نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا أعدته ستيفاني كيرتشغانسر، قالت فيه إن القاعة 30 في محكمة منطقة بالعاصمة واشنطن تمثل أملا بتحقيق العدالة في القضية التي قدمتها خطيبة الصحفي جمال خاشقجي ضد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وأشارت الصحيفة إلى أن تقييما استخباراتيا أمريكيا أكد أن ولي العهد السعودي هو من أمر بقتل الصحافي خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، في تشرين الأول/ أكتوبر 2018.
ولفتت إلى أن القاضي جون بيتس سيقرر في الأسابيع المقبلة إن كان سيسمح بتمرير الدعوى المدنية التي رفعتها خديجة جنكيز خطيبة خاشقجي ضد ولي العهد والمشاركين معه.
وتطالب بتعويضات غير محددة من ولي العهد. وسيقوم قرار القاضي على سؤال قانوني معقد حول معاملة ولي العهد والحاكم الفعلي للسعودية كمسؤول يتمتع بالحصانة، ومنحه بالضرورة حصانة من المحاكمة ضمن القضاء الأمريكي، أم أن وضعيته كولي للعهد بانتظار تولي العرش لا تجعله محصنا من المحاكمة بموجب القوانين الأمريكية، ولو سمح باستمرار القضية، والتعرف على تفاصيلها، ودور خالد بن سلمان، شقيق ولي العهد والسفير السعودي، في حينه بواشنطن فيها.
وأضافت "الغارديان": "إذا رفض ولي العهد السعودي التعاون، فقد يصدر القاضي حكما لصالح جنكيز، بشكل قد يقود لتجميد أرصدة الأمير حول العالم من يخته إلى قصر اشتراه في باريس".
ويتفق معظم الخبراء على أن قرار القاضي بيتس سيعتمد على ما ستقدمه إدارة بايدن، التي طلب منها تقديم موقفها في القضية، وبشكل سيحرف الميزان لصالح جنكيز، ما سيؤدي لتدهور جديد في العلاقات المتوترة بسبب قرار الرياض خفض معدلات إنتاج النفط، رغم مطالبة إدارة بايدن لها بزيادة الإنتاج، والمساعدة في استقرار أسعار النفط العالمية. أم أنها ستقرر لصالح الأمير محمد.
ولفتت الصحيفة إلى أن أي تحرك ينظر إليه على أنه في صالح الأمير، سيؤدي لانتقاد من منظمات حقوق الإنسان، وسيعدّ خيانة من الرئيس جو بايدن، الذي وعد بتحقيق المحاسبة في جريمة قتل خاشقجي.
وتشير الصحيفة إلى تطورين جديدين قد يؤثران على مسار القضية؛ الأول هو تعيين الملك سلمان ابنه ولي العهد رئيسا للوزراء، وسيؤثر هذا على تقييم إدارة بايدن، التي يجب أن تقدم ردها على طلب القاضي في موعد أقصاه 17 تشرين الثاني/ نوفمبر.
وجاء تعيين الأمير رئيسا للوزراء خلافا للقانون السعودي، الذي ينص على أن الملك يحمل اللقبين.
ولا يبدو أن القرار الجديد قد منح الأمير سلطات جديدة.
أما التطور الثاني، فتحذير إدارة بايدن بأنها ستواجه "تداعيات" لقرار أوبك+ تخفيض مليوني برميل في اليوم من أنتاج النفط، والذي رأت فيه واشنطن اصطفافا سعوديا مع المصالح الروسية ضد المصالح الأمريكية، وقبل شهر من الانتخابات النصفية.
ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية التعليق على القضية القانونية المستمرة.
ويقود القضية ضد الأمير محمد والمشاركين معه كيث هاربر، المسؤول السابق في إدارة باراك أوباما، الذي عمل سفيرا للولايات المتحدة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وكان أول مسؤول من السكان الأصليين الأمريكيين، ومن قبيلة شيروكي.
وفي القضية التي أعدها هاربر، طلب فيها من القاضي بيتس السماح لجنكيز بالتقدم بقضيتها بناء على قانون حماية ضحايا التعذيب، والذي يفرض اتهامات مدنية على أي شخص يعرض فردا للتعذيب أو قتل خارج القانون، ويسمح للأفراد بجلب حالاتهم إلى المحاكم الأمريكية حالة انسدت الخيارات القانونية أمامهم.
وفي الوقت الذي يقول فيه محامو السعودية إن جنكيز تستطيع الحصول على حلول مقنعة في بلدها تركيا، إلا أن هاربر رد بالقول إن جنكيز لا تتمكن من عمل هذا؛ لأن الرئيس رجب طيب أردوغان يسيطر على القضاء، وتحسنت علاقاته مع ولي العهد السعودي. كما أن أنقرة قررت تسليم ملفات التحقيق في قضية خاشقجي بداية هذا العام إلى القضاء السعودي.
واعتبر هاربر أن تعيين السعودية الأمير رئيسا للوزراء هي محاولة "للتلاعب في اختصاصات المحكمة".
وناقش هاربر أن الملك سلمان هو حاكم المملكة، وهو ما ينص عليه دستور البلد. وكان قرار الملك واضحا في السلطات التي منحها للأمير، وهي رئاسته لجلسات مجلس الوزراء، وأن الملك هو الذي يملك القرار الأخير. وهذا لا يعني زيادة في صلاحيات الأمير.
ويمثل الأخير مايكل كيلوغ، الذي مثل مصالح المملكة في قضايا قانونية أمام المحاكم الأمريكية، ومنذ هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001. وعرف كيلوغ بمرافعته عن السعودية في قضايا جلبتها عائلات ضحايا 9/11، والتي ناقشت تقديم السعودية دعما ماديا للقاعدة، ويجب محاسبتها.
ونجح كيلوغ بالحفاظ على سجلات، وإبعادها عن الرأي العام، والتي أشارت لعلاقة، حسبما أوردت شبكة سي بي أس. ونفت السعودية أي علاقة مع المهاجمين أو القاعدة، ولم يرد كيلوغ على طلب للتعليق حول التقرير هذا.
وناقش كيلوغ في دفاعه أن المحكمة ليس من حقها تقرير فيما إن كان محمد بن سلمان هو الذي أمر بالعملية، وإن كان صحيحا أم خطأ. وناقش أن عوامل أخرى كافية لرفض القضية، مثل وقوف جنكيز أمام المحكمة.
وفي النهاية، يقع القرار النهائي على القاضي بيتس، الذي وصف بالمنصف، وأظهر استقلالية. ولو لم تتخذ الإدارة موقفا في القضية، فإن القاضي بيتس سيصدر قرارا بأن الأمير محمد لا يملك حصانة.