تحظى البطولات الرياضية الرمضانية في قطاع غزة، بشعبية كبيرة على مدار السنوات الماضية، إذ لعبت دورا مهما في حياة الشباب والرياضيين في القطاع، حيث شكلت بالنسبة لهم فضاء مناسبا للترفيه ولممارسة رياضتهم المفضلة خلال الشهر الفضيل.
وخلال شهر رمضان تكثر بطولات الأحياء الشعبية والمخيمات الرياضية، رغم ما تعانيه هذه الأحياء من نقص الامكانيات وعدم توفر مساحات كافة لممارسة اللعبة المحببة، نتيجة الاكتظاظ السكاني، إلا لأنهم تمكنوا من تطوير هذه اللعبة، وإنشاء بطولات وفرق خاصة بهم.
وتخطف البطولات الرمضانية قلوب الجماهير، أكثر من المنافسات الرسمية التي تقام خلال شهر رمضان، وباتت جذابة للعشاق والمتابعين، وتطورت مع مرور السنوات، فهي غالباً ما تكون محملة بقصص وحكايات.
وتعد كرة القدم هي الوسيلة الأولى، كونها العشق الأول والأبدي لملايين من الناس حول العالم، وتحديداً في فلسطين، التي تتميز بحبها لكرة القدم وخاصةً في الحارات والشوارع والمخيمات، فتنظم البطولات الشعبية، من اجل الترفيه عن أنفسهم في ظل الحياة المعيشية الصعبة والحصار المفروض عليهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 16 عاماً.
وفي إطار هذه المقدمة، نستعرض في وكالة "فلسطين الآن" لكم بين السطور أهمية البطولات الرمضانية في قطاع غزة.
تقوية الروابط الاجتماعية
واعتبر المحلل والناقد الرياضي يوسف غنيم، أن "البطولات التي تُقام في شهر رمضان من كل عام، تُساهم في التخفيف والترويح عن المواطنين والرياضيين من ضغط الحياة، إذ تعتبر المتنفس أمام المواطنين بالقطاع".
وأكد غنيم في حديثه لـ"فلسطين الآن"، أن "البطولات الرمضانية الودية تعتبر أمرا جيدا بالنسبة للاعبين، حيث تمنح هذه البطولات الفرصة لكشافي الأندية، للبحث عن المواهب الصاعدة، حيث تضع بعض الأندية أعينها على أقوى البطولات لاختيار أبرز اللاعبين لضمهم لفرقهم الكروية، كما ترسخ هذه البطولات الرمضانية روح التعاون والإخاء في هذا الشهر الفضيل، وتدعم أهمية الحركة والنشاط".
وأضاف: "البطولات الرمضانية تكسر الروتين الرمضاني، وتهدف إلى تقوية الروابط الاجتماعية، بين أبناء المخيمات والمناطق في القطاع، والذين يتجمعون في فرق متعددة، أو يتجمعون في المدرجات للمشاهدة، مبيناً أفضل ما تحمله طيات هذه البطولات، هو الروح الرياضية العالية بين الفرق المشاركة".
وتابع: "البطولات بدأت في السابق بهدف المشاركة، أما الآن فجميع الفرق تشترك في هذه البطولات هدف المنافسة، للحصول على اللقب بنهاية المطاف، وهذا ما يتضح من خلال مستويات الفرق المشاركة، وأيضاً من خلال الأسماء التي تضمها بعض الفرق، حيث تضم بعض الفرق لاعبين محترفين أو لاعبين هواة".
وختم غنيم حديثه بالقول، إن "البطولات الرمضانية في قطاع غزة تلعب دوراً مهماً في اكتشاف المواهب الشابة، والتي ستكون بمثابة المخزن المستقبلي للعديد من الأندية الغزية، والتي باتت تفتقر للناشئين في أنديتها، ما يجعل البطولات الرمضانية أمر سهل على الأندية لاكتشاف العديد من المواهب التي يمكن ضمها لفرقهم الرياضية".
المتنفس الوحيد للاعبين والجماهير
بدوره قال جمال الأفغاني لاعب كرة قدم في خدمات البريج، إن "البطولات الرمضانية التي تقيمها المؤسسات المحلية والأهلية في قطاع غزة بمثابة تنشيط للاعبين في ظل أجواء رمضان الغير عادية، مبيناً أن البطولات تعمل على ترابط اللاعبين مع بعضهم البعض والابتعاد عن ضغوطات الأندية وعن البطولات الرسمية".
