أدخل قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، بوجوب عدم تولي أريه درعي حقيبة وزارية في حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة، في أزمة سياسية، وخصوصاً أن القرار القضائي موجه لنتنياهو، ويفرض عليه تنفيذه.
وقالت المحكمة إن تعيين درعي وزيراً في الحكومة "غير معقول للغاية"، ولا سيما أنه، بحسب القرار، خدع محكمة الصلح الإسرائيلية العام الماضي، عندما توصل إلى صفقة مع النيابة العامة لتجنب الحبس الفعلي، بتعهده أمام قاضي المحكمة بأنه سيعتزل العمل السياسي وعدم العودة إلى الحكومة أو الكنيست، وهو الموقف الذي جعل المحكمة تقبل بصفقة تسوية تبعد درعي عن الحبس الفعلي.
ومع صدور قرار المحكمة أمس، أعلن أريه درعي أنه لن يبادر هذه المرة إلى الاستقالة، خلافاً لعام 1993، عندما صدر قرار مشابه في عهد حكومة رابين، بحقه، مشيراً إلى أنه سيترك الأمر لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قبل أن يضيف: "أغلقوا أمامنا الباب، سندخل من النافذة، وإذا أغلقوا النافذة سنكسر السقف وندخل منه"، في إشارة إلى إمكانية القبول ببدائل أخرى.
ويعني تصريح درعي أنه لن يسهل مهمة تنفيذ القرار القضائي الموجه لبنيامين نتنياهو، وسيزج بالأخير في ورطة تضعه أمام ثلاثة خيارات، سيكون لكل منها تداعياتها القانونية والسياسية، وعلى مشروع الإصلاحات القضائية.
الخيار الأول: تنفيذ القرار القضائي وفصل درعي من الحكومة
يعتبر هذا الخيار أول خيارات نتنياهو، خصوصاً أن مقربين منه أعلنوا أمس إجراءه مشاورات في كيفية التعامل مع قرار المحكمة الذي سيدفعه إلى الامتثال له. ويعود ذلك أساساً إلى صياغة قرار يجعل من المستحيل تعيين درعي في منصب وزير، بعد أن ربط القضاة بين عدم تعيينه وما وصفوه بتضليله لمحكمة الصلح عندما تعهد بترك الحياة السياسية، مقابل تسوية قضائية تحول دون فرض حكم بالسجن الفعلي بحقه، ودون وصمه بالعار.
وكان الائتلاف الحكومي قد قدم تعديلاً على قانون أساسي إلى الحكومة، يتيح تعيين وزير صدر بحقه حكم بالسجن مع وقف التنفيذ.
ووفقاً لهذا الخيار، فإن نتنياهو، وفق تعهدات من مقربيه، سيحترم قرار المحكمة، وسيلجأ إلى فصل درعي، لكن لن ينفذه بأسرع وقت، بل سيؤجل القرار ريثما يفحص مسارات بديلة تبقي درعي بشكل أو بآخر في الائتلاف الحكومي، ولو بمنصب غير وزاري، وتحول دون انسحاب حركة شاس من الائتلاف، علماً بأنها بعيدة عن التهديدات التي أطلقتها قبل صدور القرار، وغير معنية هي الأخرى بتفكيك الحكومة، وستقبل بحل وسط.
الخيار الثاني: حل الحكومة وتعيين درعي قائماً بأعمال رئيس الحكومة
يتمثل الخيار الثاني أمام نتنياهو، الذي سيكون نتاج تنفيذ قرار المحكمة، بالاتجاه إلى تعويض درعي عن المنصب الوزاري من خلال تعيينه قائماً بأعمال رئيس الحكومة، أو ما بات يطلق عليه "رئيس الحكومة البديل".
لكن هذه الخطوة لا يمكن اتخاذها إلا عند عرض الحكومة الجديدة لنيل ثقة الكنيست، وبما أن الحكومة الحالية تخطت هذه المرحلة، فإنه سيكون على نتنياهو حل الحكومة الحالية، من خلال ما يعرف باقتراح "حجب ثقة بناء"، وهو إجراء برلماني، يتم بواسطته حجب الثقة عن الحكومة، ولكن وبموازاة ذلك اقتراح تشكيلة حكومية جديدة مع تسمية الوزراء الجدد ورئيس الحكومة وإضافة تعيين درعي قائماً بأعمال رئيس الحكومة، أو "رئيس حكومة بديل"، مع طرح اتفاق ائتلافي جديد، وهي عملية إجرائية يمكن لنتنياهو أن يلجأ إليها، دون خوف على بقائه رئيساً للحكومة القادمة بفعل امتلاكه لأغلبية 64 عضواً.
يُستبعد لجوء نتنياهو إلى رفض قرار المحكمة لأنه يضعه في مواجهة مباشرة مع قضاة المحكمة، وقد يعرضه شخصيا لإجراءات قضائية بتهم عدم تنفيذ قرار قضائي واحتقار المحكمة
كذلك إن شرط اتخاذ هذا الإجراء هو أن يقدم مقترح قانون حجب الثقة عن الحكومة، مرشح لرئاسة الحكومة الجديدة وأغلبية 61 صوتاً على الأقل يوافقون على التشكيلة الجديدة، وهي أغلبية متوافرة مع نتنياهو.
لكن هذا الخيار، إن لجأ نتنياهو إليه، ونجح في تشكيل الحكومة من جديد، مع تعيين درعي قائماً بأعمال رئيس الحكومة، أو "رئيس حكومة بديل"، لا يضمن ألا تتجه ذات الجهات التي عارضت تعيين درعي وزيراً، إلى المحكمة العليا بالتماس جديد.
الخيار الثالث: رفض قرار المحكمة وعدم تنفيذه
هذا هو الخيار الأضعف من بين الخيارات المعروضة أمام نتنياهو، لأنه يضعه في مواجهة مباشرة مع قضاة المحكمة، وقد يعرضه شخصياً لإجراءات قضائية بتهم عدم تنفيذ قرار قضائي واحتقار المحكمة. وهي خطوة قد تدخل إسرائيل كلها في ورطة جديدة تهدد بانهيار النظام القضائي وسلطة القانون، وبالتالي يستبعد جداً أن يلجأ نتنياهو إلى هذا الأمر.