ربما يحدث بعضنا نفسه بين الحين والآخر، لكن إذا بدأت تسمع أصواتا في رأسك، فعليك التأكد من السبب وراء ذلك.
وقال موقع، "سايكولوجي توداي"، إن الهلوسة السمعية بما في ذلك سماع الأصوات من السمات المميزة لمرض انفصام الشخصية، لكن قد يعاني منها أيضًا من يعانون من اضطرابات عقلية أخرى مثل الاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب. فلا عجب إذن أن يشعر أي شخص يسمع أصواتًا في ذهنه بالقلق من أنه قد "يصاب بالجنون".
لخّصت دراسة حديثة نُشرت في مجلة "نيتشر ريفيوز سايكولوجي" الأدلة التي تُظهر مدى شيوع هذه الحالة، والطرق المختلفة التي يتعامل بها الناس مع الأصوات ودلالاتها الطبية. ويحث هذا البحث الباحثين على الابتعاد عن نموذج "القصور" لسماع الأصوات، الذي يُعتبر عرضًا لمرض أو حالة مرضية. ففي بعض الأحيان، يمكن أن يكون سماع الأصوات محايدًا أو حتى مفيدًا.
الأنواع المختلفة لسماع الأصوات:
يدرس الباحثون ظاهرة سماع الأصوات لدى الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم باضطرابات عقلية خطيرة، لكن الكثيرين يسمعون أصواتا في الحالات غير السريرية والعادية. وفي بعض السياقات الدينية، يتم ترسيخ ظاهرة سماع الأصوات بصورة متعمدة من خلال الصيام أو التأمل أو المؤثرات العقلية. في هذه السياقات، غالبًا ما يتم اختبار الأصوات على أنها مفيدة.
وأشار الموقع إلى أن الحزن الشديد يمكن أن يُهيئ الأجواء لسماع الأصوات. فبعض الناس في أوقات الحزن الشديد "يسمعون" أحد الأحباب المفقودين يتحدث إليهم. وقد تكون هذه تجربة مريحة للغاية. وفي دراسة كبيرة أُجريت على كُتّاب محترفين سنة 2014، أفاد واحد من كل سبعة مشاركين بأنه "سمع" أصوات الشخصيات الخيالية عندما يقرأ قصتها، بنفس وضوح المحادثات العادية.
ما مدى شيوع ظاهرة سماع الأصوات؟
أفاد الموقع بأن نسبة انتشار سماع الأصوات غير السريري مدى الحياة يتراوح بين 5 في المئة إلى 15 في المئة من عموم السكان. وفي الحالات غير السريرية، يتمتع الشخص الذي يسمع أصواتا بقدرة أكبر من السيطرة، حيث تحدث الأصوات بشكل أقل تكرارًا، ويميل المحتوى إلى أن يكون محايدًا أو حتى إيجابيًا.
وهناك العديد من الأسباب المحتملة لسماع الأصوات، لكنها تبقى موضع جدل. تقول إحدى النظريات إن سماع الأصوات ينتج عن "الإسناد الخاطئ" للحديث الذي يدور في فكر الشخص كما لو كان يخص شخصًا آخر. وتشير نظرية أخرى إلى أن الأصوات هي ذكريات دخيلة لا يمكن السيطرة عليها. ويمكن أيضًا أن تتسبب الصدمة أو العزلة الاجتماعية في سماع الأصوات. يحذر واضعو هذه النظريات من أن التفسيرات التي تركز فقط على الدماغ تخاطر بإهمال الأسباب الاجتماعية والشخصية لهذه الظاهرة.
سماع الأصوات والتصورات الثقافية
ذكر الموقع أن عالمة الأنثروبولوجيا بجامعة هارفارد، تانيا لوهرمان، التي درست حالة سماع الأصوات عبر الثقافات لعقود، توصلت إلى أن حدة سماع الأصوات في الحالات السريرية والإزعاج الذي يرافقها قد يرجعان جزئيًا إلى الصور النمطية الثقافية السلبية. وقد أجرت هي وزملاؤها مقابلات مع أشخاص عانوا من سماع أصوات من الولايات المتحدة وغانا والهند، علما بأن مرض انفصام الشخصية كان شائعًا بين جميع المشاركين.
وجدت لوهرمان أن أكثر من نصف المشاركين الهنود قالوا إنهم سمعوا أصوات الأقارب، وكان هؤلاء الأقرباء يحاولون في كثير من الأحيان تقديم إرشادات. ووصف نصف المشاركين الغانيين الأصوات التي سمعوها بأنها كانت جيدة، والأغلبية تعتقد أن الله يخاطبهم. في المقابل، وصف المشاركون الأمريكيون بأغلبية ساحقة الأصوات بأنها عدوانية وغير مألوفة وخبيثة.
وترى لوهرمان أن الاختلاف في المحتوى يرجع جزئيًا إلى الاختلافات في معتقداتنا ومواقفنا الثقافية المنتشرة. وقد تفسر توقعاتنا جزئيًا سبب ميل تجربة سماع الأصوات إلى أن تكون سلبية للغاية.