يُحيي الفلسطينيون في الوطن والشتات يوم الأسير الفلسطيني في 17 نيسان من كل عام ليذكًروا العالم أجمع بالأسرى الفلسطينيين، وما يتعرضون له يوميًا من أبشع صنوف العذاب والانتهاكات والتجاوزات في السجون الصهيونية، والتي فاقت وتجاوزت جميع الأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية، وفي مقدمتها القانون الإنساني الدولي، واتفاقية "جنيف الرابعة"، ومبادئ حقوق الإنسان، و"النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية".
ومن أبرز هذه الانتهاكات: إساءة المعاملة، والاحتجاز في ظل ظروف غير إنسانية، والتعذيب النفسي والجسدي، والحرمان من حقهم في الزيارة من غالبية ذويهم وأهاليهم بذريعة الحرمان الأمني؛ والاعتقال الإداري دون محاكمة، والعزل القصري الانفرادي الذي يمتد أحيانًا لسنوات عدة، وعدم توفير العناية الطبية الملائمة، واقتحام غرفهم على أيدي وحدات قمع خاصة ورشهم بالغاز، والتفتيش العاري؛ إضافة إلى لجوء دولة الاحتلال إلى شرعنة ممارساتها ضدهم بإصدار سلسلة من القوانين العنصرية، وفي مقدمتها قانون إعدام الأسرى.
فلم تعد قضية الأسرى في السجون الصهيونية تخص الفلسطينيين وحدهم بل تخطت ذلك إلى الاهتمام والاحتضان الدولي بها لما تمثله هذه القضية من انتهاك سافر من دولة الاحتلال لآلاف الأسرى يوميًا، إذ تشير المعلومات والتقارير المستفيضة أن سياسات الاحتلال بحق أسرانا تشكل نقضًا فاضحًا للقيم الإنسانية وخرقًا جسيمًا للمبادئ الأخلاقية البسيطة، وخروجًا سافرًا على الشرائع والمواثيق الدولية المعمول بها في الدول التي تحترم الإنسان وإنسانيته.
قضية الأسرى وخاصة الإداريين منهم تمثل قضية ملحّة للشعب الفلسطيني وللشعوب التي تتوق إلى تحرير الإنسان من هيمنة ظلم الاحتلال عمومًا، والجميع يرى أن الحل الوحيد لهذه القضية هو زوال الاحتلال الصهيوني والذي سينتج عنه تلقائيًا الإفراج الفوري وغير المشروط عن الأسرى.
ما من شك أن العدو الصهيوني يستغل الأوضاع الساخنة في المنطقة والعالم ليمارس القمع بحق أسرانا البواسل، فمنذ أن وطأت أقدام الاحتلال أرض فلسطين -وفي محاولة منه للسيطرة على شعبنا وإخضاعه بجميع السُبل غير المشروعة- افتتح المحتل السجون والمعتقلات التي لا تتوافق مع أبسط قواعد حقوق الإنسان، منها السري ومنها المعلن، ليزجّ بمئات آلاف الرجال والنساء والشباب والأطفال الفلسطينيين في ظروف اعتقالية أقل ما يقال عنها أنها عنصرية تسعى إلى طمس شخصية المعتقل، وإخضاعه لجميع ألوان العذاب بمجرد وقوعه في أيدي جنود الاحتلال وضباط مخابراته، مثل التعذيب الجسدي الذي لا يخرج منه المعتقل إلا بمرض مزمن، أو عاهة مستدامة، عدا عن أصناف العذاب النفسي الذي يترك آثاره السيئة على المعتقل فيما بقي له من الحياة.
إن قضية الأسرى في سجون الاحتلال هي بحق من أخطر قضايا الصراع بيننا وبين المحتل، والتي يجب على الجميع أن يسعى بجميع الوسائل لإيجاد حل يستطيع أن ينهي معاناة أكثر من خمسة آلاف أسير، منهم نساء وأطفال ومرضى ومسنون يختطفهم المحتل في محاولات رخيصة لابتزازهم وإخضاعهم لإرادته.