أعادت أزمة المنطاد الذي قالت الولايات المتحدة إنها رصدته يحلق فوق بلادها بهدف التجسس لصالح الصين، وكذلك إعلان كندا رصد منطادا آخر يشتبه في أنه يقوم بمهام تجسس فوق أراضيها، فتح ملف الجاسوسية بين الدول وأبرز أدواتها.
وعمليات التجسس أسلوب يقوم على الخداع والتمويه بهدف معرفة أسرار العدو أو الخصم لتحقيق أهداف سياسية أو عسكرية أو اقتصادية، ويعود تاريخها إلى القدم حيث لجأ إليها المصريون والصينيون والهنود القدماء من أجل جمع المعلومات بهدف اتخاذ إجراءات احترازية تحد من حجم المخاطر.
ومن أكثر الفترات التي شهدت ازدهارا لأنشطة التجسس كانت فترة الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي والشيوعي، لا سيما ضمن محاولات الكشف عن خبايا وأسرار الأسلحة النووية.
وتعقيبا على ذلك، قال المحلل الاستراتيجي وخبير الشؤون الدولية المقيم في روما، ميتشل بيلفر:
• هناك قول مأثور مفاده "لقد تم التفكير في كل شيء مرة واحدة على الأقل"، في عالم التجسس، تم التفكير في أدوات الجاسوس ولا سيما أثناء الحرب الباردة، فقد استغرق الأمر وقتًا أطول بالنسبة للكثيرين منهم ليتجسد.
• أزمة المنطاد التي تتكشف الآن بين الصين والولايات المتحدة، مثال نموذجي على الجمع بين جميع التقنيات والتقنيات الجديدة، فكان استخدام المنطاد الذي أربك الرادار الأمريكي بشكل أساسي، لأنه كان يتحرك ببطء، وفي بعض الأحيان بشكل عشوائي، كان تكتيكًا جيدًا من الصين".
• في هذه المرحلة المبكرة، وفق بيلفر، يبدو أن "الصين كانت تسعى إلى التخطيط جغرافيًا للقوات النووية الأميركية في مونتانا - وهي عقدة رئيسية في القدرات النووية الأميركية. لم يكن الوصول إلى هذا الموقع ممكنًا باستخدام تقنياته الأخرى، ولذلك سعى إلى إنشاء جسر لجمع المعلومات الاستخبارية".
• اعتبر أنه "فيما يتعلق بتحديد موقع القوة النووية الأميركية جغرافيًا، احتاجت الصين إلى اللجوء إلى التفكير خارج الصندوق، نظرًا لأنها لا تمتلك قدرات الأقمار الصناعية للولايات المتحدة. بعبارة أخرى، فإن حرية التصرف في الفضاء مقيدة".
• فيما يتعلق بأدوات التجسس، قال إن الولايات المتحدة تستمر في كونها رائدة في العالم كما تفعل روسيا والصين وإسرائيل، ومن المثير للاهتمام، سويسرا أيضا دخلت على الخط. ومع ذلك ، فيما يتعلق باستخدام التكنولوجيا معًا، فإن الولايات المتحدة تتقدم بسنوات ضوئية على الآخرين.
• "هناك ميل إلى اعتبار أن التكنولوجيا هي الأهم لإجراء عمليات استخباراتية وعمليات تجسس ناجحة. ومع ذلك ، يبدو أنه لا يوجد بديل للذكاء البشري، وبهذه الطريقة، تخسر الولايات المتحدة قوتها بثبات بينما حققت روسيا والصين قفزات هائلة بفضل التزاوج بين الذكاء البشري والتكنولوجيا".
مناطيد الاستطلاعات
خلال الحرب العالمية الثانية، أطلق الجيش الياباني قنابل حارقة على الأراضي الأميركية عبر مناطيد نفاثة، وعقب الحرب ابدأ الجيش الأميركي في استكشاف استخدام المناطيد لعمليات التجسس على ارتفاعات عالية.
إطلاق المناطيد لا يكلف كثيرا على عكس الأقمار الصناعية التي تتطلب قاذفات فضائية تكلف ملايين الدولارات.
الأقمار الاصطناعية
منذ نهاية خمسينيات القرن الماضي، لم يعد يقتصر الفضاء على مجالات الاكتشاف العلمي والتطوير، بل تحول إلى ساحة تنافس عسكري، من خلال استخدام الأقمار الاصطناعية في التجسس، وتوفير المعلومات للحكومات والجيوش.
الغواصات
بات للغواصات دور متطور للغاية في ساحة المعركة الرقمية، حيث تستخدم كمنصات للقرصنة تحت الماء، فهي من ناحية تعمل بصورة دفاعية لحماية نفسها والبلاد من أي هجوم غير أنها لها دور آخر تؤديه في تنفيذ هجمات إلكترونية على عدد من البلدان الأخرى
وفي 2019، قال المدير العلمي لمركز "كريلوف" الحكومي الروسي للأبحاث، فاليري بولوفينكين، إن موسكو قد تطور غواصات "صامتة" جديدة مختلفة تماما عن تلك الموجودة حاليا، مضيفا: "ربما ستكون الغواصات الواعدة القادمة شبيهة بالصحون الطائرة، والأهم من ذلك أنها ستوجه عن بعد وتعمل من دون طواقم".
وفي 2020، اكتشف صيادون صينيون الصدفة غواصة ذاتية التحكم مزودة بنظم استشعار تستخدم للتجسس والاستطلاع العسكري في شباك سفينة لصيد الأسماك في البحر الأدرياتيكي قبالة سواحل الصين، وفق "فوربس" الأميركية.
طائرة الحشرات
في عام 1974، عرضت وكالة المخابرات المركزية الأميركية لأول مرة "طائرة الحشرات"، وهي عبارة عن حشرة مزيفة يتم التحكم فيه عن بعد ومصممة لتسجيل المحادثات التي تهمك سرًا.
ورغم ثبوت أن الجهاز غير عملي حتى في ظل الرياح الخفيفة، غير أن "طائرة الحشرات" أثبتت أنه يمكن استخدام الآلات الجوية بدون طيار بشكل عملي لجمع المعلومات.
المسيرات
لم تتوقف وسائل الدول الكبرى عند الأدوات التقليدية للتجسس حيث طورت خلال السنوات العشرين الأخيرة طائرات بدون طيار يمكنها أن تجوب العالم خلال فترة وجيزة وتعد طائرة التجسس من طراز "لوكهيد يو-2" التي يبلغ عرضها ضعف طولها نموذجا في هذا الدور.
ورغم أنه بدأ استخدامها قبل 65 عاما، ما زالت تتفوق في مجالها وتصل إلى أجواء لا يتسنى لأي طائرة مماثلة العمل فيها.
كابلات الإنترنت
بدأ التجسس تاريخيا عبر البحار بالكابلات التي مدتها أميركا في الأعماق خلال الحرب الباردة؛ للتجسس على روسيا لكن الأمر تطور مع ظهور وسائل الاتصال الحديثة.
تسعى واشنطن حاليا لترقية برامج بعينها لتطوير وزيادة مدى التنصت للغواصات.