كل الأسباب مهيأة لقيام انتفاضة ثالثة يكون مركزها الضفة الغربية المحتلة. (الاحتلال، والاستيطان، ومصادرة الأراضي، واقتلاع الأشجار، والحواجز الدائمة والطائرة، وتهويد القدس، وتعذيب الأسرى، وتدهور الحياة الاقتصادية، واليأس من المفاوضات، ومن السلطة، ومن المجتمع الدولي) وغير ذلك من الأسباب يدفع باتجاه تفجير انتفاضة ثالثة. عرفات جرادات (29 عامًا) ابن بلدة سعير قضاء الخليل قضى نحبه تحت التعذيب في أقبية سجن (مجدو) بعد عدة أيام من اعتقاله، قد يكون (الصاعق) الذي يفجر الانتفاضة الثالثة. المظاهرات ورجم جنود الاحتلال بالحجارة عمت الساحات كافة في الضفة الغربية. المظاهرات والاشتباكات الواسعة عبرت عن حالة الاحتقان وحالة الرفض لما هو قائم منذ سنين في الضفة الغربية. حكومة الاحتلال تدرك بدقة حجم حالة الاحتقان والرفض، وتدرك حجم التداعيات المحتملة لمقتل أسير في السجون تحت التعذيب، وتدرك أيضًا أن حالة الإضراب عن الطعام التي تتوسع في المعتقلات والسجون، قد تسفر عن وفاة معتقل أو آخر في أي لحظة، وتدرك أن أية انتفاضة ثالثة سوف تتجه نحو السلاح والكفاح المسلح، وستتخذ من غزة نموذجًا، وهو سيناريو غير محتمل لقوات الاحتلال في الضفة الغربية. لذا بادرت حكومة نتنياهو إلى الضغط على السلطة وأجهزة الأمن في الضفة لإجهاض التحركات الشعبية التي تتبلور في اتجاه انتفاضة ثالثة. (العصا والجزرة) معادلة قديمة جديدة في السياسة الصهيونية مع السلطة الفلسطينية، فأنت تجدها في أمر نتنياهو بتحويل مستحقات الضرائب فورًا إلى السلطة في رام الله بعيد مقتل "جرادات" وانتفاضة الشارع، وتجدها أيضًا في ضغوط الاحتلال على الأجهزة الأمنية لضبط الاحتجاجات. في ظل (زيارة أوباما) ثمة مصالح متضاربة، فـ(إسرائيل) تريد زيارة في ظل حالة من الهدوء في القدس والضفة بما لا يعكر أجواء الزيارة، ولا يستدعي تدخل أوباما بشكل مباشر لمعالجة أوضاع ملتهبة في الضفة. وبينما يرى الجانب الفلسطيني الشعبي (وربما الرسمي) أيضًا أن انفجار حالة الهدوء في وجه الاحتلال بسبب الاحتقان المتراكم واستشهاد عرفات جرادات، وتفاقم إضراب الأسرى يحقق جزءًا من مصالح الشعب الفلسطيني في ظل زيارة (أوباما) بصفته الرئيس الوحيد في العالم الذي يملك كرت ضغط على الاحتلال. نتنياهو أمر بتحويل المال إلى السلطة ومع المال طلب للسلطة لوقف الاحتجاجات الشعبية. خروج الشعب إلى الشوارع والاشتباك مع جيش الاحتلال لم يكن بأمر من السلطة، أو طلبًا لمستحقات مالية واجبة، إنما خرج بإرادة شعبية ترفض الاحتلال وتطلب إزالته، وتطلب تحرير الأسرى، ووقف التعذيب، ومن ثمة فإن عصا نتنياهو وجزرته قد لا تجدي نفعًا، وقد تدفع زيارة أوباما في 20 مارس القادم حالة الاحتقان نحو مزيد من الاشتعال، شرط أن ترفع الأجهزة الأمنية يد التنسيق الأمني والخدمة المجانية للمحتل
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.