12 مارس 2013 . الساعة 05:29 ص بتوقيت القدس
أكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أنها تلقت شهادات وشكاوى من عائلات مواطنين فلسطينيين قامت أجهزة الضفة باعتقال أبنائهم وإخضاعهم لتعذيب شديد، حيث لم يشفع لهؤلاء حقيقة قضائهم سنوات طويلة في سجون الاحتلال، بل إن منهم يحقق معه على التهم التي حُوكم بموجبها لدى محاكمه العسكرية. وتشترك الشهادات التي أدلى بها ذوو المعتقلين في تأكيد أن أبناءهم تم اعتقالهم في منتصف الليل أو اختطف من الشارع أو من مكان عمله بدون مذكرات قضائية وتم إيداعهم سجون لا تخضع لرقابة القضاء, وإخضاعهم لتعذيب شديد. والد المعتقل طارق ادعيس المهندس أنور قال في شهادته: "ابني طارق ولد بتاريخ 11/10/1982 من مدينة الخليل متزوج وله طفل ويعمل في مجال المحاسبة، اعتقل 4 مرات لدى الاحتلال ما مجموعه ست سنوات وثمانية أشهر", مضيفاً: "آخر مرة أفرج عنه بتاريخ 27/09/2012 حيث قضى سنتين كاملتين، وبعد 16 يوماً استدعي من جهاز الوقائي ما مجموعه 3 مرات ولدى جهاز المخابرات العامة 5 مرات". ويضيف: "بتاريخ 7/01/2013 تم اختطافه من الشارع، حيث اعترض سيارته سيارتين من الأمام والخلف، تم الاتصال بي من أحد الناس وأبلغني بأن ابني خطف على أيدي مجهولين, وعند البحث تبين أن طارق مختطف من جهاز المخابرات العامة في الخليل, وهناك علمنا من مصادر خاصة تعرضه للشبح والتعذيب, وبعد ثلاثة أيام تم نقله إلى مديرية التحقيقات المركزية في أريحا". وتابع: "بتاريخ 13/01/2013 عرض على محكمة الصلح حيث وافقت القاضية على طلب المخابرات بتمديده لمدة 15 يوماً، وكلما تنتهي المدة كان يتم عرضه على نفس القاضية وتمدده لمدة 15 يوما, وفي المرة الثالثة وبتاريخ 17/02/2013 قررت القاضية الإفراج عنه بكفالة ماليه قيمتها 250 دينار، لكن المخابرات رفضت تنفيذ القرار, والغريب أنه بتاريخ 25/02/2013 أحضر أمام نفس القاضية، حيث أمرت بتمديده مدة يومين". ويمضي ساردا ما جرى مع نجله: "خلال جلسات المحكمة كان طارق يغتنم انشغال أفراد أجهزة الضفة ويرينا آثار التعذيب على أذرعه، حيث تظهر علامات الاحمرار والبقع الزرقاء الداكنة, وفي أحد الجلسات قال طارق للقاضية "بشبحوني يا ستي"". "بتاريخ 27/02/2013 عرض على رئيس محكمة بداية أريحا القاضي أحمد الطوباسي، شرح طارق للقاضي قائلا: "يا سيدي إحنا بنتعذب وأنا عذابي عذابين طول الليل مشبوح, هذا عذاب وعذاب آخر أنني أسمع صراخ الأخرين اللي بتعذبوا", فرد القاضي أنه سيشكل لجنة للتحقيق وزيارة السجن، وعلى الرغم من شكوى طارق طلبت المخابرات تمديد توقيفه مدة 45 يوماً إلا أن القاضي رفض التمديد حتى تحضر المخابرات ملفه وأمهلهم حتى تاريخ 4/3/2013, وفي هذا التاريخ قرر القاضي وبعد الاطلاع على الملف الإفراج عن طارق بكفالة ماليه تقدر بـ 3000 دينار" حسب والد طارق. وأردف: "بعد أن تم دفع الكفالة رفضت المخابرات الإفراج عنه, وعند مراجعة القاضي قال إن هؤلاء يتصرفون معنا بصلاحيات أعلى من الرئيس"، ونصحني القاضي بالتوجه إلى منظمات حقوق الإنسان". ويكمل: "بتاريخ 07/03/2013 اتصل بنا أحد المعارف وأخبرنا بأن طارق أفرج عنه وهو الآن خارج السجن وبعد فترة وجيزة اتصل الرجل المعرفة مرة أخرى وأخبرني أن سيارة مخابرات أعادت اعتقال طارق, فاتصلت بالعقيد أمين صوالحة قائد منطقة الخليل, والمدير المالي للمخابرات سفيان المحتسب وطلبت منهم معرفة مكان ابني، فأخبروني أنه موجود في مديرية مخابرات أريحا, وبعد جهود طويلة تمكنت والدته وزوجته من زيارته في المديرية بحضور المحتسب ومدير المخابرات, وفي الجلسة قال الأخير: "إن طارق بعد الإفراج عنه من مديرية التحقيقات المركزية وصلتنا معلومات جديدة وتم اعتقاله في قضية جديدة"". "طلب طارق من المحتسب أن يتوسط لكي يوقفوا التعذيب وأن لا يستمر, علمنا من المحامي أن مديرية المخابرات عرضت طارق على القضاء لتمديده فرفض القضاء هذا الطلب، ونحن كعائلة قلقون جداً على مصير ابننا وكلنا أمل من منظمات حقوق الإنسان أن تحق