تطور العلاقات السعودية الإيرانية تُعَد من المهمات الكبيرة التي نجحت الدبلوماسية الإيرانية في تحقيقها والتغلب على المعوقات التي تقف في طريقها كملف الحوثي، وتُعَد هذه الخطوة من الإنجازات المهمة على المستوى الإستراتيجي، وتفتح الطريق أمام إيران لعلاقات أفضل في الإقليم، وهذا يستدعي من إيران أن تدرك حجم الخطوة التي أقدمت عليها، ووزنها الإستراتيجية والسياسي والٌإقليمي، وأن تقدم مقابلها مرونة تتناسب مع حجم الإنجاز لتحافظ عليها وتطورها باتجاهات أكثر إيجابية، لأن الخطوة قد تساهم في تطوير العلاقات العربية البينية وتُشكل أرضية خصبة لدخول إيران للنادي العربي بقوة منافسة للدبلوماسية الإسرائيلية، وهذا سيربك الحسابات الأمريكية والإسرائيلية، وخصوصاً أن إسرائيل غارقة في مشاكلها الداخلية التي أكلت كثيراً من هيبتها.
لا شك أن العلاقة بين الطرفين هي مصلحة مشتركة تخدم السعودية بالخروج من المستنقع اليمني الذي استنزفها اقتصادياً وأمنياً، وبالمقابل هو مصلحة إيرانية أكبر لأنها أنجزت فيه عدة انتصارات مهمة، أبرزها: الحد من التوترات الإقليمية، والتفرغ للصراع المركزي مع إسرائيل والأمريكان، والاهتمام بتطوير مكانتها الإقليمية خصوصاً مع الخليج ثم مصر.
إضعاف التحالف الإقليمي بقيادة الولايات المتحدة، وفتح الطريق أمام الدبلوماسية الصينية المنافسة لها.
توجيه ضربة قوية لإسرائيل التي لم تتوقع ذلك وكان رهانها على تعميق العلاقة مع السعودية، وتوسيع دائرة التطبيع مع بقية الدول العربية، بل كانت تسعى بكل إمكاناتها لبناء تحالف عسكري أمني مع السعودية هدفه محاصرة إيران، لكن آمالها تبعثرت بعد ظهور الاتفاق السعودي الإيراني.
الاتفاق قد يُساهم بشكل مهم في تخفيض التوترات في الوسط العربي، في أكثر من ملف شائك مثل اليمن وسورية وليبية، ويفتح فرص الحياة بهدوء بعيداً عن حالات الشد والخلاف. فتح الطريق أمام إيران إذا أحسنت استثمار الفرصة في تطوير علاقاتها بالإقليم، فهي تحتاج أن تطمئن دول الجوار، وتفيض أمامهم مرونة وإيجابية.
هناك فرصة في ظل ضعف الهيبة الإسرائيلية في المنطقة والخلافات بينهم وبين الأمريكان، أن تستفيد إيران من اللحظة، وتنطلق بسياسة خارجية جديدة ودبلوماسية منفتحة، ومبديةً الاستعداد لدعم العرب والوقوف إلى جانبهم في السياسة والاقتصاد.
وخصوصاً أن هناك زيادة في الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية بعد تصاعد العنف والإرهاب الإسرائيلي، فقد ألغت الإمارات بعض صفقات الأسلحة، وللآن لم تدع نتانياهو لزيارة الإمارات، رغم الدفء في العلاقات بين البلدين، فقد كان للصراعات الإسرائيلية الداخلية دوراً مهماً في التأثير، كما أن الاقتحامات المتكررة للأقصى، وبناء المستوطنات في الضفة الغربية، من العوامل التي دفعت هذه الدول أن تراقب وترتعد فرائصها خوفاً من المستقبل الذي ينتظر الكيان.