تواصل الأوساط اليمينية الإسرائيلية تحريضها على فلسطينيي 48 عموما، وفلسطينيي النقب خصوصا، بزعم تمددهم الجغرافي والديموغرافي، وتراجع ما يصفونها بـ"الهوية اليهودية" في المنطقة.
وتعزز هذه الأوساط اليمينية موقفها المتطرف ضد فلسطينيي النقب بالقول، إن إحصائيات غوغل لعام 2022، تكشف أن كلمة "الحكم" هي الأكثر بحثًا في المنطقة الجنوبية لفلسطين المحتلة، حيث توجد صحراء النقب والتجمعات البدوية فيها، مما يعني أن الإسرائيليين هناك يبحثون عن الشرطة وسلطات إنفاذ القانون بالمعنى الحرفي، لكنهم لم يجدوها بعد، بزعم أن الفلسطينيين هناك يأخذون القانون بأيديهم، وسط غياب الشرطة وأجهزة الأمن، لا سيما في مناطق الكسيفة وأم الباطن وبئر السبع.
إيليا إيغوروف مراسلة صحيفة إسرائيل اليوم، زعمت أنه "عندما تجمع كل الأحداث معًا، ينتاب الإسرائيليين شعور بأن الواقع الذي لا يطاق في الجنوب قد أصبح بالفعل روتينًا من الخوف، لأن اليهود باتوا يخشون على سلامتهم الشخصية، والأسباب الرئيسية هي غياب السلامة على الطرق والجرائم القومية، و67٪ يعتقدون أن الحكومة لم تفعل ما يكفي في هذا الشأن".
وأضافت في تقرير أن "المؤسسات الإسرائيلية الرسمية في منطقة النقب تزعم أن غياب الهوية اليهودية عن هذه المنطقة هو بسبب غياب أجسام الحكومة التمثيلية عنها، لا سيما الشرطة والمدعون العامون والمحاكم، بزعم وجود 300 ألف بدوي يخالفون قوانين الدولة، مما يستدعي بطريقة ذكية تعزيز تواجد الدولة في مناطقهم لتحويلهم من منتهكي القانون إلى حراس قانون بشكل كبير، وإلا سيتحول الأمر مع مرور الوقت إلى حرب بين اليهود والعرب".
وحول زيادة أعداد البدو الفلسطينيين، قالت: "مستشفى سوروكا في السبع شهد في الآونة الأخيرة ولادة عدد من الأطفال البدو أكثر من الأطفال اليهود، ولكم أن تتخيلوا في غضون 20 عامًا كيف سيكون الوضع الميداني في هذه المنطقة، مما يتطلب تعزيز الهوية الإسرائيلية، لأن الإسرائيليين حين يتجولون في القرى التي استثمرت الدولة الملايين في تطويرها، يفاجأون برؤية صورة لفتاة تحمل شجرة زيتون، ترمز للارتباط بالأرض الفلسطينية، وهذا هو التحدي أمام الدولة".
وتكشف هذه الشكاوى الإسرائيلية عن توجهات ضمنية بمزيد من الاستهداف للفلسطينيين البدو في النقب، بوابة فلسطين الجنوبية، الذين يعانون من السياسة الإسرائيلية العامة تجاههم، بوصفهم أقلية عربية، ولهذا الوجود خصوصيته وظروفه الموضوعية الخاصة، لأنه منذ عام 1948 جاء التركيز الإسرائيلي على تهجير معظمهم خارج الحدود، وقضت سياسة الاحتلال المتبعة بعد إفراغ القرى العربية، بتجميع سكانها الباقين، ومحاصرتهم داخل مراكزها، ومنع حركة التنقل فيها.
ويتمثل الهدف الإسرائيلي الأول بتهويد هذه المناطق الفلسطينية، ومحو معالمها التاريخيّة، بتنفيذ عمليات هدم جماعي للمباني المتروكة.
وتتناول التقارير الإسرائيلية بقلق ظاهرة تمدد سكن العائلات البدوية، رغم سياسة عدم الاعتراف بقراهم، ولا تخلو هذه التقارير من تناول الظاهرة بأدوات ومضامين عنصرية، ولا تتردد بوصفها "خطرا ديموغرافيا"، "شبحا ديموغرافيا"، "ظاهرة خطِرة"، "نهاية العالم"، "احتلالا عربيا"، "سيطرة عربية"، أو "تطورات ديموغرافية مثيرة للقلق".