الحق، وأن يعود طارق إلى أهله وعمله ودراسته لا أن يقضي عمره بين سجون الاحتلال وأجهزة الضفة", كما قال الوالد, وتساءل: هل ذنب طارق أنه ناضل خدمة لشعبه ووطنه؟! [title]شهادة ثانية[/title] أما زوجة المواطن كريم شاهين، قالت: "زوجي مواليد عام 1974 من الخليل له ثلاثة أطفال, اعتقل سابقاً لدى الاحتلال، ويعمل فني أجهزة مكتبية, بتاريخ 25/02/2013 جاءت قوة مسلحة كبيرة إلى البيت، حيث قاموا بتفتيشه ومصادرة حواسيب وهواتف، وعلمنا أنه تم اقتياد زوجي إلى سجن أريحا ولمدة أسبوعين لم نعلم عنه شيئا". وتضيف: "بتاريخ 27/02/2013 عرض على محكمة الصلح وكان بادياً عليه آثار التعذيب, حالته يرثى لها ويده الشمال لا تتحرك (مشلولة) نتيجة الشبح, لم يستطع أن يدلي بإفادته ورغم ذلك تم تمديده مدة 15 يوماً, عند اعتقال زوجي كان وضعه الصحي جيد ولا يعاني من شيء, وبتاريخ 2/03/2013 سمح لنا بزيارته أنا ووالدته وأبوه لمدة 10 دقائق، وكان من المستحيل أن نعلم ما يحدث لوجود المحقق والحراس، حيث لا حظنا عليه التعب الشديد ولا يستطيع تحريك يده". [img=032013/re_1363023699.jpg][color=red]آثار التعذيب على جسد أحد المعتقلين المفرج عنهم من سجون السلطة (أرشيف)[/color][/img] [title]قصة جديدة[/title] وتأكيداً على نهج التعذيب، قالت زوجة المعتقل عواد زهري الرجبي: "زوجي من مواليد عام 1976 من مدينة الخليل لم يرزق بأولاد, بعد ثماني سنوات من الفحوصات تقرر إجراء زراعة، لكن قبيل العملية تم اعتقاله بتاريخ 18/02/2013, وعلى الرغم من تدخل الكثيرين للإفراج عنه حتى تتم الزراعة، إلا أن جهاز الوقائي رفض". وتتابع: "أمضى زوجي 9 سنوات في سجون الاحتلال كان آخرها قضاء حكم مدته 4 سنوات ونصف, استدعي بتاريخ 14/02/2013 من الوقائي، وفي المقابلة طلب منه المحققون إحضار لائحة الاتهام التي حوكم بموجبها لدى الاحتلال ليعود بتاريخ 18/02/2013, وفي ذلك التاريخ لم يعد", مضيفةً: "وفي المساء علمنا أنه تم توقيفه, ومن خلال مصادر أخبرنا أنه في سجن الوقائي في الخليل, فحاولنا بكل الطرق زيارته, وبعد أسبوع قيل لنا إنه من الممكن زيارته, وعند وصولي أنا ووالدته إلى مقر الاعتقال رفضوا السماح لنا بذلك، وبعد إصراري سمح لي برؤيته". وتقول: "عندما أحضروه صعقت عندما رأيته, شعرت أنه نصف إنسان, وجهه شاحب ويسير بخطى متثاقلة, وتم سحبه بسرعة ولم يسمح لي بالحديث معه, وحدث بيني وبين المحققين مشادة وطردوني, وبتاريخ 07/3/2013 ذهبت إلى المحكمة في الخليل, كان زوجي متعب جداً وسألته عن التعذيب عندما سنحت الفرصة فأجابني "وشوشة": "هناك تعذيب", وأردفت: "في المحكمة تم تمديده لمدة 15 يوم، وتم سحبه بطريقة غريبة من المحكمة وكأنه مجرم وليس إنسان دافع عن وطنه, وسألتهم لماذا أخذتموه بهذه الطريقة فقال أحدهم: "تحقيق ... تحقيق"". [title]تعذيب ممنهج[/title] وأكدت المنظمة العربية أن أجهزة الضفة تمارس التعذيب المنهجي في سجون خارج رقابة القضاء وترفض تنفيذ الأحكام القضائية بإطلاق سراح المعتقلين، ما يطرح تساؤلاً هاماً: من أين تستمد هذه الأجهزة سلطتها؟ وشددت أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي وبالطبع الاحتلال يعلمون ما تقوم به هذه الأجهزة في سجونها من خلال البعثات والتنسيق بين الجهات المذكورة, وهو ما يجعل هؤلاء جميعاً متورطين بجرائم التعذيب. وقالت: "آن الأوان وبعد فتح ملفات التعذيب في العراق وأفغانستان أن يفتح ملف الانتهاكات في الأراضي المحتلة على يد أجهزة الضفة، فالأدلة المتراكمة تثبت تورط أجهزة مخابرات إسرائيلية وأوروبية وأمريكية في عمليات التعذيب". وحملت المنظمة رئيس السلطة محمود عباس شخصياً المسئولية الكاملة عما تقوم به أجهزة الضفة من عمليات تعذيب ومعاملة حاطة للكرامة للمواطنين الفلسطينيين في سجون الضفة، وتذكره أن الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال محمي بموجب اتفاقيات جنيف وقواعد القانون الدولي الآمرة, وأن المخالفات الجسيمة لهذه القواعد تشكل جرائم ضد الإنسانية.