تسيطر حالة من الاستياء والتعقيد على الموقف بين مصر والاحتلال الإسرائيلي، بسبب القرارات الأخيرة لحكومة الاحتلال بفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية، واقتحام وزير "الأمن القومي" للاحتلال "ايتمار بن غفير" للمسجد الأقصى الأسبوع الماضي.
وقالت مصادر دبلوماسية عربية مطلعة على ملف الوساطة التي تقوم بها مصر بين الفصائل الفلسطينية وحكومة الاحتلال، إن القرارات الأخيرة التي صدرت عن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر للشؤون السياسية والأمنية الخميس الماضي بفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية، "تسببت في تعقيد الموقف أكثر ما بين القاهرة وحكومة الاحتلال، وصعّبت من مهمة الوساطة التي تقوم بها مصر".
وجاءت عقوبات الاحتلال بعد تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يُطالب محكمة العدل الدولية بالنظر في مسألة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
وعلّقت المصادر على الأنباء التي تحدثت عن رفض حركة "حماس" الاقتراح الذي قدّمه منسّق شؤون الأسرى والمفقودين السابق في حكومة الاحتلال، يارون بلوم، بواسطة مصر، لإنهاء قضية الأسرى والمفقودين، عشية الانتخابات الإسرائيلية التي جرت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قائلة إن ذلك "يعتبر مؤشراً قوياً على تأثر جهود الوساطة التي تقوم بها مصر بسبب تشكيل الحكومة الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل".
حرج لمصر
وسادت حالة من الاستياء على الدائرة الرئاسية المصرية بسبب الحرج الذي سببته حكومة الاحتلال للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أعقاب الاتصال الذي أجراه برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مع بدء ولايته الجديدة، والذي قدم خلاله الرئيس المصري التهاني للحكومة.
وحدث الاستياء المصري، في أعقاب البيان الرسمي الصادر عن مؤسسة الرئاسة المصرية، والذي تناول تفاصيل الاتصال بين السيسي ونتنياهو الذي تمّ في 31 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
واستقر الرأي المصري على إعلان تفاصيل الاتصال بعدما قدّم نتنياهو للإدارة المصرية وعوداً بالحفاظ على التهدئة، ومنع المحاولة التي كان قد أعلن عنها وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال "إيتمار بن غفير" لاقتحام المسجد الأقصى، وهي الوعود التي تبددت بعد أن وطأت أقدام وزير الاحتلال باحات المسجد تحت حراسة مشددة من أجهزة الأمن الإسرائيلية صباح الثلاثاء الماضي.
ووفقا لبيان الرئاسة المصرية حينها، هنأ السيسي نتنياهو، وأكد "مواصلة مصر تحركاتها المكثفة في كافة الملفات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها جهود الحفاظ على التهدئة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، واستئناف المفاوضات بين الجانبين".
وشدّد السيسي على "ضرورة تجنب أي إجراءات من شأنها أن تؤدي إلى توتر الأوضاع وتعقيد المشهد الإقليمي".
وبخلاف البيان الرسمي الصادر عن الخارجية المصرية والذي أكد موقف القاهرة الرافض لخطوة "بن غفير"، فإن الدائرة المعنية بملف العلاقات بين مصر وحكومة الاحتلال، أبلغت المسؤولين المعنيين في حكومة الاحتلال، استياء مصر الرسمي، جراء الحرج الذي تسببت فيه الخطوة للرئيس المصري، في الوقت الذي تقود فيه القاهرة جهوداً حثيثة مع الأردن، للعمل على مقترح لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى حركة "حماس".
وجاء الرد الإسرائيلي على الاستياء المصري، مبرراً فشل محاولات نتنياهو في كبح جماح وزير الأمن الداخلي في حكومته، باعتبارات متعلقة باستقرار الحكومة نظراً لطبيعة تركيبتها والتي أجازها الكنيست أخيراً، ليبدأ بها نتنياهو ولايته السادسة. وأكد المسؤولون المعنيون في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي للمسؤولين في الجانب المصري أن رئيس الحكومة الجديدة معني بالحفاظ على التوافق مع النظام المصري.
موقف مصري
وأعربت مصر في بيان رسمي صادر عن وزارة خارجيتها عن أسفها لاقتحام المسجد الأقصى، رافضة "أية إجراءات أحادية مخالفة للوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس".
وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في البيان، من "التبعات السلبية لمثل هذه الإجراءات"، داعيةً إلى "ضبط النفس والتحلي بالمسؤولية والامتناع عن أية إجراءات من شأنها تأجيج الأوضاع".
ورغم الاستياء المصري نتيجة الحرج الذي سببته حكومة الاحتلال للسيسي، إلا أن القاهرة مصرّة على مواصلة دورها الرامي للحفاظ على التهدئة ومنع التصعيد العسكري في قطاع غزة.
وكانت "حماس" قد نقلت رسائل تحذير أخيراً، عبر الوسيط المصري، إلى حكومة الاحتلال، تحذر فيها من المساس بالمقدسات أو اقتحام الأقصى، مؤكدة أن تلك الخطوة "لن تمر مرور الكرام وسيكون لها ما بعدها"، وهي الرسائل التي نقلتها القاهرة بطبيعة الدور الذي تلعبه كوسيط.