وأكد الأفغاني في حديثه لـ"فلسطين الآن"، أن "استمرار هذه البطولات سنوياً يشجع اللاعبين على المشاركة فيها، لأنها المتنفس الوحيد للاعبين والجماهير في ظل الظروف الخانقة التي يعيشها قطاع غزة، إضافة لكونها مصدر تقوية الروابط والعلاقات الاجتماعية، بين أبناء المخيمات والمناطق في القطاع".
وأضاف: "لا نجد مكانًا نقضي به وقتنا بعد صلاة التراويح سوى متابعة والمشاركة ومشاهدة تلك المباريات التي ترف عن النفس، خاصة أننا نُعاني من ويلات الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 16 عاماً".
وختم حديثه: "النجاحات في البطولات الرمضانية يعتمد على نوعية الملاعب المُقام عليها إلى جانب الفرق وأسماء اللاعبين المتواجدين فالنجاح متواجد ولكن يتفاوت من بطولة إلى بطولة".
الملاذ الأول للنجوم والمواهب
واعتبر وائل الحلبي الصحفي الرياضي في صحيفة "فلسطين"، بأن "البطولات الرمضانية تحظى بتنظيم مميز وتنافس بين البطولات في المناطق وداخل الأندية، حيث تتمتع بالمشاهدة والمتابعة للمباريات وكأنها بطولة دولية، فالاهتمام المتزايد بهذه المباريات، جعل مواقع التواصل الاجتماعي تبرز هذا الحدث، ويتداول رواده الصور والفيديوهات، التي بدت لكثيرين ملهمة ومؤثرة، حيث يظهر اللاعبون والمشجعون وكذلك معلقون عبر هذه البطولات".
وقال الحلبي خلال حديث لـ"فلسطين الآن"، إن "البطولات الرمضانية التي تعلب في الأحياء الشعبية تعتبر الملاذ الاول للنجوم والمواهب ومنهم المواهب التي ترفض أن تلعب في الأندية وفي نفس الوقت هي ملاذ اللاعبين الذين يحبون أن يعبروا عن نفسهم".
وأشار الحلبي إلى أن "البطولات الساحات الشعبية في رمضان تطيف نكهة كبيرة للمتابع الرياضي في قطاع غزة، مبيناً أن هذه الظاهرة ايجابية ويجب الاهتمام بها ودعمها بشكل جيد حتى تأتي بالغرض الأهم وهو اكتشاف مواهب".
وأضاف: "تلعب البطولات الرمضانية دوراً مهماً في اكتشاف المواهب الشابة ودائماً ما تكون منجم مواهب جديدة للاعبي كرة القدم، وصناعة ثقافة رياضية من روح الشباب الذي يمر بظروف قاهرة، في قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من 16 عاماً".
وتابع: "البطولات الرمضانية في قطاع غزة تحول الطاقة السلبية والروتين الممل إلى طاقة إيجابية، من خلال جعل الشباب المنعزلين عن المجتمع يختلطون بالرياضيين في تلك المنافسات، وبالتالي يستطيعون تكوين صداقات قوية، وتقربهم من المجتمع الرياضي في القطاع".
أبرز البطولات
وتقام في قطاع غزة العديد من البطولات الرمضانية القوية، والتي تشهد متابعة جماهيرية كبيرة، خاصة مدينة رفح معقل الكرة الفلسطينية، والتي تقام فيها أكثر من بطولة.
وفي وسط قطاع غزة، تقيم العديد من المؤسسات والتنظيمات البطولات الرمضانية، ففي مخيم البريج، تقيم اللجنة الرياضية التابعة لحركة حماس، العديد من البطولات الرياضية في مختلف الألعاب، مثل كرة القدم للكبار والصغار، وكرة السلة، وكرة اليد، وكرة الطائرة، وتنس الطاولة والشطرنج.
أما مخيم النصيرات، فيشهد العديد من البطولات التي يشرف عليها لاعبون او عاشقون للعبة في المخيم.
وفي مخيم المغازي تنظم في نادي خدمات المغازي بطولة سنوية لكرة القدم، باسم "بطولة شهداء المغازي الرمضانية"، والتي تشهد حضوراً مميز من الجماهير.
وأطلق عبد السلام هنية الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للشباب والرياضة في شهر رمضان الجاري، بطولة رمضانية تضم نجوم اللعبة على مستوى القطاع على الملاعب الخماسية.
وفي دير البلح، تقيم البلدية سنوياً بطولة العائلات، والتي يشارك فيها معظم عائلات المدينة، وتشهد حضوراً جماهيراً كبيراً.
أما محافظة خانيونس فتشتهر ببطولة "أحرار رغم الحصار"، والتي تشهد مشاركة واسعة من لاعبي الأندية والهواة، إضافة للحضور الجماهيري الكبير