احتلال والتي وحدها كافية لحمل كل المعاني التي نريد، فمن قبل على نفسه أن يحتلّ شعبًا آخر ويبني كيانه على أرضه فإنه ليس بعد هذه الجريمة من جريمة ولا يمكن أن يحتمل إنسانًا سويًّا تجرّع هذا الفعل دون أن ينكره ويعلن موقفًا واضحًا منه لا لبس فيه أبدًا.

 

وعلى هذا نحن الذين نعرف هذا العدوّ الفاشيّ النازيّ حقّ المعرفة، ونحن الأجدر في تصدير الصورة التي تليق به بكلّ دقّة وموضوعية وعدل.

المصدر / المصدر: فلسطين الآن