طالبت منظمات حقوقية ومواطنون فلسطينيون وأمريكيون، الولايات المتحدة بإيقاف خطط بناء سفارة ومجمع دبلوماسي جديد في القدس على أرض يقولون إنها صودرت من عائلات فلسطينية، وفقا لتقرير نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني.
وتوجه مركز الحقوق الدستورية "سي سي آر" ومنظمة "عدالة" نيابة عن عائلات فلسطينية، الخميس، برسالة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين والسفير الأمريكي لدى الاحتلال توماس نيدس.
وكشفت "عدالة" و "سي سي آر" في الرسالة إن المجمع سيتم بناؤه "على أرض مصادرة من الفلسطينيين في انتهاك للقانون الدولي".
وقالت المنظمات في رسالتها للمسؤولين الأمريكيين: "إذا مضت الولايات المتحدة في هذه الخطة، فلن تكون فقط متواطئة مع مصادرة إسرائيل غير القانونية للأراضي المملوكة للفلسطينيين، ولكنها ستصبح أيضًا مشاركًا نشطًا في الاستيلاء على أراضي المواطنين الأمريكيين".
وفي شباط/ فبراير 2021، قدمت وزارة الخارجية الأمريكية وسلطة الاحتلال الإسرائيلية خططًا لمجمع دبلوماسي أمريكي، بعد قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب المثير للجدل في أيار/ مايو 2018 بالاعتراف من جانب واحد بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب.
وأرفقت المنظمات في الرسالة المكونة من 45 صفحة، صورا ونسخا من عقود إيجار بين سلطات الانتداب البريطاني والعائلات الفلسطينية التي استأجرتها أراضيها مؤقتًا في ذلك، والتي أصبحت فيما بعد جزءًا من ثكنات عسكرية.
وصادرت حكومة الاحتلال الأرض بموجب قانون أملاك الغائبين، الذي يمنح الدولة سلطة مصادرة وحجز الممتلكات والأصول الفلسطينية التي أجبروا على تركها خلال النكبة.
والنكبة، هي الاسم الذي يطلقه الفلسطينيون على المذابح والطرد القسري الذي تعرضوا له على أيدي الميليشيات الصهيونية في عام 1948، والتي خلفت ما يقدر بنحو 15 ألف شهيد فلسطيني وتهجير حوالي 750 ألف.
ملكية خاصة مقدسة
ويعود جزء من الأرض إلى ملكية عائلة أستاذ الدراسات العربية الحديثة في جامعة كولومبيا، راشد الخالدي، الذي قال لموقع "ميدل إيست آي" إن الرسالة "يجب أن تضع الحكومة الأمريكية في موقف محرج للغاية".
وأضاف الخالدي أن "الملكية الخاصة هي حجر الزاوية للرأسمالية الأمريكية.. الملكية الخاصة مقدسة، وهنا لدينا قضية استولت فيها حكومة حليفة على ممتلكات أشخاص، بمن فيهم مواطنون أمريكيون"، وفقا للموقع.
وتابع لـ"ميدل إيست آي" بالقول إن "حكومة الولايات المتحدة متواطئة في هذه السرقة من خلال البناء على هذه الملكية الخاصة".
كما تمتلك عائلة المقدسي علي قليبو بعض الأراضي المخصصة للمجمع الدبلوماسي الأمريكي الجديد.
وقال قليبو، وهو فنان من القدس، ومؤلف وعالم في علم الآثار، لموقع "ميدل إيست آي" إنه على الرغم من إعلان منظمة عدالة عن العقود التاريخية في يوليو/ تموز، إلا أنه لم يسمع أي موقف من الحكومة الأمريكية.
وأضاف عالم الأثار المقدسي: "رفض الاعتراف بحقوقي في الملكية، مؤلم حقا.. لم يتصلوا بي".
وكشف قليبو أن عائلته بقيت في القدس منذ عام 1948، موضحا: "الحرب توقفت على بعد كيلومتر واحد من منزلنا".
وأشار الفنان الفلسطيني أن الأرض استأجرتها العائلة للبريطانيين، لكن فيما بعد "استولت عليها السلطات الإسرائيلية منذ عام 1950، وحتى يومنا هذا".
وقال: "علينا أن نتعامل مع الأمر كل يوم.. إنه جرح لا يندمل أبدا".
وأكد عالم الأثار الفلسطيني أنه "ليس فقط الأرض المخصصة للسفارة المقترحة المهددة، ولكن جميع الأراضي الفلسطينية التي تم الاستيلاء عليها بموجب قانون عام 1950"، وفقا لـ"ميدل إيست آي".
وأوضح: "هذه القضية تلخص الأمر. إنها ليست مجرد ملكية.. إنها حقوقنا، ليس لدينا حقوق على ممتلكاتنا".
ومن جانبها، قالت المحامية والمديرة القانونية في عدالة ومديرة وحدة الأراضي وحقوق التخطيط، سهاد بشارة لموقع "ميدل إسيت آي" إنها تأمل في أن توافق وزارة الخارجية على الاجتماع مع منظمتها، ومركز الحقوق الدستورية، وأصحاب العقارات.
وأكدت أن الاتصال الوحيد حتى الآن من الحكومة الأمريكية بعد إصدار الوثائق الإيجار التاريخية، في تموز/يوليو الماضي، هو بيان وزارة الخارجية الذي تمت مشاركته مع وسائل الإعلام بأن "العناية الواجبة" يتم إجراؤها على جميع المواقع المحتملة للمنشآت الأمريكية.
وليس من الواضح ما إذا كانت هذه العناية الواجبة قد أدت إلى ملكية الفلسطينيين للعقار، أو على نطاق أوسع، ما إذا كانت حقوق الملكية للفلسطينيين، بما في ذلك المواطنين الأمريكيين، قد تم أخذها في الاعتبار، وفقًا لرسالة "عدالة" ومركز الحقوق الدستورية.
وفي السياق، قال الخالدي إن لديه تساؤلات كبيرة حول ما ينطوي عليه التحقيق الأمريكي في الممتلكات، مشيرًا إلى أن علماء فلسطينيين أبلغوا وزارة الخارجية في أواخر الثمانينيات عن ملكية الأرض، وفقا للموقع البريطاني.
وأضاف: "ادعائهم بالعناية الواجبة لا يتطلب منهم الذهاب إلى القدس والسير إلى الموقع.. يمكنهم ببساطة الذهاب إلى أرشيفهم ورؤية أنه تم إرسال دراسة متأنية للغاية إليهم وسوف يدركون أنهم تلقوها ، في طريق العودة متى".
وأردف: "الوثائق لا جدال فيها. كانت الحكومة البريطانية تدفع لهذه العائلات مقابل هذه الممتلكات بعد عام 1948 بفترة طويلة. وبقدر ما كانت الحكومة البريطانية معنية، فقد كان هذا ملكًا لهذه العائلات في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي".
ومن جهتها، قالت بشارة: "الآن بعد أن خاطبت المنظمات والأسر السلطات الأمريكية رسميًا، فهي تأمل أن يوافقوا على الاجتماع، خاصة وأن الوقت قد حان للتعليق على المشروع.
ولفت ميدل إيست آي إلى أن وزارة الخارجية لم ترد على طلب التعليق على الموضوع.