كنا نأكل البوظة على حافة الجندي حين قلت لأبو يزن هل تعلم يا أبو يزن أن السعادة ليست في المال، وليست في الجاه، وليست في المنصب، والسعادة ليست في الشهرة..... نظر إلي أبو يزن وشفتاه مملوءتان بالبوظة، في عينيه غضب، يودُّ لو يضع كاسة البوظة في وجهي، وقال لي: وما السعادة يا معاذ. قلت له: أتعلم يا أبو يزن ما هي السعادة؟! السعادة اسم مجلة تصدر في غزة، السعادة اسم عدة أبراج تقع في تل الهوا، السعادة اسم مكتب تاكسيات قريب من بيتنا، السعادة اسم سوبر ماركت كبير في حيِّنا، حتى صالون الحلاقة لدينا اسمه سعادة، والسعادة دواء يباع في صيدلية السعادة. وقريباً سيقام منتزه السعادة، وجامعة السعادة، وستكون المشرفة عليه اسمها سعاد، ومن بيت السعدي، فنحن من يصنع السعادة، لأنها لا تهبط علينا من السماء، بل نزرعها في الأرض، في المحررات، وفي شارع صلاح الدين، وعلى "رَمْزون" الأزهر، وفي منتصف "الساحة". نظر أبو يزن ناحية الشرق وسط الجندي، وقال لي دون الالتفات لوجهي: السعادة أن تأكل البوظة وهناك أناس كثيرون لا يجدون البوظة..... السعادة هي القناعة يا معاذ... القناعة. - والله صدقت يا أبو يزن القناعة [title]-واحنا مالنا دع الخلق للخالق-[/title]