تزامن استلام بنيامين نتنياهو للتكليف الرسمي بتشكيل حكومته السادسة، مع تصاعد التحذيرات العبرية من مغبة تضرر العلاقات الإسرائيلية العربية بعد اتفاقيات التطبيع، في حال إقرار الحكومة المقبلة لتحركات جديدة لتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة وفق الخطة التي يدعو إليها الجناح اليميني المتطرف فيها.
كما أن اليمين المتطرف يسعى إلى اتخاذ إجراءات لإخراج الفلسطينيين من "المنطقة ج"، أو القيام بتغيير في الترتيبات المعمول بها في المسجد الأقصى، أو الشروع في مواجهة مع السلطة الفلسطينية.
ولا تكشف المحافل الإسرائيلية عن هذه التحذيرات علانية، لكن المخاوف في الأوساط الدبلوماسية باتت أكبر من أن يتم إخفاؤها، خاصة مع إمكانية صدور ردود أفعال قاسية من دول الإمارات العربية المتحدة أو البحرين أو المغرب، وصولا إلى الأردن، وحتى مصر، وقد وصلت هذه التحذيرات بالفعل عبر القنوات الصامتة إلى دوائر صنع القرار في تل أبيب، وفقا لإعلام عبري.
وذكر المستشرق اليهودي يهود يعاري في "القناة 12"، أن "التحذيرات التي وصلت إسرائيل جاءت على شكل "نصيحة"، دون تصريحات علنية، لا سيما وأن العلاقات بين السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس مع دول الخليج توجد في أدنى نقطة إلى حد الانفصال".
واستطرد: "لكنها لا تعني بالضرورة أن دول الخليج ستوافق على تمرير تغيير حاد في اتجاه السياسة الإسرائيلية في الضفة الغربية بصمت، كما تأمل الحكومة الجديدة".
وأضاف أن "جميع معارضي التطبيع في الدول العربية ينتظرون بفارغ الصبر أن تعبث الحكومة الإسرائيلية الجديدة بالأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وقد استجاب أبو مازن بالفعل بحماس للدعوة التي تلقاها نهاية الأسبوع في رام الله من المبعوث الصيني الخاص، تشاي جون، لحضور القمة العربية الصينية التي ستعقد خلال زيارته المرتقبة للرئيس شي في السعودية".
وأوضح أنه "لا يزال ينتظر دعوة رسمية من الرياض بعد سنوات من عدم زيارته لها، كما يأمل عباس في الاستفادة من زيارته المأمولة لتعبئة جميع الأطراف العربية لكبح الإجراءات الإسرائيلية المتوقعة".
وأشار يعاري إلى أن "السعودية التي لم تعبر عن حزنها من فوز نتنياهو تبحث عن طريقة لإنعاش مبادرة السلام العربية، التي دخلت إلى أدراج الأرشيف بعد عام 2002، لكن المملكة قد تتراجع عن توجهها هذا إذا ظهر لها أن الحكومة الإسرائيلية قد تغير قواعد السلوك المتبع في الضفة الغربية وشرقي القدس، وكذلك الحال مع حاكم الإمارات محمد بن زايد، رغم ابتعاده عن أبو مازن، ويكاد يقاطعه، لكنه هو الآخر سيقوم بذلك، وهو ما سيتكرر مع جنرالات السودان، فضلا عن ملك المغرب، وكذلك السيسي المتيقظ لأوضاع بلاده الداخلية".
ولا يخفي الإسرائيليون قلقهم من أن الدول العربية المطبعة معهم، ورغم رغبتها في الحفاظ على مصالح التعاون مع إسرائيل، لكنها في الوقت ذاته تخشى من هبوب عاصفة من الاحتجاجات الداخلية لديها، سواء في الإعلام أو الشارع التي سيكون لها وزن كبير إذا شعروا أن أشقاءهم الفلسطينيين يتعرضون لضغوط إسرائيلية جديدة، مما يستدعي من الحكومة العبرية الجديدة أن تدرك أن الساحة الفلسطينية ليست مغلقة أمام الفضاء العام.
وفي الوقت ذاته، قد تخطئ الحكومة الإسرائيلية المقبلة في توهمها بأن الدول العربية التي أقامت علاقات تطبيعية معها ستعلن تنكرها للقضية الفلسطينية، لأنه رغم كل العلاقات المتوترة بين قادة الدول العربية والزعماء الفلسطينيين، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، لكن أولئك القادة يشعرون أمام شعوبهم أنهم مطالبون بمساعدة الشعب الفلسطيني، وليس إعطاء الضوء الأخضر للمحتلين الإسرائيليين للقيام بمزيد من الإجراءات القمعية والتعسفية ضدهم، مما يعني أن أي إجراء منها سيعرض اتفاقيات التطبيع للخطر، والخطر الشديد