في أقل من أسبوع من بدء عمل الحكومة الإسرائيلية لمهامها الرسمية، صدرت عدة ردود فعل أمريكية منتقدة لها بسبب سياساتها المختلفة في كل الساحات، مما يمنح المراقبين فرصة استشراف علاقة متوترة بين واشنطن وتل أبيب، كما توقعت عدة أوساط فور فوز اليمين في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وقد كان البادئ بهذه الانتقادات السيناتور الجمهوري الأكثر تأييدا للاحتلال، ليندسي غراهام، الذي هاجم اتصال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين بنظيره الروسي سيرغي لافروف، معتبرا إياه حديثا مع "ممثل نظام يرتكب جرائم حرب"، مما أعطى انطباعا بأن تل أبيب تحاول انتهاج سياسة جديدة بشأن الحرب في أوكرانيا، تختلف عن حكومتي يائير لابيد ونفتالي بينيت.
أمير بوخبوط المراسل العسكري لموقع ويللا، كشف عن توتر جديد بين الجانبين، من خلال "إجراء أول حديث هاتفي بين وزير الحرب يوآف غالانت مع نظيره الأمريكي لويد أوستن منذ توليه منصبه، حيث دعاه الأخير لعقد اجتماع قريب في مقر البنتاغون بواشنطن، وطالبه بتجنب السياسة التي من شأنها زعزعة الأمن والاستقرار في الضفة الغربية، فيما شدد غالانت على أهمية التعاون الدولي ضد إيران، وبذل كل جهد لمنعها من الحصول على أسلحة نووية".
وأضاف في تقريرأن "الوزيرين استعرضا الوضع الراهن في مختلف القطاعات التي يعملان فيها، والتزامهما بتعميق التعاون العسكري والأمني والتكنولوجي بين أجهزة أمن الجانبين، وناقشا مساهمة اتفاقيات التطبيع في الاستقرار الأمني في الشرق الأوسط، وخلصا إلى أنهما سيعملان على تعميق وتوسيع العلاقات مع دول أخرى في المنطقة، كما ناقشا الحرب الروسية الأوكرانية".
من جانب آخر، أكد باراك رافيد المراسل السياسي لموقع ويللا في موقف أمريكي إضافي ضد الحكومة الحالية، أن "المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس أعلن أن البيت الأبيض يعارض شرعنة البؤرة الاستيطانية في حوماش، عقب إبلاغ الحكومة للمحكمة العليا بأنها ستعدل قانون الانفصال، وتعيد تنظيم البؤرة الاستيطانية غير القانونية، مؤكدا أنها إجراءات أحادية الجانب؛ لأن بؤرة حوماش غير قانونية، حتى بموجب القانون الإسرائيلي".
وأضاف في تقرير أن "الموقف الأمريكي دأب على المطالبة بتجنب الإجراءات أحادية الجانب، التي تشمل بالتأكيد أي قرار بإنشاء مستوطنة جديدة، أو إقامة بؤر استيطانية غير قانونية، أو بناء من أي نوع في مناطق عميقة في الضفة الغربية المحتلة قرب التجمعات الفلسطينية، أو على أراض فلسطينية خاصة".
وأوضح أن "الموقف الأمريكي الحاد، جاء عقب إعلان الحكومة الجديدة أنها بصدد التخطيط لتعديل قانون فك الارتباط، الذي تم بموجبه إخلاء المستوطنة المذكورة في شمال الضفة الغربية، وتنظيم الوضع القانوني للمعهد الديني الذي أقيم في المنطقة حتى بعد الإخلاء، مع العلم أن الحكومة السابقة أعلنت موقفا يقضي بضرورة إخلاء البؤرة الاستيطانية، في ضوء الحساسية والتعقيد المصاحب لها".
وتكشف هذه المواقف الأمريكية المتصاعدة عن حقيقة التوتر المتوقع بين تل أبيب وواشنطن في المرحلة القادمة، لاسيما عقب استسلام نتنياهو لمطالب شركائه في اليمين المتطرف، مما سيضعه في حالة تحد للإدارة الأمريكية، وهو الحريص على التفاهم معها في ملفات إقليمية ودولية.
وفي هذه الحالة سيقع نتنياهو في حيرة المفاضلة بين بقائه رئيسا لحكومة ستزيد من عزلة دولة الاحتلال في العالم، أو انفراط عقد ائتلافه الحكومي، واللجوء لتدوير الزوايا مع شركاء آخرين محتملين، أو إقناع هؤلاء الشركاء بتأجيل تنفيذ مخططاتهم.