30.57°القدس
30.33°رام الله
29.42°الخليل
32.49°غزة
30.57° القدس
رام الله30.33°
الخليل29.42°
غزة32.49°
الأربعاء 09 يوليو 2025
4.57جنيه إسترليني
4.74دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.94يورو
3.36دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.57
دينار أردني4.74
جنيه مصري0.07
يورو3.94
دولار أمريكي3.36

خبر: السافية.. "راحة بال" تهددها "مقالع الرمال"

على سطح "سافية" هي أشبه "بتل"، كونتها كثبان من الرمال الصفراء، ناعمة الملمس، تجلس عائلات في حلقات متباعدة، تداعب وجوههم نسمات هواء عليل، ترسل الشمس أشعتها الحمراء عند الغروب فترسم في المكان لوحة فنية تسر الناظرين، فتزيل ما في النفوس من كدر وتعب. عرف الناس طريقهم إلى تلك المناطق الخالية من البنيان والسكان، بعيد الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005، إذ كانت هذه المساحات الشاسعة عبارة عن مستوطنات ومواقع عسكرية احتلتها "إسرائيل" عام 1967. ومع ضغط العمل وتبعات الحياة ، ينظر المواطنون "للسافية" على أنها متنفس جديد، وملاذ لهم بحثا عن جلسات هادئة بلا صخب أو ضجيج ، في ظل نقص عدد المتنزهات و الحدائق العامة خاصة في جنوب قطاع غزة، والتي بسبب قلتها لا تجد فيها متسعا للجلوس العائلي. ورغم أن البحر يعتبر قبلة المصطافين في الصيف خاصة، إلا أن أبو محمد يفضل "طشة السافية" حيث الهدوء وراحة البال التي لم يشعر بها على شاطئ البحر الذي يعج بالناس والباعة و المتجولين، يتحدث مع زوجته بلا حسيب وتعلو الضحكات بلا رقيب، يلهو طفلاهما في محيط نظرهم، تارة يرسمان ويكتبان على الرمال وتارة أخرى يتسابقان، وهما يرقبان دون قلق أو وجل. وغير بعيد عنهم، نصب مجموعة من الشبان "شبكة لكرة الطائرة"، في مشهد غاب كثيرا عن الساحة الرياضية لغياب النوادي الخاصة وطغيان العمران على أراض كانت يوما ما ملعبا لهم. كما وجد البائع أبو عبد الله في تجمع المصطافين على "السوافي"مصدر رزق له، إذ يتجول بينهم عارضا بضاعته من مكسرات ومسليات وألعاب أطفال. وعلى أطراف "السوافي"حيث توجد الأحراش البرية اتخذ منها عدد من الرعاة مرتعا لرعي قطعان الأغنام والخرفان. وسط هذه المشاهد المفعمة بالحياة، يبدي المواطنون قلقهم من زحف العمران والبناء، فيقضى على "راحة بال وجدوها في الخلاء". وتشاهد "مقالع الرمال" على مقربة منهم، حيت تعمل "الجرافات" على قدم وساق، لنقل "الرمال الصفراء"، عبر شاحنات ضخمة إلى وجهات مختلفة لتلبية الحاجة العمرانية في القطاع. تستخدم الأراضي بعد ذلك، لإقامة مشاريع زراعية أو اسكانية وفق ما تراه وتقرره الحكومة، لسد حاجة ملحة سواء في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضروات والفواكه كما هو حال "مزارع الحياة" و"الامارات" و"بيروحاء الكويت للنخيل"، أو حل مشكلة السكن كالمشروع الإسكاني الكبير الذي افتتح مؤخرا بوجود أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قبل أكثر من خمسة أشهر في خانيونس شمال رفح. وتم الانتهاء مؤخرا من بناء الحي السعودي (1،2)، على مساحة واسعة من " سوافي المحررات " غرب رفح بعد تسويتها بالأرض، لإيواء أكثر من 2000 عائلة كانت هدمت جرافات الاحتلال الإسرائيلي منازلهم مطلع الانتفاضة الشعبية قبل أكثر من عشر سنوات. قطاع غزة عانى إبان الاحتلال الإسرائيلي من سرقة رماله واستخدامه في بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة وغزة، ما أثر سلبا على المخزون المائي للقطاع ، حيث تكمن أهمية "السوافي الرملية"، إضافة إلى كونها "متنفس جديد للناس"، في فلترة المياه بما يمنع وصول الملوثات للخزان الجوفي. ويضر الاستخدام الجائر للرمال بمخزون المياه، كما أن الاستخدام العشوائي للمقالع الساحلية يزيد من تلوث المياه الجوفية واختلاطها بمياه البحر، حسب ما يقول الباحث علاء مطر، مستندا إلى أبحاث و دراسات أظهرت أن 95% من مياه قطاع غزة ملوثة، وغير صالحة للشرب. أمام هذا الخطر المحدق بالمخزون المائي، يجري البحث عن طرق وبدائل منها إعادة تدوير مخلفات البناء في غزة والاستفادة من الرمال الناجمة عنها واستخدامها في العمل، و استيراد الرمال من شبه جزيرة سيناء، لقربها من القطاع. وفي حال النظر جديا بهذه التحذيرات والعمل على البدائل المطروحة، فإن ذلك يصب في مصلحة المواطن أولا وأخيرا ، من جهة أنه سيشرب مياه نقية نظيفة، إلى جانب ضمان الابقاء على "السوافي"، ملاذا له من مخيمات وأحياء أشبه "بعلب السردين"حيث الحياة لا تطاق، خاصة ونحن نتحدث عن أكثر منطقة ازدحاما بالسكان مقارنة بصغر المساحة.